أبو بكر الصديق لم يكن مع الرسول بالغار ولم يهاجر معه
لعل تاريخنا الإسلامي قد عحّ بالخرافات والخزوعبولات والدسائس والكذب الذي تميز بها معظم كتابات المؤرخين...وما ذلك إلا لأننا شعوب لا تمحص ولا تدقق حتى راجت تلك الخرافات والأكاذيب بيننا.
ومن بين تلك الأكاذيب أقصوصة هجرة أبو بكر مع الرسول من مكة للمدينة المنورة....وبيانها المفضوح بالقرءان والسنة....
وسنوالي شرح تلك الأكذوبة فيما يلي:
أولا الكذب على القرءان
يؤكد القرءان عدم وجود أبا بكر مع الرسول بالغار ويتبين ذلك مما يلي:
بقول تعالى: {إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }التوبة..40.
ومن كلمات هذه الاية نستنبط منها ونتدبر ما يلي:
1. فالذي نصره الله هو واحد وليس اثنين [فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ ]..
2. والذي أخرجه الذين كفروا هو واحد فقط وليس اثنين [إِذْ أَخْرَجَهُ ] ولم يقل الله [إذ أخرجهما الذين كفروا]. .
3. بينما تجد أن العدد الوارد بالقرءان هما إثنين لقوله تعالى: [ ثاني اثنين] ...فلو كان الاثنين هما الرسول وأبا بكر لكان الرسول [ أول الاثنين ] وليس ثاني الإثنين...
فهذا يدل على ان الثاني لم يكن مرغما على الخروج ولم يطرده قومه ...وكان هو أول الاثنين فيكون هو الدليل المشرك المسمى [عبد الله بن أريقط].
4. ....ولأنه هو الدليل فقد كان هو الأول...ولأن الرسول كان يقتدي بهذا الدليل فكان الرسول ثاني اثنين.....
5. وبينما تجد أن الموجود بالغار كان اثنين والذي أخرجه قومه هو واحد وجرى بينهما حديثا في غاية الأهمية إذ قال الرسول لصاحبه في الغار [ لا تحزن] ولم يقل له [ لا تخف]....
فلو كان ابا بكر هو صاحب الرسول لقال له النبي [لا تخاف] بما يعني لا تخاف من أن يقتلك المشركين أو يقتلوا الرسول....لكنه قال له [لا تحزن] لأن الرسول بالنسبة للدليل المشرك عبد الله بن أريقط ما هو إلا صفقة تجارية يخشى عليها أن تضيع من يده لهذا فكانت عبارة [لا تحزن] هي المناسبة لوضعة التجاري حيث يطمئنه النبي بأنه سيتقاضى اجره أو باقي أجرخه وأنه لن تفشل صفقته التجارية..
6. ولو كان أبو بكر هو المهاجر مع رسول الله فرارا بدينه وفي سبيل الله لأنزل الله سكينته عليه لكن الله اقنصر بإنزال السكينة على النبي وظل الدليل المشرك حزينا على الصفقة التبي كادت أن تضيع وفي ذلك يقول تعالى:
[فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ ]...
ولم ينزلها على عبد الله بن أريقط.
7. وكذلك فإن التأييد نزل للرسول فقط ولو كان أبو بكر مهاجرا مع الرسول لأيده الله ايضا ...وفي ذلك يقول تعالى:
[وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا]...أي أن التأييد نزل لواحد فقط هو الرسول.
ولو كان أبو بكر الصديق هو الذي مع الرسول لوقع اجره على الله ولأصابته السكينة لقوله تعالى: {وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَماً كَثِيراً وَسَعَةً وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلى اللّهِ وَكَانَ اللّهُ غَفُوراً رَّحِيماً }النساء.100
ودوما يتنزل الله بسكينته على رسوله وعلى المؤمنين...فلو كان أبو بكر هو المهاجر مع رسول الله لأنزل الله سكينته على الرسول وعلى ابو بكر.....
ثانيا: من كتاب صحيح البخاري
وسأستخدم هنا كتاب صحيح البخاري ككتاب تاريخ وليس ككتاب أحاديث....فلعل القارئ الكريم يود أن يطلع على ما جاء به البخاري مما يؤكد أن ابا بكر هاجر للمدينة قبل هجرة الرسول وأنه كان يصلي مأموما خلف الصحابي سالم مولى أبي حذيفة وهو الشهير بواقعة إرضاع الكبير، وإليك الحديثين في هذا الشأن:
روايتين الموجودتين في صحيح البخاري والتين ارصدمتا شراح البخاري والرواة حيث يذكر البخاري ما يلي:
1ـ : حدثنا إبراهيم بن المنذر قال حدثنا أنس ابن عياض عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر قال لما قدم المهاجرون الأولون العصبة موضع بقباء قبل مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يؤمهم سالم مولى أبى حذيفة وكان أكثرهم قرأناً .
