الناس فيما يعشقون مذاهب!
أكل
لباس
أشكال ألوان
كل شيء في الحياة له عشاق ومحبون! أكلة تجربها مرة واحدة ثم تحلف "قسمًا عظمًا" بأنك لن تجربها ثم ترى من يأكلها كل يوم! ملابس تقول: كيف يلبسها أحد؟ تجد أناسًا يموتون من أجلها. إنسان تقول: من يتزوجه؟ فإذا به يتزوج امرأة فائقة الجمال! رواية، كتاب، فنون، …! لا تسأل فكل شيء له سوق ومحبون وله مبغضون.
نستطيع أن نملأ صفحات من أنماط الاختلافات في الأذواق التي لولا تنوعها وتكاثرها ما كانت الحياة بهذا الشكل البديع! الناس تسافر من أجل أن تستمتع بأكل وشرب وترى أشياء مختلفة عن التي في بلدانها وأوطانها. نختلف في أذواقنا أما في ساعة الميلاد فنحن نستطعم حليب الأمهات وهو متشابه. وفي ساعة الموت نستجدي قطرات ماء قراح لا يختلف على طعمها.
اختلافنا في الأذواق لا يلغي أننا خلقنا كلنا من طين لازب؛ مادة تافهة وصرنا لحمًا ودمًا ومشاعر، إذا جرحت أجسامنا يسيل منها دم أحمر. تنوع الرغبات لا يغير في حقيقة الأمر: "الناس صنفان إما أخ لك في الدين، أو نظير لك في الخلق". لا يفرق بينهم إلا إيمانهم وقيمتهم عند الله: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ).
يقال: إن من الشعر لحكمة وهذا إيليا يقول:
نَسِيَ الطينُ ساعَةً أَنَّهُ طينٌ
حَقيرٌ فَصالَ تيهًا وَعَربَد
وَكَسى الخَزُّ جِسمَهُ فَتَباهى
وَحَوى المالَ كيسُهُ فَتَمَرَّد
يا أَخي لا تَمِل بِوَجهِكَ عَنّي
ما أَنا فَحمَة وَلا أَنتَ فَرقَد
اختلافنا في الأذواق والأحساب والأنساب والغنى والفقر والقبح والجمال لا يقربنا عند الله ولا يبعدنا إلا بمقدار ما نتقيه ونطيعه، وإلا كيف ارتقى بلال من الحبشة وسلمان من فارس وسقط أبو لهب من عرب بطن مكة؟ عن رسول الله -صلى الله عليه وآله-: "إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، ودينكم واحد، ونبيكم واحد، ولا فضل لعربي على عجمي، ولا عجمي على عربي، ولا أحمر على أسود، ولا أسود على أحمر، إلا بالتقوى".
رائع عندما يخاطب الله عباده كلهم ويسميهم "بني آدم" أو "الناس" أو "عباد" يحذرهم الشيطان الذي أخرج أبويهم من الجنة ويزين لهم لباس التقوى.
أجمل من الشعر وصف الإمام علي -عليه السلام- لابن آدم: "مسكين ابن آدم! مكتوم الأجل، مكنون العلل، محفوظ العمل، تؤلمه البقة، وتقتله الشرقة، وتنتنه العرقة". يغص بالماء وإذا مر يوم من دون أن يغسل جسده ظهرت منه روائح نتنة تغير رائحته الطيبة.
غاية الأمر: كل ما تحب واشرب ما تحب والبس ما تحب يا إنسان، اختلاف ذوقك لا يعني شيئًا ما دام ما تأكله وما تشتهيه لم تسرقه من أحد وليس مما حرمه الله عليك! أنت لست إلا نفسك!