تعتمد صحَّةُ السمع إلى حدٍّ كبير على المعرفة بمدى شدَّة الأصوات التي نتعرَّض لها. ولذلك، يمكن لاتِّباع نظام خاص بالتعامل مع الضجيج أن يحمي السَّمعَ من المشاكل في المستقبل.
تحدث معظمُ حالات الصمم (حوالي أربع من كلِّ خمس حالات) بسبب الضَّرر الذي يلحق بالخلايا الشعريَّة الدَّقيقة الموجودة في الأذن الداخلية؛ وقد يكون هذا الضَّررُ ناجماً عن التعرُّض لكثير من الضَّجيج، وهو ضررٌ دائم. ويُعدُّ فقدان السَّمع المرتبط بالضجيج من الإصابات غير القابلة للشفاء عادةً.
من الضروري أن نتَّخذ جميعاً الخطوات اللازمة لمنع هذا الضَّرر الناجم عن الضَّجيج؛ فتجنُّبُ هذا الضجيج هو الأساس من أجل سلامة السَّمع.
كلَّما كان الصوتُ عالياً، قلَّت المُدَّة التي يُستمع فيها إلى هذا الصوت بأمان؛ كما أنَّ مجرَّد كون الصوت غيرَ مزعج لا يجعله آمناً.
من المعلوم أنَّ المهنَ المصحوبة بضجيج، مثل العمل في المصانع أو في إنشاء الطرق، هي السبب الأكثر شيوعاً في مشاكل السمع. ولكن التشديد الذي طُبِّق على قواعد الصحَّة والسلامة، وتناقص الصناعات الثقيلة، قلَّل من حدَّة الخطر المحتمل الذي تمارسه بيئةُ العمل على السمع.
أمَّا في الوقت الحاضر، فقد أصبح الضجيج المرتفع الذي تُصدره وسائلُ الترفيه هو المشكلة الرئيسية، لاسيَّما أجهزة التَّسجيل الحديثة ومشغِّلاتها، والنوادي الصاخبة، وموسيقى الجاز. ويُعتقد أنَّ ذلك هو السبب في فقدان أو نقص السمع الذي يصيب الشبابَ بشكلٍ متزايد.
كيف يعرف الشَّخص أنَّه يتعرَّض إلى الكثير من الضجيج؟
قد ينقص السمعُ بعضَ الشَّيء بعدَ التعرُّض لضجيج مرتفع لفترة طويلة جداً، كالوقوف على مقربة ممَّن يلقون خُطباً في النوادي مثلاً؛ أو يمكن أن يتأذَّى السَّمع بعدَ هبَّة قصيرة لصوتٍ انفجاري، كالطلقات أو الألعاب النارية.
إذا كان الشَّخصُ يعمل في أماكن صاخبة أو يقضي فيها أكثرَ أوقاته، أو إذا كان يستمع كثيراً إلى الموسيقى المدوِّية، فهو ربَّما يُصاب بنقص السمع حتَّى من دون أن يدري.
ولذلك، تعدُّ أفضلُ وسيلة لتجنُّب الإصابة بفقدان السمع، الناجم عن الضجيج، هي الابتعاد عن الضجيج المرتفع قدرَ المستطاع.
يوجد هنا دليلٌ إرشاديٌ حول بعض مستويات الضجيج النموذجية (مُقيسَة بالدِّيسيبل، وهي وحدةٌ لقياس شدَّة الضجيج)؛ فكلَّما ارتفع الرَّقم، كان الضجيج أعلى. تقول المراكزُ المتخصِّصة بالصحَّة والسلامة عن مستويات الضجيج التي تزيد على 105 ديسيبل إنَّه يمكنها أن تُلحقَ الضَّررَ بحاسَّة السَّمع إذا استمرَّت لأكثر من 15 دقيقة أسبوعياً. في حين أنَّ المستويات الأدنى، مثل تلك التي تكون بين 85 ديسيبل و 90 ديسيبل، يُمكنها أن تُسبِّب ضرراً دائماً أيضاً إذا كان التَّعرضُ لها يستمرُّ لعدَّة ساعات يومياً:
- المحادثة العادية: 60-65 ديسيبل.
- شارع مزدحم: 70-85 ديسيبل.
- جزَّازة العُشْب/حركة المرور الكثيفة: 85 ديسيبل.
