الفنون الصخرية في منطقة حائل
برزت ظاهرة الفنون الصخرية عبر تاريخ البشرية، بوصفها أقدم الآثار الإنسانية، على نتوءات الجبال أو الكهوف أو الأسطح الحجرية، وعُثر عليها في الأماكن التي عُدت موطنًا قديمًا للاستقرار البشري، ومنها الفنون الصخرية في منطقة حائل بالمملكة العربية السعودية، التي تعد أحد المواقع التاريخية عالميًّا منذ القرن التاسع عشرالميلادي، إذ ترك أسلاف السكان العرب آثارًا لتجاربهم البشرية فيها، عبر رسومات تمثل شخصيات بشرية وحيوانية، وقد سُجلت ضمن قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو عام 1436هـ/ 2015م،بوصفها رابع المواقع الأثرية السعودية المُدرجة، بعد الحجر والدرعية وجدة التاريخية.
وقد أسهمت الفنون الصخرية في منطقة حائل وغيرها من مناطق المملكة في إبراز العمق الحضاري للمملكة التي تُعد رابع أغنى منطقة في العالم بالفنون الصخرية بعد أستراليا وأفريقيا والهند، حيث تتمتع بمخزون حضاري غزير وغني من الفنون الصخرية المتنوعة، التي انتشرت في بيئات طبوغرافية متعددة، وامتدت منذ الفترة النيوليثية (العصر الحجري الحديث) إلى الفترة الإسلامية.
نقوش أثرية على جبل أم سمنان في جبة بمنطقة حائل. (وزارة الثقافة)
تاريخ الفنون الصخرية في حائل
أسهم الاستيطان والاستقرار البشري المبكر في منطقة حائل في ظهور كثير من الآثار التي تدل على الحضارات المتعاقبة فيها، ومن أبرز تلك الآثار الفنون الصخرية من نقوش وطبعات ورسوم، وهي من أهم المعالم الحضارية القديمة للمملكة التي تُعد واحدة من أغنى حضارات الشرق الأدنى القديم بهذا النوع من الفنون، إذ تمتلك أكثر من 1400 موقع للفنون الصخرية، ومئات الآلاف من الأشكال الآدمية والحيوانية.
وقد توفرت في منطقة حائل بيئة تساعد على الاستيطان، حيث تعاقبت عليها أدوار وظروف مناخية ما بين الجاف والمطير، ففي الحقب الأخيرة من عصر البلايستوسين (3 ملايين – 10 آلاف سنة ق.م) سادت فترات ممطرة وانتشر الغطاء النباتي بشكل وفير، وفترات تشكلت فيها الصحاري وجفّت البحيرات. ومع بداية عصر الهولوسين (منذ 10 آلاف سنة ق.م) تحول المناخ إلى المطير فكثر سقوط الأمطار وجريان الأودية وتوفر الغطاء النباتي، وخلال 5 آلاف سنة ق.م بدأت فترة الجفاف الأخير وما زالت حتى الآن.
وأدّت تلك التحولات إلى ظهور عددٍ من الحضارات عبر العصور، وخلّفت آثارها في المنطقة، إذ عثر على المنحدرات والمرتفعات على أدوات حجرية تعود إلى العصر الحجري القديم (الموستيري)، ويؤرخ إلى ما بين 120,000 – 40,000 ألف سنة قبل الوقت الحاضر. وكذلك عثر على موقعين يعودان لنفس الفترة بالنفود الكبير في جبة بالقرب من جبل أم سنمان. وتضم تلك المواقع عددًا من المكاشط ذات الحدين وأدوات على شكل أقراص. كما عُثر في مواطن متفرقة في المنطقة على مواقع تعود إلى العصر الحجري الحديث. وتضم الأدوات الحجرية لهذا العصر قطعًا من الشيرت والشفرات والمكاشط والأحجار على شكل أقراص، والعديد من القطع المسننة والمعنقة.
