صندوق أسود خاص بالأرض كي تتمكن "حضارات المستقبل" للتعرف على ما حدث للأرض إذا تعرّضت البشرية لكارثة مناخية (بيكسابي)
يستهدف مجموعة من الخبراء من جامعة تسمانيا الأسترالية بناء أوّل "صندوقٍ أسود" لكوكب الأرض هذا العام يشبه ما يوجد على متن الطائرات والذي يكشف تفاصيل وكواليس الحوادث الكارثية التي تقع.
وفي مفهوم تراث الإنسان العصري، فإنّ الصندوق الأسود يُعد مصطلحا يُطلق على جهاز يوجد ضمن الطائرة أو السفينة أو الغوّاصة، وفيه تُحفظ جميع التسجيلات والبيانات التي تختص بالرحلات لاستخلاصها لاحقا، ويتميّز بلونه البرتقالي لتسهيل عملية العثور عليه إذا وقع حادث ما، ويُطلق عليه "مُسجِّل بيانات الرحلة".
ويهدف مشروع صندوق الأرض الأسود المبتكر تسجيل التغيرات المناخية التي تطرأ على الكوكب، وتوثيق الإجراءات المتبعة، وكذلك الإجراءات الأخرى غير المتبعة.
ويعتقد الخبراء أنّ هذا الصندوق سيساعد الحضارات الذكية الأخرى في المستقبل في فهم أسباب زوال الحضارة البشرية بسبب التغيّر المناخي، ويبلغ طول الصندوق الأسود المخصص 9.75 أمتار من الفولاذ الصلب.
ويحتوي الجهاز على محركات أقراص ثابتة توثّق التغيرات المناخية باستمرار، وإذا حلّت كارثة طبيعية معيّنة على الكوكب سيكون بمقدور الجهاز تسجيل وحفظ البيانات المطلوبة وحفظها للمستقبل، لكن يتعيّن على أيّ شخص القدرة على الوصول إليها.
وعلى الرغم من أنّ المشروع أُعلن للمرة الأولى في نهاية عام 2021، فإنّ بعض المشاكل تسببت بتأخيره، وتعتقد الشركة الأسترالية المتعاونة في المشروع كليمنغر بي بي دي أو، أنّ الصندوق الأسود سيبدأ العمل عليه والانتهاء منه هذا العام.
وبينما لا يزال الموقع الدقيق للصندوق غير محدد، فإنّه من المقرر وضعه قرب الساحل الغربي بين مدينتي كوينزتاون وستراهان، أي على بعد 4 ساعات من مدينة هوبارت في محافظة تسمانيا أقصى جنوب أستراليا. ويشبه الصندوق في شكله الخارجي مجسم المونوليث الذي ظهر في فيلم الخيال العلمي الشهير "2001.. ملحمة الفضاء".
وسيَعتمد الجهاز على الشمس لتوفير الطاقة، وسيكون مزوّدا بألواح شمسية، كما سيحتوي على حسّاسات ومستقبلات لاستقبال جميع التغيرات التي تحدث على الأصعدة التالية: مستوى سطح البحر، ودرجات الحرارة، ومستويات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، وتحمّض المحيطات، ومعدلات انقراض الكائنات الحيّة.
بالإضافة إلى ذلك ستعمل خوارزمية على جمع البيانات المتعلقة بتغيّر المناخ من مصادر مختلفة مثل الصحف ومنصات التواصل الاجتماعي.
ولا توجد حاليا أدنى فكرة عن الطريقة التي سيؤمّن بها الخبراء وصول الناجين أو الحضارات الذكية المستقبلية إلى موقع الصندوق الأسود الخاص بالأرض عقب أي كارثة مناخية محتملة، إلا أنّ العمل لن يتوقف عند هذه الإشكالية، ومن المتوقع أن يبدأ الصندوق الأسود بتخزين المعلومات خلال العقود الخمسة المقبلة، وسيلعب دورا جوهريا في توثيق جهود البشر في مكافحة التغير المناخي.