جذور القهوة العربية ترجع إلى أكثر من نصف مليون سنة مضت ولم يطأها أيّ تلاعب جيني بشري (أن سبلاش)
أقدم باحثون على جمع معلومات وراثية من نبات القهوة من مناطق مختلفة حول العالم لبناء تسلسل وراثي للبن العربي، وهو أشبه ببناء "شجرة العائلة". ويُعد البن العربي أشهر أنواع القهوة والأكثر استهلاكا على نطاق واسع. وشملت الدراسة تحليل التركيب الجيني لمختلف نباتات القهوة العربية الموجودة لفهم علاقاتها التطورية وأصل منشئها.
ووفقًا لدراسة نشرت في 15 أبريل/نيسان الماضي بمجلة "نيتشر جينتكس"، فإن البن العربي ظهر منذ نحو 600 ألف سنة من خلال التهجين الطبيعي لنوعين آخرين من أنواع القهوة، ويسعى الباحثون إلى معرفة المزيد عن البن لحمايته من آفات ومخاطر تغير المناخ.
ويقول عالم الأحياء "فيكتور ألبرت" من جامعة بوفالو الأميركية والذي شارك في الدراسة: إن ظهور القهوة العربية بهيئتها الحالية لم يشهد تدخل الإنسان.
ويعتقد العلماء أنّ نباتات القهوة البريّة هذه نشأت في إثيوبيا، ولكن لم يُعرف تحميصها وتخميرها لأوّل مرّة إلا في اليمن في القرن الخامس عشر. ويقال إن الراهب الهندي "بابا بودان" في القرن السابع عشر، تمكن من تهريب 7 حبات من البن في رحلة طويلة من اليمن إلى موطنه الأم، ليضع حينها حجر الأساس لانتشار القهوة عالميا.
بعض أفضل أنواع البن العربي تنتشر في إثيوبيا وغواتيمالا وكولومبيا والبرازيل وتلعب دورا كبيرا في اقتصادها
وتمثّل القهوة العربية اليوم ما بين 60 و70% من سوق القهوة العالمية، وذلك بسبب مذاقها الساحر ونكهتها الأصيلة، كما تُجرى عملية تخميرها من خلال علامات تجارية موجودة حول العالم مثل "تيم هورتون ودانكن".
ولإعادة بناء مراحل تطوّر القهوة العربية، أجرى باحثون فحصا للأشرطة الوراثية (الجينومات) لأنواع عدّة من القهوة ذات الصلة، بما في ذلك قهوة "روبوستا" الشهيرة التي يُعتقد بأنّها أحد نوعين تطوّرت من أحدهما القهوة العربية. وشملت عملية الفحص دراسة عيّنة يعود تاريخها إلى القرن الثامن عشر، والتي قدّمها متحف التاريخ الطبيعي في لندن.
وقبل أن يحظى البن باهتمام الإنسان، تعرض انتشاره لانخفاض حاد على مدار آلاف السنوات متأثرا بالظروف المناخية، إذ كان يزدهر خلال الفترات الدافئة والرطبة ويعاني خلال الفترات الجافة، فوصل إلى ما يُعرف بعنق الزجاجة السكانية، وهي ظاهرة ينخفض فيها العدد السكّاني لمجموعة من البشر أو الحيوانات أو النباتات بشكل كبير، وأحيانا يصل إلى حافة الانقراض.
ويظهر اليوم أنّ نبات البن العربي أكثر عرضة للأمراض الفطرية مثل صدأ الأوراق، والتي تتسبب بخسائر بمليارات الدولارات كلّ عام.
وبفضل الدراسة الحديثة الموسّعة، تمكن الباحثون من الوصول إلى أحد أنواع نبات البن العربي الذي يمتلك شفرة وراثية تساعده على مقاومة الصدأ، ويأمل الباحثون أنّ تساعد الدراسة المنشورة حديثا في إيجاد آليات لحماية البن العربي من التلف، وبالتالي تقليص الخسائر الاقتصادية.