طبيعة الفنون الصخرية
تتعدد أنواع الفنون الصخرية الموجودة في المملكة، وتعبّر عن أنماط مختلفة لأساليب الحياة والتواصل بين الحضارات المتعاقبة، وهي بما تشمله من نقوش وطبعات ورسوم تُعد من أهم معالم حضارة المملكة العربية السعودية القديمة. وقد وُجدت معظم الفنون الصخرية، ومئات الآلاف من الأشكال الآدمية والحيوانية في شمال وشمال غرب المملكة، في الجوف وسكاكا وتبوك وتيماء وكلوة وحائل وجبة والشويمس والحجر والعلا والمدينة المنورة والحناكية، وفي جنوب وجنوب غرب المملكة في الطائف والباحة وعسير وأبها ونجران وحما وجازان، علاوة على بعض المناطق في وسط المملكة، كمواقع القويعية والدوادمي والرياض.
وتبرز الفنون الصخرية التي تم اكتشافها في المملكة أنواعًا مختلفة في الأشكال وطرق النقش، ففي جبل الصليحات بجبة وجبل المركابة والشويمس وصبحة وجد المزيد من نقوش الأكف البشرية، سواء نقش نمط الكف بمفرده، أو نمط الكف بالساعد، أو نمط الكف بالساعد وجزء من الكوع والعضد، أو كامل الذراع، بجانب بعض الأشكال الآدمية العودية والحيوانات المستأنسة، كالجمل وبعض الحروف الثمودية.
وتُعد جُبَّة (90 كلم شمال مدينة حائل) أحد مواقع الفنون الصخرية البارزة في المملكة، وهي واحة بها بقايا من بحيرة قديمة كانت تزخر فيما مضى بالنباتات والحياة البرية، وبالبشر، في حين يُحيط بها الآن بحرٌ من الرمل المتلاطم في صحراء النفود. وعلى عكس اللوحات والنقوش الأخرى التي تعود إلى العصر الحجري الحديث في أجزاء أخرى من العالم، يتميَّز الفن الصخري في جُبَّة بالنحوت العميقة، التي تعرض صورًا بارزة للغاية، لا تزال تحتفظ بملامحها الأصلية بشكل ملحوظ، وتظهر في النقوش صور لرجال ونساء، تُعطي لمحة عن الملابس التي كان الناس يرتدونها في الماضي، والطريقة التي كانوا يصفِّفون بها شعورهم. كما تظهر في هذه الآثار الفنية حيوانات ومشاهد صيد، وأسلحة من قبيل الأقواس والسهام والعصيّ والرماح.
ويبدو الفن الصخري في جُبَّة مشابهًا للموجود مثله في شمال أفريقيا، في دول كالجزائر وليبيا ومصر، وتستضيف جُبَّة اثنتين من أكثر المنحوتات الرمزية في المملكة، الأولى منهما لرجل مصوَّر بهيئة السُلطة، يرتدي ملابس وحليَّ النبلاء، ويبدو في مكانة مهيمنة على مرؤوسيه، مما يمكن تفسيره على أنه أحد الملوك القُدامى. أما الثانية فتصوِّر عربة يجرها حصانان.
وتتميز جُبَّة بمرورها بثلاثة عصور مختلفة، هي: العصر الحديث، وعصر الثموديين، والفترة المتأخرة من عصر ما قبل التاريخ، ولذلك لا تنتمي آثارها الصخرية الفنية إلى عصر واحد أو حضارة واحدة. وتتكوَّن النقوش الصخرية الحديثة من نقوش غامضة لنصوص عربية حُفرت بجسم معدني، لكن بعض النقوش العربية غير مؤرخة، وقد نُقشت باستخدام حجر آخر، مما يدل على أنها تعود إلى أزمنة أقدم. ويمكن مشاهدة صور لراكبي الجِمال، أو مشاهد لمعارك مع أشخاص يستخدمون الرماح للقتال على الخيول.
