رحلة فى مساجد روسيا
تشتهر روسيا بالكنائس ذات القباب الذهبية التي شهدت تغيرات تاريخية على مر الزمان إلا أن لمساجد روسيا نصيب من التاريخ والجمال والتي تملك أفضل وأروع هندسة معمارية خارجية وداخلية واليوم يوجد فى روسيا أكثرمن 6 آلاف مسجد تنتشر فى مقاطعات روسيا ،)أكبر بلاد العالم فى المساحة أكثر من 17 مليون كيلومتر(،تم ترميمها أوإعادة إعمارها بعد تفكك الإتحاد السوفيتى وبعضها بنى حديثاً، وبعضها يرجع تاريخه إلى عصر الخلافة الإسلامية ووصول الإسلام إلى روسيا، ولكل منهم حكاية عبرالفترات الزمنية والتاريخية المتغييرة التى مرت على روسيا، وممكن زيارتهم وآداء الصلاة فيهم.
و إنطلاقاَ من العاصمة موسكو والتى يوجد بها حالياً 5 مساجد، مروراً بالمدن القريبة منها مثل: مدينة نيجني نوفغورود، مدينة تفير، ومدن الطوق الذهبى) كوستراما ، ياروسلافل (، إلى قازان عاصمة تتارستان،والقوقاز حيث يعيش أغلبية الروس المسلمين مثل الشيشان، الانغوش، إلى مدينة دربند والتى وصل إليها العرب المسلمون فى القرن السابع الميلادى وأطلقوا عليها إسم مدينة “باب الأبواب”، إحدى مدن داغستان، وفى الشرق الروسي حيث توجد مدينة أوفا (باشكورستان) ، وحتى فى الشمال الروسى فى مدينة سانت بطرسبرج،و مدينة أورينبورج، وصولاً إلى مدينة نوريلسك الواقعة فى أقصى الشمال الروسي بالقرب من القطب الشمالى ،تجد وتشاهد المساجد والتى تختلف أشكالها وعماراتها تبعا لتاريخ وعمارة المدينة التي بُنيت بها.
هذا ويعتبر المسلمون في روسيا حالياً هم الديانة الأكبر بعد الديانة المسيحية الأرثوذكسية، حيث يتراوح عدد المسلمين فى روسيا من 25 إلى 28 مليون مسلم تقريباً ،علما بأن عدد سكان روسيا الإجمالى يبلغ ما يقارب من الـ ١٤٥ مليون نسمة أى أن حوالى ٢٠% من الشعب الروسي هم من المسلمين ،أغلبيتهم من السنة، وسنأخدكم في جولة للتعرف على ١٠مساجد فى روسيا
- أول وأقدم المساجد فى موسكوالمسجد التاريخى فى حى زاموسكفوريتشي:
المسجد التاريخى فى موسكو
حى زاموسكفوريتشي أقدم أحياء موسكو ،والتى عاش فيها التتارومترجموا الخانات (الأمراء التتار)، والتجار مابين القرن 13-15فى هذا الحى،و يعود أول ذكر موثق لمسجد في موسكو للعام 1712 حيث بني من الخشب، وكان يقع في ساحة منزل مترجم هيئة الشؤون الخارجية “الأمير سولماميت مورزا سيمينه” ،وبعد وفاة الأميرقام الوريث ببيع المنزل للتاجر شوكين،وبمرور الزمن أحترق جزء كبير منه، ووأصبح عتيقا، وعندئذ أزيل المسجد ، وفي عام 1832تم الحصول على ترخيص ببناء مسجد، وكان بناءاً مدنيا عاديا من طابق واحد مع ما يشبه المئذنة فوق المدخل، وقد أكتسب شكله التام كبناء عبادة إسلامي في العام 1880، وهذا المسجد بالذات، وعلى مدى القرن التاسع عشر، كان يعد مسجدا جامعا ومنذ القرن العشرين أصبح يسمى بالمسجد الجامع ، و تم إعادة بناؤه في العام 1904، وبعد ثورة 1917 هدمت كثير من الكنائس في روسيا وأغلق البعض الآخر و بالتالى أغلقت أبواب المسجد ، وعند تفكك الاتحاد السوفيتى ، وسمح بحرية العبادة، تم إعادة ترميم المسجد بأموال المسلمين الروس وبعض التبرعات من المملكة العربية السعودية ،تم فتح أبوابه للمصلين ورفع منه الآذان وعاد للحياة مرة أخرى ويسمى اليوم بالمسجد التاريخي