- شاحنة ذات رافعة شوكية: 90 ديسيبل.
- الحفَّارة اليدويَّة: 98 ديسيبل.
- شاحنة لوري ثقيلة تبعد حوالي سبعة أمتار: 95-100 ديسيبل.
- دراجة ناريَّة: 100 ديسيبل.
- ضجيج موسيقى الديسكو/النوادي الليلية/ صوت بوق السيَّارة: 110 ديسيبل.
- مُشغِّل أجهزة التسجيل الحديثة في وضع الصوت العالي: 112 ديسيبل.
- المنشار الكهربائي: 115-120 ديسيبل.
- حفلة موسيقى الروك/ونَّان سيارة الإسعاف: 120 ديسيبل.
ستيريو السيَّارة في أثناء القيادة على الطريق السريع/أبواق الفوفوزيلا: 125 ديسيبل.
كم هي شدَّة الصَّوت؟
تعتمد خطورةُ الضَّرر الذي يصيب السَّمع على عاملين: شدَّة ارتفاع الصوت وزمن هذا الارتفاع.
يوافق الخبراءُ على أنَّ التعرُّضَّ المستمرَّ للضجيج بشدَّة 85 ديسيبل أو أكثر يمكن أن يسبِّبَ فقدان أو نقص السمع بمرور الوقت.
عندما يستمع الشَّخصُ إلى موسيقى صاخبة بصوت عالٍ جداً أو لفترة طويلة جداً، يُصاب بطنين في أذنيه أو يصبح سمعُه ثقيلاً. ومع ذلك، ربَّما لا يزال يُلحق الضَّرر بحاسَّة السَّمع لديه حتَّى وإن لم يكن لديه هذه الأعراض.
علينا أن نتذكَّر أنَّه إذا تسبَّبت الموسيقى الصاخبة بألمٍ في الأذنين في أيِّ وقت، فيجب مغادرة الغرفة أو تخفيض الصَّوت مباشرةً. من المستحيل أن يُعرَف مستوى الضجيج الذي يتعرَّض له الشَّخصُ من دون معدَّات قياس الضجيج. لذلك، هناك قاعدة أساسية من التجربة تقول بأنَّه إذا لم يتمكَّن الشخصُ من التحدُّث إلى شخصٍ ما يبعد عنه مسافة مترين دون الحاجة لأن يصرخ، فإنَّ مستوى الضجيج يمكن أن يكونَ مؤذياً.
نصائح للاستِماع الآمن
■ استخدام سدادات الأذن. كلَّما علا الضجيج وطال زمن التعرُّض له، زاد احتمالُ حدوث الضرر في حاسَّة السَّمع. لذلك، يجب حمايةُ الأذنين باستخدام واقيات الأذن - سدادات أو غطاء الأذنين - والابتعاد عن الضجيج في أسرع وقت أو بقدر المستطاع.
■ تخفيف صوت مُشغِّل جهاز التسجيل الحديث، وعدم الاستماع إلى هذا الجهاز بدرجة صوتية عالية جداً، وعدم اللجوء أبداً إلى ملء الوسط المحيط بالضجيج الحاد؛ فعندما لا يرتاح الشَّخص لسماع الصوت الذي يستمع إليه، أو أنَّه لا يتمكَّن من سماع الأصوات الخارجية عند وضع سمَّاعة الرأس على أذنيه، فهذا يعني أنَّ الصوتَ مرتفعٌ جداً.
■ استعمال الأجهزة التي تحتوي على ميزة التحكُُّّم بحجم الصوت واستخدامها بحكمة.
■ وَضْع سمَّاعات الرأس. عندَ الاستماع إلى مُشغِّل الصوت الخاص بالشَّخص، عليه أن يختار سمَّاعات الرأس من النوع الذي يلغي الضجيج، أو استعمال سمَّاعات من نوعية قديمة مكسوَّة بالفراء. تقوم هذه السمَّاعاتُ بحجب الضجيج في الوسط المحيط، وتسمح بالتحكُّم بحجم الصوت. بالنسبة للسمَّاعات التي تشبه البرعم والسمَّاعات التي توضَع في داخل الأذن، هي أقلُّ فعَّالية في حجب الضجيج السائد في الوسط المحيط. ولذلك، يجب نزعُ هذه السمَّاعات على فترات، وذلك لإعطاء الأذنين قسطاً من الراحة.
