النجوم النيوترونية المغناطيسية تحتوي على أقوى المجالات المغناطيسية المرصودة في الكون، وهي أقوى بمليارات المرّات من المجال المغناطيسي على الأرض (إي إس إيه)
في حدث فلكي نادر التقط القمر الصناعي "إنتغرال" التابع لوكالة الفضاء الأوروبية يوم 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2023 بالصدفة وميضا لحظيا قادما من المجرة "مسييه 82" التي تقع على مسافة 12 مليون سنة ضوئية من أرضنا، ومن شدة سطوعه غطى على لمعان المجرة بأكملها، وهو ما يشير إلى انفجار هائل وقع في المجرة.
ونتج عن هذا الانفجار تدفق لأشعة غاما عالية الطاقة التي لفتت انتباه فريق بحثي بقيادة علماء من جامعة ميلانو الإيطالية لدراستها. وبسبب كثافة أشعة غاما التي انطلقت جراء الانفجار، يعتقد العلماء أنّ الانفجار وقع نتيجة لتفاعلات شديدة على سطح نجم نيوتروني فائق القوّة.
وتنشأ النجوم النيوترونية من بقايا النجوم التي تزيد كتلتها عن كتلة الشمس بنحو 8 مرّات، فعندما ينتهي مخزونها من الوقود تنفجر على هيئة مستعر أعظم، وبدلًا من أن تتحوّل بقايا النجم إلى ثقب أسود، فإنّها تتحول إلى نجوم نيوترونية صغيرة الحجم لكنها ذات كتلة هائلة.
وبحسب دراستهم التي نشرت في دورية "نيتشر" يوم 24 أبريل/نيسان الجاري، وجد الفلكيون أنّ شدة مجال هذا النجم النيوتروني المغناطيسي أقوى بأكثر من 10 آلاف مرّة من المجالات المغناطيسية عند النجوم النيوترونية المعتادة، مما يُدرج هذا النجم ضمن "النجوم المغناطيسية". ويمتلك هذا النوع من النجوم أقوى مجالات مغناطيسية مرصودة في الكون، وتنبعث منها الطاقة من خلال التوهجات الضخمة.
عندما ينتهي مخزون النجوم النيوترونية من الوقود تنفجر على هيئة مستعر أعظم، وبدلًا من أن تتحوّل إلى ثقب أسود تتحول إلى نجوم نيوترونية صغيرة لكنها ذات كتلة هائلة (شترستوك)
ويقدر قوة المجال المغناطيسي لتلك النوعية المتفردة من النجوم بحوالي ألف تريليون مرة من قوة المجال المغناطيسي للأرض، ويصل الأمر لدرجة أن تطلق بعض النجوم المغناطيسية في ثانية واحدة ما تطلقه الشمس في مليون سنة.
ولم يستمر الانفجار سوى عُشر ثانية فقط، إلا أنّ سرعة استجابة القمر الصناعي "إنتغرال" التابع لوكالة الفضاء الأوروبية، وإخطار الفرق العلمية حول العالم في غضون 13 ثانية فقط من لحظة وصول إشارة الانفجار، ساهم في استغلال الفرصة لمراقبة ورصد ما تبقى من الانفجار.
يقول الدكتور "ساندرو ميريغيتي" من المعهد الوطني للفيزياء الفلكية بإيطاليا الباحث الرئيسي للدراسة المشار إليها والمنشورة في مجلة "نيتشر": "لقد أدركنا على الفور أنّ هذا كان تنبيها خاصا، كما أننا نعلم بأنّ انفجارات أشعة غاما تأتي من مسافات بعيدة وفي أي مكان في السماء، ولكن هذا الانفجار جاء من مجرّة قريبة منّا".
وعلى الفور راجع فريق الدكتور ميريغيتي التلسكوبات الأرضية والفضائية ووُجهت نحو نقطة الانفجار، لكنهم لم يجدوا أي أثر أو إشارة لأشعة مرئية أو أشعة سينية أو حتى أثر لموجات الجاذبية. لذا يعتقد الفلكيون أنّ هذه الإشارة مميّزة للغاية وفريدة من نوعها.
وضمن 50 عاما من عمليتي البحث والرصد، تمكن العلماء من التقاط 3 انفجارات عملاقة فقط مصدرها نجوم نيوترونية مغناطيسية. وإحدى تلك المرات الثلاث كانت في عام 2004، وكان الانفجار قويا للغاية لدرجة أنّها أثرت في الغلاف الجوّي العلوي للأرض بنفس تأثير التوهجات والانفجارات التي تأتي من الشمس.