2.المسجد الأوسع في روسيا مسجد “يوسف بي جامع”بمدينة مَخَاتْشْكَالا:
صورة مسجد “يوسف بي جامع” بمدينة مَخَاتْشْكَالا من الداخل
ماخاتشكالا )مَحَجْ قلعة أو مَخَاجْ قلعة (هى مدينة في جنوب روسيا، عاصمة جمهورية داغستان، أكبر مدينة في منطقة شمال القوقاز الفيدرالية، وتم افتتاحه عام 1997، يستوعب ما يقرب من 17000 مُصلي، ، صُمم على طراز «المسجد الأزرق» الشهير في إسطنبول، ويعتبر واحدًا من أضخم المباني الإسلامية في بلدان الاتحاد السوفيتي السابق، ويضم المسجد مركزا لتعليم الشريعة والقرآن الكريم .
3.مسجد بتصميم حديث مسجد “لالا تيولبان” في مدينة اوفا:
مسجد “لالا تيولبان”
مدينة أوفا هى عاصمة جمهورية بشكورستان (بشكيريا) فى شرق روسيا ،تم بناء مسجد لالا تيولبان في مدينة اوفا في عام 1998، استمر البناء ما يقرب من 10 سنوات، يشبه تصميم المسجد وألوانه زهرة التوليب في مرحلة الإزهار، إذ يتماشى شكل المبنى الرئيسي وألوانه شكل زهرة التوليب وترمز مئذنتاه لبرعمَي هذه الزهرة ،الأمر لم يرد صدفة بل هو إنعكاس لتآثيرالثقافة على العمارة إذ أن زهرة التوليب هي رمز شعب التركمان منذ العصور القديمة ،ووفقاً للأسطورة البشكيرية فإن السعادة تكمن في قلب برعم زهرة التوليب التي لم تتفتّح بعد ،يستوعب المسجد حوالي 1000 من المصلين ،يبلغ ارتفاع كل مئذنة 53 متر، وتأتي في المرتبة الثالثة من حيث الإرتفاع في روسيا بعد مسجد قلب الشيشان (62 مترا) وقول شريف (57 متراً) ،يُصنَّف ضمن العمارة الإسلامية العصرية بمؤثراتها الكازاخية
4.أقدم مسجد في أستراخان”مسجد آك” (المسجد الأبيض) :
“مسجد آك” (المسجد الأبيض)
استراخان تقع فى الجنوب الغربى لروسيا، وهى أقدم مدن حوض نهر الفولجا، وهي ضمن 115 مدينة روسية ذات قيمة تاريخية، وفي المنطقة التي تقع فيها المدينة كانت هناك منذ القدم قرى وبلدات عديدة والتي كانت تمر خلالها الطرق التجارية للعرب والفرس، إفتتح المسجد الأبيض الخشبي في أستراخان عام 1777 ، وبعد 33 عام أعيد بناء مسجد آك الخشبي من الحجر على نفقة التاجر ديفيد إسماعيلوف، وأضيفت مئذنة جميلة بمبنى المسجد،في عام 1930 ، أغلق ” المسجد أك ” وتحول إلى روضة أطفال،و فقط في عام 1992 أعيد المسجد إلى المسلمين وتم ترميمه وإفتتاحه لأداء الصلاة
5.أضخم مساجد القرم “مسجد الجمعة” أو”المسجد الجامع” في قلب مدينة يفباتوريا:
“مسجد الجمعة” أو”المسجد الجامع”أو”مسجد الخان”
“مسجد الجمعة” أو”المسجد الجامع” فى جزيرة القرم هو أضخم مساجد القرم مساحته تصل إلى 518 م2 ،بناه المعماري سنان باشا في نهايات القرن السادس عشرعلى الطرازالعثماني، مشابها للمسجد الأزرق في مدينة إسطنبول التركية، وهو مبني من الحجارة البيضاء، وسقفه يزينه 11 قبة كانت قديما مطلية بالرصاص والآن بالحديد والزنك ،وفي وسطه قبة كبيرة يحملها أربع أعمدة كبيرة تقسم المسجد إلى ثلاث اقسام: مركزي بعرض 11.5م، واثنان جانبيان بعرض 4.65 م، وللمسجد