■ تخفيف رنَّة الهاتف. تخفيض حجم الصوت على جهاز التلفزيون والراديو من خلال الثلمة الموجودة على الجهاز، فحتَّى الانخفاض الطفيف في حجم الصوت يمكنه أن يصنع فرقاً كبيراً في خطر الضَّرر الذي يلحق بحاسَّة السَّمع؛ فعندما يحتاج المرءُ أن يرفع صوته فوق الصوت عند الحديث، عندئذٍ يجب أن يخفِّفَ ذلك الصوت.
■ استخدام سدادات الأذن عند التسمُّع إلى صوت حيٍّ. يمكن لهذه السدادات أن تقلِّلَ من مستويات الصوت المتوسِّطة إلى قيمة تتراوح بين 15 و 35 ديسيبل. وهذه السداداتُ متوفِّرة على نطاق واسع في العديد من الأماكن.
■ عدم الصَّبر على الضجيج في مكان العمل؛ فعندما يعاني الشَّخصُ من الضجيج في مكان العمل، عليه أن يبلِّغ قسم الموارد البشرية أو المدير، ويطلب المشورة بشأن الحدِّ من الضجيج والحصول على واقيات السَّمع.
■ ارتداء واقيات الأذن (سدادات أو غطاء للأذنين)، إذا كان الشَّخصُ يستخدم معدَّات كهربائية صاخبة، مثل الحفَّارة أو المنشار أو جزَّازة العشب.
■ الحذر داخل السيارة. الاستماع إلى الموسيقى في مكان محدود يزيد من خطر الضَّرر في حاسة السَّمع. لذلك، يجب عدم الاستماع إلى الصوت العالي جداً لفترة طويلة جداً.
■ إزالة التسمُّم السَّمعي، وذلك بإعطاء الأذنين وقتاً للراحة بعدَ تعرُّضهما لضجيج مرتفع؛ فوفقاً لمعهد أبحاث الصمم في المملكة المتَّحدة، يحتاج الشَّخصُ إلى ما لا يقلُّ عن 16 ساعة من الراحة للأذنين للاستشفاء بعد أن أمضت حوالي ساعتين في الاستماع إلى صوت بشدَّة 100 ديسيبل. إنَّ تخفيضَ وقت الراحة هذا يزيد من خطر حدوث الصَّمم الدائم.
كم هو الوقت الذي يمكن الاستماع فيه إلى الأصوات الصاخبة؟
يتوقَّف هذا الأمرُ على شدَّة ارتفاع الصوت الذي يستمع إليه الشَّخص؛ فزيادةٌ قليلة فقط في مستوى الديسيبل لها تأثير كبير في خطورة الضَّرر السمعي، لأنَّ كلَّ زيادة قدرها 3 ديسيبل تمثِّل ارتفاعاً في قوَّة الصوت بمقدار الضِّعف (وهي تقلِّل الوقت الذي ينبغي الاستماع فيه إلى النِّصف). إنَّ انخفاضاً طفيفاً في شدَّة الصوت يحدث فرقاً كبيراً بالنسبة لطول الفترة الزمنية التي يمكن الاستماعُ فيها.
هناك لوائح للعمل فيها قوانين وأنظمة تُستخدم في أماكن العمل لحماية العمال وتتحكَّم في الضجيج، وهي تنصُّ على وجوب ارتداء واقيات السَّمع إذا كان مستوى الضجيج الصادر عن مكان العمل يومياً يصل إلى 85 ديسيبل. أمَّا عندَ وجود ضجيج بشدَّة تصل إلى 110 ديسيبل، فإنَّ زمنَ التعرُّض الأقصى المسموح به يومياً هو حوالي 1.5 دقيقة.
ولكن علينا أن نتذكَّر أنَّ مسألةَ التحكُّم بالضجيج المنصوص عليها في لوائح العمل، لا تُطبَّق خارج مكان العمل؛ لذلك، الأمر متروك للشَّخص نفسه للحفاظ على حاسَّة السَّمع لديه في الحفلات والنوادي وأيِّ مكان آخر يستمع فيه إلى أصوات صَاخبة.
العربيه للمحتوى الصحي