المرجع: صحيح البخاري ج 1 ص 170 كتاب الاذان / باب اهل العلم والفضل احق بالامامة.
وعندما نسأل البخاري ونقول له : من هم الذين كانوا يصلون خلف سالم مولى ابي حذيفة في هذه الفترة ( قبل قدوم النبي (ص) الى المدينة ) سيجيبنا البخاري ويقول :
2ـ أنّ ابن عمر روى انّ ابو بكر وعمر و... و.... كانوا يصلون خلف سالم في هذه الفترة حيث قال :
حدثنا عثمان بن صالح حدثنا عبد الله بن وهب قال أخبرني ابن جريج ان نافعا أخبره ان ابن عمر رضي الله عنهما أخبره قال كان سالم مولى أبي حذيفة يؤم المهاجرين الأولين وأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في مسجد قباء فيهم أبو بكر وعمر وأبو سلمة وزيد وعامر بن ربيعة.
. المرجع: صحيح البخاري ج 8 - ص 115 كتاب الأحكام / باب استقضاء الموالي واستعمالهم ومن البخاري
3ـ ومن الزيادات المخبولة التي ترويها الكتب التي نتناقلها بكل فخر بينما هي لا تساوي قيمة المداد الذي تم تدوبنها به..... أن أسماء ابنة ابا بكر كانت تذهب للنبي وأبيها في الغار لتزودهم بالزاد....فهل يصدق الفارئ هذا الهراء؟؟؟....أتمشي فتاة وحدها في جبال مكة الوعرة لتذهب لأبيها والرسول في ذلك الغار....وهل كان هذا الغار محل إقامة لهما خارج مكة يعيشان فيه!!!.
ثم هل يهاجر أبو بكر ويترك بناته أسماء وعائشة ولا يخاف عليهما من وحشية وبطش !!!...أكانت هذه نخوة أم نذالة من أبو بكر وييريد منا اهل الأكاذيب أن نصدقها.
فنستنتج من جماع ما تقدم من تدبر للقرءان ومرويات البخاري وخرافات باقي الكتب أن ابا بكر لم يكن في الغار مع النبي والذي كان معه هو الدليل عبد الله ابن أريقط أو أريقد..... ليتأكد القارئ عدم هجرة الصدبق أبو بكر مع رسول الله.....
هذا فضلا عن مفترياتهم عن أمية الرسول وجهله بالقراءة والكتابة..وما اشاعوه من أن للقرءان رسما عثمانيا....وما يزعمونه من أن أبا بكر جمع القرءان وان عثمان جمع القرءان...وخرافانهم عن عذاب القبر وإرضاع الكبير وقتل المرتد وتارك الصلاة والبغلة التي تطير في السماء...والتداوي بأبوال الإبل وغير ذلك من الأكاذيب المخالفة للنصوص القرءانية والتي دأبوا التروويج لها .....ودعونا نتساءل: أين علماء الأمة منذ أكثر من 1400 سنو....وهل لازلتم ترونهم متخصصين؟.....أين تدبرهم بللقرءان والسنة؟.....أم أنكم جميعا مجرد ناقلين بلا عقل ولا إدراك....لا حول ولا قوة إلا بالله.
جاء في كتاب (البداية والنهاية)، لابن كثير، عن ابن جرير الطبري ما يؤيّد هجرة رسول الله(صلّى الله عليه وآله) إلى غار ثور وحده، فخاف ابن كثير من هذه الرواية الصحيحة الدالّة على بطلان صحبة أبي بكر، فارتجف قائلاً:
((وهذا غريب جدّاً، وخلاف المشهور من أنّهما خرجا معاً))! المرجع:(البداية والنهاية ج3 ص219، السيرة النبوية، لابن كثير أيضاً ج2 ص236).
إنّ الروايات التي تذكر هجرة أبي بكر مع خاتم الأنبياء(صلّى الله عليه وآله) هي روايات إسرائيلية؛ لأنّها تشتمل على بعض التفاصيل الواضح اتّصالها باليهود وتراثهم!
من تلك القضايا: أنّ حمامة قد جاءت وباضت بيضة أمام الغار، وأنّ عنكبوتاً قد جاء ونسج خيوطه على فتحة الغار، الأمر الذي جعل المشركين يتوهّمون عدم وجود أحد فيه.
وهذا الأمر مناقض للعقل وللصحيح من الروايات؛ لأنّ غار ثور مثلما تشاهدونه هو غار صغير لا تتعدّى مساحته مترين مربعين فقط، فمن غير الممكن أن يحجب أي شيء الرؤية إلى داخله، فلو وقف أي شخص أمام فتحة الغار لشاهد كلّ ما فيه بشكل واضح
مستشار/أحمد عبده ماهر
محام بالنقض وباحث إسلامي