بالرغم من ان دائرة البعثات عادت حديثا الى مكانها الاصلي في وزارة التعليم العالي، لكن ثمة غرفة مشؤومة في هذه الدائرة أكتسبت شؤومها من طبيعة المراجعة فيها أو بالاصح من طبيعة تعامل "ساكنها" مع المراجعين..فالكل هناك بات يعلم مكان هذه الغرفة المشؤومة في دائرة البعثات ويدعو الله ان لا تمر عليها معاملته فالداخل فيها مفقود والخارج منها مولود، ولكن للأسف اغلب المعاملات مصيرها المحتوم ان تمر بهذه الغرفة.
انها غرفة الدكتور المسؤول (صاحب التوقيع المقدس)، فعند وصول أي معاملة للتوقيع على المراجعين (وجلهم من اصحاب الشهادات العليا) الانتظار خارجا في الممر الخالي من أي مقعد، وفترة الانتظار تكون من بداية الدوام الرسمي الى نهايته، ليخرج بعدها السكرتير للمراجعين قائلا: (تعالوا باجر المدير ملحك يكمل البريد!)، فيقول احدهم مدهوشا : ولكن لم تخرج أي ورقة من غرفة المدير، فيكون الرد ان المدير كان مشغولا بتوقيع بريد الامس!!!
فيعود المراجعين بخفي حنين، واغلبهم موظفين في الدوائر الحكومية ومنهم القادم من محافظات اخرى، وكلهم حصل على الاجازة من دائرته بشق الانفس وقد استنفذ اغلب رصيده من الاجازات في انتظار ان تخرج معاملته من هذه الغرفة.
ليس هذا فقط فاغلب المعاملات لا توقع وترد باستفسارات غريبة، تجعلنا نتسائل عن سبب وضع الدكتور بهذا المنصب، منها :هل خريجي كليات الهندسة التقنية لهم نفس حقوق كليات الهندسة (عمي من زمن هدام والكل يدري بهل الشغلة)، او سؤال طالب البعثة عن طبيعة الدراسة في بلد البعثة (لعد انتوا شنو شغلكم؟)
وطبعا تطلب الاجابة بصورة رسمية، ولفترة يبقى الطالب في حيرة على كيفية تحصيل مثل هذه الاجابات وينتهي الموضوع ان يوقع الطالب تعهد خطي، لهذا فنرى ملف الطالب يحوي تعهدات ما انزل الله بها من سلطان.
وكل هذه المعاملات يجب مراجعتها بصورة مستمرة، وإلا ستبقى مدفونة تحت كومة من زملائها تنتظر ان يأتي صاحبها للبحث عنها او تجد طريقها لقسم اخر ليس له علاقة بالموضوع.
لا اعلم ان كانت هذه الغرفة مستحدثة او ان مديرها جديد، واعتقد والعلم لله ان الهدف منها هو تذكير المبتعث بجمال الروتين العراقي قبل سفره الى دول لا تعترف بالروتين وتدار اغلبها الكترونيا.