الفنون الصخرية عبر التاريخ
ارتبطت منطقة حائل منذ عصور وحقب بعيدة بالفنون الصخرية التي كانت تجسّد ذاكرة للمجتمعات التي عاشت فيها، وقد اشتهر في ذلك موقعان صحراويان يوجد بهما الفن الصخري، هما جبل أم سنمان (جبة)، وجبال المنجور وراطا (الشويمس). وقد ترك أسلاف الجماعات السكانية العربية الحالية آثارًا تدل على استيطانهم، منها العديد من ألواح النقوش الصخرية، إضافةً إلى كثير من النقوش الأخرى. وتمثل هذه الآثار عددًا كبيرًا من الأشكال الآدمية والحيوانية يمتد تاريخها إلى 10,000 سنة.
وتُعد الرسوم والنقوش الصخرية التي تنتشر في عدد من المواقع بمنطقة حائل مظاهر حضارية عبّر من خلالها سكان تلك المنطقة خلال العصور السابقة للتاريخ والعصور التاريخية عن أنشطتهم المعيشية وحياتهم اليومية، وممارساتهم الدينية، وتفاعلهم مع البيئة، ويرجع معظمها إلى فترة ما قبل التاريخ أو العصر الحجري الحديث (أربعة عشر ألف سنة قبل العصر الحاضر)، منها ما يمثّل أنواعًا عديدة من الحيوانات التي استخدمها الإنسان أو كان يصطادها، مثل الأبقار الوحشية والوعول والغزلان والنعام والماعز الجبلي.
ويشمل تعدد الفنون الصخرية في حائل كذلك صورًا تجريدية لشخوص آدمية متجاورة تصوِّر احتفالات جماعية، أو ممارسات دينية، أو معارك حربية ومبارزات ثنائية، يظهر فيها الإيقاع التعبيري والحركة في ممارسات الصيد، وصور الحيوانات المفترسة، كالأسود والنمو. كما توجد رسوم عائدة إلى الفترة الإسلامية المبكِّرة، ونقوش كتابية بالخط الكوفي، بعضها مؤرخ بالقرن الثاني الهجري.
أنواع الفنون الصخرية في حائل
تنوعت الفنون الصخرية في منطقة حائل بحسب الأغراض الاتصالية للجماعات الحضارية التي استوطنت المنطقة، فخلال عصر ما قبل التاريخ، كان أسلوب النقوش الصخرية محدودًا بمهارة الحفارين وصعوبة الأسطح الصخرية، مما جعل التعرُّف على أنواع الحيوانات المصوَّرة، مثلًا، أمرًا صعبًا. واعتمد الحفارون على أدوات بسيطة لأداء مهام معقدة، حيث استخدموا أسلوب النحت الكلي الذي يُعد من أصعب أساليب الرسم الصخري. ولم تكن الأدوات المستخدمة في بدايات تنفيذ الرسومات والنقوش سوى إزميل بسيط من الحجر، ثم استخدم الحديد بعد ذلك بفترات طويلة. وكانت ترافق الإزميل مكشطة لحذف الأجزاء غير المرغوب فيها، ثم يعمدون بعد ذلك إلى تنعيم الصورة بحكها بأداة من الحجارة.
الأشكال الآدمية
تضمنت الفنون الصخرية رسم أشخاص بشرية، تمثِّل إنسان عصور ما قبل التاريخ، فتميل قاماتها إلى الطول، وهي تُشير إلى الذكور، الذين يبدون كما لو أنهم يرتدون أُزُرًا من العشب وبعض أنواع أغطية الرأس. ويظهر في أحد الرسومات شخصان يستخدمان أدوات معقوفة، فيما يحمل شخص آخر قوسًا وسهمًا.
وتبرز الرسوم الآدمية كأحد أهم أنواع الفنون الصخرية، وهي تختلف من حيث الشكل وأسلوب التنفيذ من حقبة لأخرى، فهناك الأشكال الآدمية العودية، ويتكوَّن الشكل العودي من خطوط بسيطة ترمز إلى أطراف مرسومة بأقل جهد ممكن من راسمها، حيث يصوَّر هذا الرسَّام الشكل شبه الآدمي بأدنى حدٍ من التفاصيل التي يمكن تمييزها.
