سيرة النبي في الجهاد في سبيل الله

الجهاد هو فرض على المسلمين وهو يعتبر من أعظم الطاعات وكذلك أفضل القربات إلى الله عز وجل ، و الله سبحانه وتعالى ذكره في كتابه العزيز فقال: “وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ” ، وان الجهاد في سبيل الله يكون متمثل في جهاد النفس في تعلم الدين، وتطبيق احكامه وتعاليمه والدعوة إليه، وجهاد المنافقين والكفار يتم حصوله باللسان، والقلب، والنفس والمال، وكذلك جهاد أصحاب البدع والمنكرات والظلم ، وايضا جهاد الشيطان الذي يلقي على البشر الشبهات والشهوات.
متى فرض الجهاد
الجهاد في سبيل الله فرض في السنة الثانية من الهجرة، لكن تشريعه لم يكن دفعة واحدة بل كان على أربع مراحل و هي:
مرحلة الصبر والعفو والصفح
فهذه كانت أولى المراحل التي مر بها تشريع الجهاد، وذلك لما النبي صل الله عليه وسلم دعا الناس إلى خالقهم في مكة، فقد تعرض له أعداء عادوه وآذوه، فكان التوجيه إليه صلى الله عليه وسلم بان يتم مواجهتهم بالصبر، فقال الله تعالى: (فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ ۖ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ).
مرحلة الهجرة
وهذه ثاني المراحل حيث انه لحق برسول الله صل الله عليه وسلم و الصحابة رضوان الله عليهم الاذى، فأذن الله عز وحل لهم بالهجرة إلى المدينة، فقال الله تعالى: (إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ).
مرحلة الإذن بالقتال في المدينة
حيث في هذه المرحلة الله عز رحل اذن لنبيه صل الله عليه وسلم وللمؤمنين بالقتال في المدينة بعد الهجرة وذلك دفاعا عن أنفسهم، وتأمين لدينهم، وكذلك دفعا للظلم والعدوان الواقع عليهم، فقال الله تعالى: (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ، الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ)،.
وقال الله تعالى: (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ).
مرحلة الأمر بقتال الكفار كافّة
و هذه المرحلة فالله عز وجل أمر رسوله صل الله عليه وسلم والمؤمنين بان يقاتلوا الكفار كافة حتى يكون الدين كله لله، ولكي تفتح الأبواب أمام كل من يريد الدخول في الإسلام، فقال الله
تعالى: (وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ).
شروط الجهاد في سبيل الله
استخلص العلماء من النصوص الشرعية لوجوب الجهاد شروط ومن هذه الشروط:
الإسلام
الجهاد في سبيل الله لا يصح من الكافر، والدليل على ذلك أن النبي صل الله عليه وسلّم رفض ان يستعين بمشرك جاء ليقاتل مع المسلمين في معركة بدر، فقال لذلك المشرك:(تُومِنُ باللهِ ورسولِه؟ قال: لا، قال: فارجِعْ؛ فلن أستعينَ بمشركٍ).
البلوغ
الجهاد لا يجب على الطفل حتى يبلغ، حيث ان النبي صل الله عليه وسلم يوم بدر رد زيد بن ثابت وأسامة بن زيد، والبراء بن عازب وعرابة بن أوس، وزيد بن أرقم، وامر هم بحراسة النساء والذراري، وكذلك ما رواه عبدالله بن عمر، أنه عرض على النبي صل الله عليه وسلم وهو ابن أربعة عشر عاما، فلم يجزه للقتال.
السلامة من العجز
ان وجد في جسد الإنسان علة او مرض يمنعه من ركوب الخيل، أو القتال، تسقط عنه فريضة الجهاد، لقوله تعالى:(لَّيْسَ عَلَى الْأَعْمَىٰ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ ۗ) .
الذكورة
حيث يستثنى من الجهاد في سبيل الله الخنثى والنساء، فقد سألت عائشة رضي الله عنها النبي صل الله عليه وسلم ، فقالت: (يا رسولَ اللهِ، هل على النساءِ من جهادٍ؟ قال: عليهنَّ جهادٌ لا قتالَ فيه: الحجُّ والعمرةُ).
العقل
جميع التكاليف الشرعية والجهاد في سبيل الله تسقط عن الإنسان إذا زال عقله، كالمجنون ، حيث قال رسول الله صل الله عليه وسلم:(رُفِعَ القلمُ عن ثلاثةٍ: عنِ النَّائمِ حتَّى يستيقظَ، وعنِ الصَّبيِّ حتَّى يحتلمَ، وعنِ المجنونِ حتَّى يعقلَ).
القدرة على مؤنة الجهاد
الجهاد لا يجب على الذي لا يكون معه نفقة عياله او لا يستطيع تحصيل السلاح، أو نفقة الجهاد، فقال الله تعالى:(وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ).
كما انه يضاف إلى تلك الشروط شرطان آخران اذا كان الجهاد فرض كفاية، والشرطان هما:
إذن الوالدين
الجهاد الكفائي فانه يسقط عن المسلم إذا لم يأذن له والداه، ودليل ذلك أن النبي صل الله عليه وسلم قال للرجل الذي استأذنه للقتال:(أحَيٌّ والِداكَ؟ قال: نعم، قال: فَفِيهِما فَجاهِدْ).
إذن الدائن لمدينه
كما ان الجهاد الكفائي يسقط عن المسلم المدين وذلك إذا لم يأذن له دائنه، فقد ورد في بعض الأحاديث في صحيحي البخاري ومسلم، تدل على أن الشهيد لا يغفر له الدَين غير المقضي عنه.
إذن الإمام
بعض الفقهاء يرى كراهة الخروج للجهاد الكفائي وذلك دون إذن الإمام، أو من ولاه الإمام، وذلك رأي الشافعيّة والحنابلة.
فضل الجهاد في سبيل الله
الجهاد في سبيل الله يعتبر من أفضل القربات إلى الله تعالى، وذلك لأنه الطريق لإعلاء كلمة الله تعالى، وكذلك السبيل لنصرة الإسلام والمسلمين، وايضا رفع الظلم عن المظلومين، والجهاد هو الوسيلة لإخراج الناس من ظلم الاديان الي عدل الاسلام. ومن ظلمات الشرك إلى نور التوحيد ، فهو أفضل الأعمال بعد الإيمان بالله ورسوله صل الله عليه وسلم، فقد روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صل الله عليه وسلم الصلاة سُئل فقال: (أيُّ العملِ أفضلُ؟ فقال: إيمانٌ باللهِ ورسولهِ، قيل: ثمّ ماذا؟ قال: الجهادُ في سبيلِ اللهِ).