ما أن تدخل إلى مقهى ليون الواقع في منطقة شيبويا بطوكيو، أول ما سيلفت نظرك الكراسي التي تتجه نحو مذياعين عملاقين عُلقا على الحائط، وهما بمثابة نجمي هذا المقهى الذي انطلق قبل 98 عامًا.
ويُعتبر من أحد مقاهي "ميكيوكو كيسا" أو المقاهي الرائعة، القليلة المتبقية في المدينة.
وأوضح ناويا ياماديرا، المدير الحالي لمقهى "ليون كافيه" أن "مييكيوكو كيسا هو مكان تُعزف فيه الموسيقى الكلاسيكية، حيث يمكن للزملاء الاستماع إلى الموسيقى، واحتساء مشروبهم، والاسترخاء".
بنى والده، يانوسوكي ياماديرا، المبنى الأساسي في عام 1926. وقد احترق خلال الغارات الجوية في الحرب العالمية الثانية، وأُعيدت عملية بنائه من جديد وتوسيعه في خمسينيات القرن العشرين، واستوحِي الديكور من الطراز الباروكي الأوروبي الأصيل.
خلف واجهته المبنية بالحجر، يتميز الجزء الداخلي للمقهى بإضاءة خافتة، وخشب داكن اللون، ونقوش منحوتة.
وخلافًا لغالبية المقاهي، لا يتم تشجيع التواصل الاجتماعي هنا، ويُمنع التحدّث على الهاتف المحمول.
يحتوي المقهى على أكثر من 10 آلاف قرص مضغوط وسجلات موسيقية كلاسيكية.Credit: John S Lander/LightRocket/Getty Images
وعندما سُئل حول سبب الوجهة الواحدة لجميع الكراسي، أوضح ياماديرا أنّ ذلك يسمح لهم بتقديم تجربة موسيقية أكثر واقعية، إذ يُشبه المشهد "أوركسترا حقيقية" تعزف أمامهم.
وقال: "صُمّم بطريقة تخال فيها نفسك تصغي إلى أداء أوركسترا".
تم تصميم نظام الصوت خصيصًا ليتلاءم مع المساحة المستحدثة في عام 1950، ودُمج بالجدار المرتفع الذي يتكونّ من طبقتين في الجزء الأمامي من المقهى. وتملأ الرفوف تحت المذياعين اسطوانات تسجيلات الفينيل، والأقراص المضغوطة. ويمكن للزبائن طلب مقطوعات كلاسيكية معينة من مجموعة المتجر.
قاعدة جماهيرية جديدة
قال ياماديرا إنه قضى غالبية مراحل طفولته في المقهى. وانضم إلى فريق العمل عندما كان في المدرسة الإعدادية، حيث بدأ يغسل الأطباق.
على مرّ السنين، لم يتغيّر المقهى إلا قليلاً، إذ يعتقد ياماديرا أنّ هذا مصدر سحره.
وروى المالك أنه "في البداية، كانت المعدات الموسيقية باهظة الثمن. كنا نقدم هذه الخدمة في وقت لم تكن مثل هذه السلع الكهربائية متوفرة". وتابع: "في وقت ما، كان المقهى يعمل باستخدام الفونوغراف اليدوي الذي كان باهظ الثمن حتى في الماضي، لذلك لم تتمكن سوى نسبة صغيرة من الناس من شراء واحد على نحو فردي".
سمح ذلك لـ"Lion Cafe" بجذب الزبائن لتجربة ما كان شكلاً نادرًا من أشكال الترفيه في ذلك الوقت.
ولفت ياماديرا إلى أنه "حينها، كان الاستماع إلى الموسيقى أحدث الاتجاهات، مثل الموضة".
هذه الواجهة الخارجية لمقهى ليون، أحد "المقاهي الرائعة" الأخيرة في طوكيو.Credit: John S Lander/LightRocket/Getty Images
وأشار المالك إلى أنه "بالنسبة للزبائن القدامى الذين كانوا في طوكيو كطلاب، ثم اتجهوا إلى الريف، فإنهم يعودون إلى المقهى للمرة الأولى منذ 30 أو 40 أو 50 عامًا. المتجر لا يزال من دون تغيير بعد هذه الفترة الطويلة، ويغادره الزبائن مع شعور بالسعادة، وهذا هو الأمر الجيد في هذا المقهى".
وقال إن البعض من أقدم زبائنه كانوا يترددون على المقهى منذ أكثر من ستة عقود.
وأوضح مدير المقهى البالغ من العمر 62 عامًا أنّ "أحد زبائننا يبلغ من العمر حوالي 70 عامًا الآن، وقد بدأ بزيارة المقهى كطالب في السنة الثالثة بالمدرسة الثانوية".
وفي السنوات الأخيرة، ازدادت شعبية المقهى الفريد، وجذب الاهتمام الدولي أيضًا.
وروى يامادار أنّ "هناك عدد كبير جدًا من الزيائن الجدد"، مضيفًا أن "الناس ليسوا على دراية بالموسيقى الكلاسيكية، لذا أطمح إلى أن يعتادوا عليها في أماكن مثل هذا المقهى".
وتابع أنّ "بعض زبائننا يأتون من أماكن بعيدة مثل أمريكا وأوروبا. ويأتي البعض أيضًا من جميع أنحاء اليابان"، مؤكدا أنه "ليس لديه مقطوعة كلاسيكية واحدة مفضلة، ولكن هناك عدد قليل من المقطوعات المميزة".