ومن بين رسوم الفنون الصخرية الموجودة هناك الأشكال الآدمية ذوات الرؤوس المقنّعة دائرية الشكل، وتخرج من هذه الأقنعة عصيّ تشبه الرايات. وهناك الأشكال الآدمية التجريدية الشديدة التخطيط، وهي غالبًا ما تكون عملية معقَّدة، ويمكن تمييزها عن طريق مقارنتها بالرسومات التي تكون مقترنة بها، ولهذا نجد أن الشكل الإطاري وقسمات الوجه مرسومة بأسلوب تجريدي أو مختزلة أو مكبَّرة أو ناقصة أو معَّدلة إلى أبعد حد، مع محافظتها على أوجه الشبه، إما في شكل الجسم وإما في شكل الجذع والرأس مع الأشكال الآدمية، وهذا ما يمكننا من تمييزها على أنها رسوم آدمية.
بعض النقوش الأثرية الموجودة على جبال منطقة حائل. (واس)
الأشكال الحيوانية
بصورة عامة يتكوَّن الفن الصخري الثمودي بشكل رئيس من النقوش البارزة، وتهيمن عليه نقوش وصور الإبل، وترتبط غالبية صور الإبل المنقوشة بنصوص تحدِّد صاحب الحيوان، وغالبًا ما تظهر النصوص مكتوبة بشكل عمودي، لكن عددًا قليلًا منها كُتب بشكل أفقي. أما الصور الأخرى فهي لحيوانات النعام والكلاب والوعل، بالإضافة إلى النخيل، وذلك ما يفسر ما ذهبت إليه بعض الدراسات الأثرية من أن المجتمع الثمودي كان رعويًا رحالًا، حيث تنتقل فيه الحيوانات بشكل منتظم بين المراعي.
ومعظم الرسوم التي تم تحديدها تشير إلى حيوان الوعل ذي القرون الضخمة المعطوفة إلى الخلف واللحية والفراء المخطط. كما تُصوِّر الرسوم عددًا من الماشية ورؤوسها مائلة إلى أحد الجانبين، فيما أُبرزت الحمير البرية بما يشبه الأذنين القصيرتين المواجهتين للأمام.
وتشمل الآثار الموجودة في حائل كذلك نوعًا من الفن الصخري المطلي بالأحمر، وهو يتألف من ثلاثة حيوانات من فصيلة البقريات، أحدها ربما كان لحيوان الأُرخُص، وهو ثور كبير الحجم تعرَّض للانقراض. ويظهر اللون الأحمر في الرسوم على درجتين مختلفتين: الأحمر البني الذي رُسمت به الحيوانات، والأحمر المائل للأرجواني الذي رُسمت به المربعات والنقط.
الأسلحة
تبرز أنواع أخرى في الفنون الصخرية ترتبط بحياة المجتمعات، وهي نقوش لمجموعة من الأسلحة التي استخدمها الإنسان، سواء في عصور ما قبل التاريخ أو في العصور التاريخية، من أجل الحصول على غذائه بصيد الحيوانات التي كانت تعيش في بيئته. وقد صنعت هذه الأسلحة من الأخشاب والنحاس والبرونز والحديد، ومنها الأقواس والسهام التي تُعد من أقدم الأسلحة استعمالًا في الجزيرة العربية، ومن أكثرها شيوعًا.
ومن الأسلحة التي أظهرتها الرسوم الصخرية كذلك الرماح التي تظهر بشكل مكثَّف، وقد ظهرت كأسلحة متأخرة في رسوم الجزيرة العربية. ويعتقد بعضهم أنها ظهرت في العصر الحديث. وقد اقترن هذا النوع من السلاح بشكل كبير براكبي الخيول في حالتي الحرب أو الصيد، وكذلك الدروع التي ظهرت مقرونة بالرجال، وهم يقبضون عليها بأيديهم اليسرى، ويحملون في أيديهم اليمنى أسلحة أخرى.