منارتان رشيقتان احداهما وقعت قبل عام 1665م، والأخرى في عام 1836م، وفي عام 1985م أعيد بناء المنارتين بطول 35م ، وفي صحن المسجد توجد نافورة ماء جميلة من الحجارة البيضاء كان يستخدمها المصلون للوضوء،وفي ساحته أيضا ثلاث قبور لأبطال من الضباط المصريين الذين خاضوا غمار حرب القرم ( 1853-1856) ، وقاتلوا فيها بأعظم شجاعة، تغمدهم الله بواسع رحمته وجزاهم الله بجهادهم الجزاء الأوفى هم : الفريق سليم فتحي باشا ،والأميرلايعلي بك ،الأميرلاي ورستم بك، الذين استشهدوا فى الحرب،أهمل المسجد من قبل السلطات الشيوعية بين عامي 1944-1962م، وحول عام 1985م إلى متحفا تحت اسم “متحف تاريخ الأديان “، وبعد إنتهاء الشيوعية عام 1991م، عاد المسجد إلى ملكية مسلمي القرم مجددا، فقاموا بترميمه من جديد، معيدين إليه مظاهر الفن الإسلامي التي كانت تميزه بجمالها، وأبقوا على المئذنتين و فتح أبوابه للمصلين ويرفع فيه الآذان وتقام فيه الصلوات الخمس بشكل يومى
ثلاث قبور لأبطال من الضباط المصريين فى حرب القرم
6.مسجد به أكبر عدد من المآذن” مسجد قول شريف”في مدينة قازان:
” مسجد قول شريف”
يعتبرمسجد “قول شريف” هو المسجد الجامع في مدينة قازان ومن أهم المساجد بجمهورية تتارستان وقد تم إدراجه ضمن مواقع التراث العالمي لمنظمة اليونسكو،تم بناء مسجد قول شريف في القرن 16 الميلادى ، وحمل اسمه نسبة للقائد “قول شريف” الذي توفي مع طلابه سنة 1552 للميلاد خلال دفاعهم عن مدينة قازان ضد القوات الروسية، وقد دُمر المسجد من طرف القيصر إيفان الرهيب في نفس العام، حتى أعيد بناؤه و افتتاحه في 2005 ،تبلغ مساحة المسجد 19 ألف متر مربع، ويسع حوالي 5 آلاف مصلٍ في القاعة الداخلية وحوالي 10 آلاف مصل في الساحة الخارجية،يحتوي المسجد على قبة مركزية يبلغ ارتفاعها 39 متراً وأربع مآذن بارتفاع 57 متراً، ويوجد في مجمع المسجد الرائع بتصميمه متحف للثقافة الإسلامية في منطقة الفولجا، ويضم المتحف عددا من المخطوطات القديمة والمكتبات ،ومن أهم ما يعرضه المسجد أيضا ضمن مكتبته اكبر مصحف في العالم، وهو مصحف يبلغ طوله مترين وعرضه مترًا ونصف، بينما يزن حوالي 800 كيلوجرام، وقد تمت طباعته على الورق الاسكتلندي
7.أكبر مساجد أوربا “مسجد قلب الشيشان”في وسط مدينة غروزني:
مسجد قلب الشيشان
لُقب المسجد بـ “فخر المسلمين”، في مدينة شالي، على بعد 35 كم من العاصمة الشيشانية غروزني ، في حجمه يحتل المرتبة الثانية بعد المسجد الكبير في موسكو والمسجد المركزي في محج قلعة، افتتح المسجد في الذكرى الستين لأول رئيس للجمهورية الشيشان، بطل روسيا أحمد خاجي قاديروف، تبلغ مساحته 5000 متر مربع، مما يسمح باستيعاب حوالي 10000 مصلي و للمسجد أربع مآذن يبلغ ارتفاع كل منها 63 م والقبة المركزية الضخمة ارتفاعها 32 م وقطرها 16 م ، والقبة الزرقاء محاطة بأربع أنصاف القبب ، السقف ذو الشكل المعقد مزين بقباب أصغر، ترتكز على واجهات ذات نوافذ مقوسة، منها ينفذ ضوء الشمس الى الداخل، مواصل القبة المركزية من الداخل تضئ بأشعة من الضوء الأزرق، للايحاء بأنها السماء.
