هاجر اصحاب النبي محمد صلى الله عليه وسلم الى



هاجر اصحاب النبي محمد صلى الله عليه وسلم الى
الحبشة . هي الوجهه التي هاجر اصحاب النبي محمد صلى الله عليه وسلم اليها .
تمادى المشركون في التضييق على المسلمين، ومحاربة الإسلام، حتى أصبحت الحياة معهم على نفس الأرض جحيماً لا يطاق، فكان لزاماً عليهم البحث عن مكان آخر ليحيوا بكرامة بعيداً عن أذى المشركين، وفي ذلك الوقت، بينما كان المسلمون يعانون، نزلت سورة الكهف لتروي لهم قصة الفتية الذين أووا إلى الكهف ليحتموا من الملك الظالم، وكانت تلك القصة تسليةً للمسلمين، وإرشاداً لهم لما فيه الصلاح، والحل.
أمر النبي صلَّ الله عليه وسلم المستضعفين من المسلمين بالهجرة إلى الحبشة، تقول أم سلمة زوجته رضي الله عنها: (لما ضاقت علينا مكة، وأوذي أصحاب رسول الله صلَّ الله عليه وسلم وفتنوا، ورأوا ما يصيبهم من البلاء، والفتنة في دينهم، وأن رسول الله صلَّ الله عليه وسلم لا يستطيع دفع ذلك عنهم، وكان رسول الله صلَّ الله عليه وسلم في منعة من قومه وعمه، لا يصل إليه شيء مما يكره مما ينال أصحابه.
فقال لهم رسول صلَّ الله عليه وسلم إن بأرض الحبشة ملكاً لا يظلم عنده أحد، فالحقوا ببلاده حتى يجعل الله لكم فرجاً ومخرجاً مما أنتم فيه، فخرجنا إليها أرسالاً (أي جماعات) حتى اجتمعنا بها، فنزلنا بخير دار إلى خير جار، أمِنَّا على ديننا ولم نخش منه ظلماً).
قال سبحانه وتعالى فيهم: (والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا لنبوئنهم في الدنيا حسنة ولأجر الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون)، فلقد هاجروا هرباً من ظلم المشركين وأذاهم وبغيهم، وتركوا ورائهم أموالهم، وديارهم، طمعاً فيما عند الله تعالى، وما عند الله خير وأبقى.
أول المهاجرين
عثمان بن عفان وزوجته رقية بنت رسول الله صلَّ الله عليه وسلم.
كان عثمان بن عفان رضي الله عنه أول المهاجرين، فقد هاجر وبصحبته زوجته رقية بنت رسول الله صلَّ الله عليه وسلم، تسللوا ليلاً حتى لا تشعر قريش بهروبهم، سلكوا طريق البحر، فركبا سفينة تجارية لأرض الأمان (الحبشة)، ووصلها لأرض الملك النجاشي الذي لا يظلم أحدا، فلقيها الكرم والحفاة، والأمن.
لما علمت قريش بخبر رحيلهما خرجوا في إثرهما، ولكنهم وصلوا متأخرين، فكان ختن النبي صلَّ الله عليه وسلم، وإبنته رقية رضي الله عنهما قد مرا بسلام، واختازا البحر عن طريق جدة.
يؤثر أن امرأة من قريش قالت: يا محمد، قد رأيت خَتَنَك ومعه امرأته، قال: (على أي حال رأيتهما؟)، قالت: رأيته قد حمل امرأته على حمار من هذه الدبابة، وهو يسوقها، فقال رسول الله صلَّ الله عليه وسلم: (صحبهما الله، إن عثمان أول من هاجر بأهله بعد لوط عليه السلام).
تبع عثمان ورقية: (أبو حذيفة بن عتبة وامرأته سهلة بنت سهيل، والزبير بن العوام، ومصعب بن عمير، وعبدالرحمن بن عوف، وأبو سلمة بن عبدالأسد وامرأته أم سلمة، وعثمان بن مظعون، وعامر بن ربيعة وامرأته ليلى بنت أبي حثمة، وأبو سبرة بن رهم، وسهيل بن بيضاء، وعبدالله بن مسعود رضي الله عنهم جميعاً)، وكان ذلك هو الفوج الأول للمهاجرين.