النقوش الثمودية
تُعد النقوش الثمودية في منطقة حائل أحد أبرز المظاهر الحضارية التي تشير إلى أهالي حائل "الثموديين"، في الفترة التاريخية الواقعة بين القرنين السادس إلى الأول قبل الميلاد،ويبلغ عدد تلك النقوش 5431 نقشًا ثموديًّا،ويوجد أكثر من 13 ألف نقش صخري في جهات مختلفة من منطقة حائل.
وتعد تلك النقوش والكتابات عن حياة إنسان حائل خلال تلك الحقبة، وهي كتابات يمكن تسميتها بالكتابات الشعبية، فعددها ومناطق انتشارها ومضامينها تجعلها كذلك، فهي تزيد على الآلاف، وانتشارها يغطي بشكل واضح جميع مناطق شبه الجزيرة العربية من شمالها إلى جنوبها مرورًا بوسطها، ومن غربها إلى شرقها. وتعكس مضامينها واقع الإنسان دون رتوش أو تجميل، حيث عبّر عن آماله وطموحاته ودعواته وخلجاته وأدق تفاصيل حياته. كما أنها قصيرة ومباشرة. كل ذلك بخط وحيد انتشر فيها، هو القلم الثمودي.
وتكشف النقوش الثمودية عن كثير من جوانب الحياة، وتقدم صورة عن المجتمع وأحواله آنذاك، مثل المهن التي مارسها الثموديون، أو الأمراض التي انتشرت بينهم، أو العادات الاجتماعية المختلفة عندهم، مثل الزواج أو الطلاق.
وتتعدد النقوش الثمودية وتتباين في مواضيعها. وفي هذا السياق تُعد النقوش الدعائية الثانية من حيث العدد بعد النقوش المصنفة بالنقوش التذكارية، إذ بلغت 146 نقشا دعائيًّا.وهذه النقوش مع تلك التذكارية تعود في أغلبها إلى المرحلة الثمودية المتوسطة التي تبدأ في القرن السابع/ السادس قبل الميلاد، وهذا يعني أن درجة التدين والارتباط بالمعبود/ المعبودات كانت في المرحلتين الثموديتين المبكرة والمتوسطة أكثر من تلك العائدة إلى المرحلة المتأخرة، حيث توجد النقوش التي تغلب عليها نقوش الاشتياق والهيام، أو بعض النقوش التي تعكس جزءًا من نشاطات المجتمع آنذاك، مثل الترحال، والبحث عن الأكل، أو أحداث أخرى.
مواقع الفنون الصخرية في حائل
توجد في كثير من مواقع منطقة حائل آثار للفنون الصخرية التي تؤرخ لمجتمعات المنطقة عبر التاريخ، وفيها تعبيرات مختلفة لأنماط الحياة، حتى تبدو وكأنها أرشيف حضاري كبير ومفتوح في الطبيعة. وتتعدد تلك المواقع في مختلف أنحاء المنطقة، ويبرز منها:
منحوتات صخرية في جبل جبة بمنطقة حائل. (واس)
جُبّة
إحدى محافظات المنطقة، تبلغ مساحتها 12000 كلم2، وتقع في وسط صحراء النفود الكبير في اتجاه الشمال الغربي لمدينة حائل، وعلى بعد 100 كلم منها،كما أنها تقع على طريق القوافل القديم الرابط بين شرق البحر الأبيض المتوسط وهضبة نجد، وتشتهر بالزراعة لوفرة المياه بها.
يعود الأصل اللغوي لتسمية "جُبّة" إلى أن الجُبّة بضم الجيم وتشديد الباء، ثوب للرجل، واسع الكمين مفتوح الأمام، يلبس عادة فوق ثوب آخر. وجبة الدار: وسطها. وجبة العين: حجابها. وجبة الفارس: درعه. ومن السنان: الجبة ما دخل فيه الرمح.
وجاء في كتاب (تاج العروس): موضع الجبة في جبل طي في قول النمر بن تولب:
زينتك أركان العدو فأصبحت
أجا وجبة من قرار ديارها
ويأتي ذكر الجب بمعنى البئر الكثيرة الماء البعيدة القعر.