8.أقدم مساجد روسيا” مسجد الجمعة ” في مدينة دربند:
” مسجد الجمعة “
دربند : مدينة دربند تقع على بحر قزوين ،و تبعد عن العاصمة موسكو 2212 كم وهى إحدى مدن فى داغستان التابعة للإتحاد الفيدرالى الروسي، شُيد مسجد الجمعةفي القرن الثامن الميلادي، بناه الأمير الأموى وأحد أفضل القادة العسكريون فى فترة الخلافة الاموية “مسلمة بن عبد الملك” في سنة 734 م،ويعتبر أقدم مسجد في البلاد ،وكذلك الأقدم على أراضي روسيا وتم إدراجه في قائمة التراث اليونسكو.
9.مسجد لم يغلق خلال حقبة النظام السوفيتي مسجد إيركوتسك هو المسجد الرئيسي لمدينة إيركوتسك:
مسجد إيركوتسك
مدينة إيركوتسك تبعد عن بحيرة بايكال حوالي 60 كم فى شرق سيبيريا ، يدخل مسجد إيركوتسك ضمن قائمة التراث الثقافي ذات الأهمية الفيدرالية ،توقف عن العمل فقط خلال الحرب الوطنية العظمى، مسجد إيركوتسك هو المسجد الرئيسي لمدينة إيركوتسك والمركز الديني للمفتيين في البيكال والذي يجمع عادة المسلمين التتار والباشكير في المدينة وضواحيها، افتتح المسجد وسمع الآذان لأول مرة في إيركوتسك في عام 1897 ، تبرع الأخوان زيدالله وشيخ الله الملقبين “بشفيغولين” من ممتلكاتهما بقطعة ارض لبناء المسجدفى عصر الإمبراطورية الروسية ،و بحلول عام 1905 تم تشييد مبنى جديد للمسجد، و كان أحد أفضل المساجد في روسيا في عصره .
مسجد “نورد الكمال”
10.المسجد الأبعد في الشمال الروسي مسجد “نورد الكمال” في مدينة نوريلسك:
مدينة نوريلسك تقع أقصى الشمال بالقرب من القطب الشمالى ،هندسته المعمارية غير عادية ،تم بناء المسجد على على نفقة رجل الأعمال مهاد بكمييف ، وهو مواطن من نوريلسك ،كما أطلق عليه إسم “نورد كمال” تكريماً لوالديه: والده نورالدين والأم العين الكمال، وتمّ إدراجه في كتاب غينيس للأرقام القياسية باعتباره المسجد الأبعد في الشمال، تم تصميمه بحيث يسمح بالحفاظ على الحرارة ومقاومة الرياح القوية ، المسجد على شكل نجمة ،مطلي باللون الأزرق، وقباب المبنى الرئيسي والمئذنة باللون الذهبي و جوانب المبنى مفصولة بأعمدة زخرفية بيضاء، وعلى كل جانب أربع نوافذ مستطيلة، الأجزاء العلوية من النوافذ مثلثة الشكل.
في العقدين الأخيرين تغيرت السياسة الدينية الروسية وأصبحت هناك تشريعات تتيح حرية الاعتقاد لكل مواطن روسي.