متى كانت الهجرة إلى الحبشة
في رجب، سنة خمس من البعثة النبوية.
هاجر الفوج الأول من صحابة النبي صلَّ الله عليه وسلم في رجب من السنة الخامسة من البعثة النبوية، استقلوا سفينة من الساحل بمكة عند الشعينة، أوصلتهم إلى الحبشة، بنصف دينار، وقد كان عددهم إحدى عشر رجلاً، وأربعة نساء من المؤمنين، الذين رأوا أن ترك كل ما يحبون أحب إليهم من الإذعان للمشركين وترك دينهم.
هيئ الله سبحانه وتعالى لهم الأسباب، وآواهم، ونصرهم، ورزقهم أرضاً جديدة، يعيشون فيها في ظل ملكٍ عادل، لا يظلم أحداً، وتكون منطلقاً لدعوتهم إلى دين الله، ومن ينصره الله فلا غالب له.
محاولة استعادة المهاجرين
حاولت قريش استعادة الصحابة المهاجرين، خاصةً وأنهم أفصح أصحاب محمد صلَّ الله عليه وسلم، وأكثرهم قدرة على الجدال، غير أن المسلمون توافدوا على الحبشة بعد الفوج الأول من المهاجرين، حتى أصبحوا اثنين وسبعين رجلاً، واثنتي عشرة امرأة، فخافت قريش أن تسوء العلاقات بينهم وبين النجاشي ملك الحبشة، وقد كان بينهم تجارة لا تنضب، كما أنهم خافوا أن يساند ملك الحبشة المسلمين، ويمدهم بالجند لفتح مكة، كما فعل مع مسيحي اليمن المضهدين من يهود حمير.
أرسلت قريش عمرو بن العاص على رأس بعض الرجال لملك الحبشة، وأخذوا يرمون المسلمين بالمروق، واتهموهم بالافتراء على عيسى عليه السلام، وأمه، فقام جعفر بن أبي طالب يحدث النجاشي عن الإسلام، وعما لقيته وأصحابه من الاضطهاد والعذاب، وتلا عليه آيات من سورة مريم، فهدأت نفسه، ورفض ما جاء به وفد قريش، وقال أنه سيمد المسلمين بالرعاية، والحماية.
فهز موقف النجاشي أركان قريش، وقوى الإسلام أكثر فأكثر، خاصةً بعدما أسلم حمزة بن عبدالمطلب، وعمر بن الخطاب، وخرجوا يصلون في الكعبة على مرأى من أعين القرشيين.
ويقول بعض المؤرخين أن النجاشي، وبعض حاشيته، وبطارقته قد أسلموا.
كيف انتهت مقاطعة قريش للمسلمين
شُقت صحيفة المقاطعة، وانتهت المقاطعة بسبب اعتراض زهير بن أبي أمية على تجويع بني هاشم.
بعدما رفض النجاشي ما جاء به وفد قريش، حاولوا أن يلينوا القول مع النبي صلَّ الله عليه وسلم، وعرضوا عليه أن يعبدوا ربه، وأربابهم، في مقابل أن يعد آلهتهم إلى جوار إلهه، فكان رد القرآن شديداً حازماً، قال تعالى: (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ، لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ، وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ، وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ، وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ، لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ).
وقال تعالى: (قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ، وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ، بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ).
فلجأت قريش للمقاطعة، وكتبوا صحيفة المقاطعة وعلقوها في جوف الكعبة، فاتفقوا على مقاطعة محمد وعشيرته من بنو هاشم، والمطلب، فلا يبتاعون منهم، ولا يبيعون لهم، ولا يزوجونهم، ولا يتزوجون منهم.
كم استمرت مقاطعة قريش للمسلمين
سنتين، أو ثلاثة سنوات.
استمرت مقاطعة قريش للمسلمين حوالي ثلاثة سنوات، حتى وصل الأمر ببعضهم أن أكلوا أوراق الأشجار، وكان الطعام يصل للمسلمين سراً، وعندما رأى ذلك كل من: (هشام بن عمرو بن الحارث، وزهير بن أبي أمية بن المغيرة، ومُطعِم بن عدي بن نوفل، وأبو البختري بن هشام، وزمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد)، وقد كانوا قرشيين، أجمعوا على إنقاذ بنو هاشم، واعترضوا على المقاطعة، حتى نكسوها، وانتهت