وتتميز جبة بعدد من المواقع الأثرية التي توجد بها فنون صخرية تمثل النمط المبكر للحفر والنقش. وتشير الدراسات الحديثة إلى أن جبة تُعد من مواقع الاستيطان البشري القديم في المملكة، فقد كشف عن موقعين يعودان إلى العصر الحجري الأوسط (80.000 – 40.000 ألف سنة من الوقت الحاضر)، الأول يقع في جبل أم سنمان الأثري، والآخر يقع في الجهة الجنوبية من الجبل نفسه.
كما تتميز رسوم ونقوش هذين الجبلين بمشاهد غنية للحياة اليومية للإنسان والحيوان اللذين استوطنا هذه المنطقة. ويمكن تقسيم وجودهما إلى فترتين: الأولى تعود للألف السابع قبل الميلاد، وبها تظهر الأشكال الآدمية المكتملة، فيما تعود الفترة الثانية للعصر الثمودي، وأبرز رسومها ونقوشها الصخرية تتمثل في استئناس الجمال.
وتُعد جبة أكبر موقع للفنون الصخرية في المملكة، وتم توثيق اثني عشر موقعًا للفنون الصخرية ترجع إلى العصر الحجري الحديث الأول (5000 - 7000 ق.م) تقريبًا. وتميزت الفنون الصخرية التي تعود إلى هذا العصر بأشكال الأبقار ذات القرون الطويلة، والأشكال البشرية ذات الحجم الطبيعي، فيما تميزت الفنون الصخرية في العصر الحجري الحديث المتأخر (5000 - 3000 ق.م) تقريبًا بالفنون التخطيطية للأشكال البشرية والحيوانية، وقل عدد الأبقار وظهرت بدلا منها أشكال الغزلان والوعول والخيول والظباء.
وقد شهد العصر النحاسي (3500 - 2000 ق.م) تقريبًا انقطاع الأمطار التي اقتصرت على فترات موسمية قصيرة، وبدأ خلاله استقرار السكان في مجموعات صغيرة تدل عليها المباني الحجرية الدائرية والمستطيلة والأدوات الحجرية المصنوعة من حجر الصوان والمكاشط الجانبية والمخارز الدقيقة والسواطير كبيرة الحجم. وغلبت على رسوم هذا العصر الغزلان والوعول والماعز ومناظر الصيد، إلى جانب عدد محدود من الأبقار ذات القرون القصيرة.
ويشتهر في محافظة جُبّة جبل أم سنمان الذي يقع جهة الغرب من مدينة جُبة، وسط صحراء النفود. ولهذا الجبل مكانة تاريخية وأثرية في الجزيرة العربية بصفة عامة ومنطقة حائل بصفة خاصة، إذ إنه يحتضن العديد من النقوش والرسوم والتشكيلات القديمة جدًا التي تعود إلى العصر الحجري، وبعضها ثمودية، وتوجد عليه تشكيلات صخرية بادية المعالم، من أبرزها مجسم الأسد، وتشكيلات لوجوه رجال يرتدون عمائم، وغيرها من الرسومات الحيوانية، كالطيور والقرود والوعول، كان أهالي جبة قديماً يسمونها بحرس أم سنمان.
وتتعدد النقوش والرسوم في جبل أم سنمان، والتي تعود إلى إنسان العصر الحجري، وتم فيه تسجيل نحو 5431 نقشًا ثموديًا، و1944 رسمًا لحيوانات مختلفة، منها 1378 رسمًا لجمال بأحجام وأشكال مختلفة، كما بلغ عدد الرسوم الآدمية 262 رسمًا. ومن أهم الرسوم والنقوش الصخرية التي يمكن مشاهدتها في الجبل تلك التي تمثل النمط المبكر للحفر والنقش، والتي يعود تاريخها للألف السابع قبل الميلاد، وتتميز بمشاهد غنية للحياة اليومية للإنسان والحيوان اللذين استوطنا هذه المنطقة.
وتبرز نقوش بعينها في جبل أم سنمان، مثل نقش العربة الذي يُعد من أهم الرسوم الموسومة في الجبل. وهو عبارة عن عربة يجرها حصانان. وتشير هذه الرسمة إلى مرحلة حضارية متقدمة عاصرها أسلاف عرب شمال الجزيرة العربية، حيث إنها تؤرخ إلى اختراع العجلة في الألف الخامس قبل الميلاد في بلاد سومر (قبل 7 آلاف سنة)، بينما استخدامها بجر الخيول يشير إلى الألف الثاني قبل الميلاد في الصين (قبل 4 آلاف سنة). وعرفت في بلاد الشام ومصر نحو 1200 ق.م، أي منذ 3 آلاف و200 عام تقريبًا.
الشويمس
تمثل الشويمس أحد أبرز مواقع الفنون الصخرية في منطقة حائل، وتقع على مسافة 300 كلم إلى الجنوب من حائل، وتقع على حافة حرة النار الشمالية بالقرب من وادي المخيط، الذي يفصل ما بين حرة ليلى وحرة النار، كما أنها قريبة من قاع السباق، وهي المنطقة التي شهدت أطول معركة في تاريخ العرب والأشد ضراوة، وهي حرب داحس والغبراء.
وتدل جغرافية الشويمس على أنها عبارة عن مرتفعات من الحجر الرملي، تضم واجهاتها وواجهات الأحجار المتساقطة فنونًا لأشكال بشرية مكتملة، تظهر أحيانًا منفردة أو مصاحبة لأشكال حيوانية (كلاب)، برؤوس بيضاوية، أو على هيئة رؤوس الطيور، في مناظر تصور عملية الصيد، وكذلك أشكال حيوانية (أسود، وفهود، وحمير، ووعول، وكلاب، وأبقار ذات قرون طويلة)، نحتت جميعها بطريقة الدعك أو النقر أو الحفر، وبالحجم الطبيعي تقريبًا.
وتتميز الفنون الصخرية في الشويمس عن غيرها من مواقع الفنون الصخرية الأخرى بالمنطقة بالدقة في التنفيذ، وتلك اللوحات الأفريزية الجميلة، والتي يصل طول إحداها إلى نحو 12 م، وتضم أشكالًا بشرية وحيوانية وأشكالًا هندسية، وكذلك تلك الأقدام البشرية (رجال - أطفال)، والحيوانية المنحوتة بشكل جميل على سطح أحد الأحجار الموجودة بالقرب من مدخل أحد الكهوف الذي يضم سقفه مجموعة من الأشكال الهندسية المنحوتة بشكل جميل.
وتتجاوز مساحة موقع الشويمس 50 كلم2، وهو مسجل في قائمة التراث العالمي باليونسكو، ويعود تاريخ النقوش الأثرية فيه إلى العصر الحجري الحديث، ويحتوي على فنون صخرية تتميز بالمنحوتات البشرية والحيوانية التي تصور الجمال والخيول والوعول والنخيل، إلى جانب النقوش الثمودية، ومنحوتات الرجال وهم يركبون الجمال، في إشارة إلى نشاط القوافل التجارية، وفنون صخرية رائعة تصور البشر بالحجم الطبيعي، إلى جانب مجموعة مختلفة من الحيوانات.
وتكثر في المنطقة الأثرية بالشويمس الكهوف وآثار البراكين، فعلى حافة حرة النار يظهر كهف شعفان، وهنالك كهوف أخرى لا تقل عن شعفان في الحجم أو القيمة التاريخية والأثرية، وهي تنتشر حوله. ويبلغ عدد المستكشف منها حتى الآن أكثر من 10 كهوف، إضافة إلى احتواء المنطقة على فوهات بركانية تم اكتشاف نحو 12 فوهة منها.
وتتعدد في موقع الشويمس الرسوم والنقوش الصخرية التي تعود إلى ثلاث فترات، يعود أقدمها إلى منتصف الألف السابع قبل الوقت الحاضر، وبعضها يعود إلى الفترة الثمودية ما بين 1500- 2500 سنة قبل الوقت الحاضر، وبعضها الآخر يعود إلى الفترة العربية. وقد تم تنفيذها على الواجهات الصخرية بالحز والحفر الغائر، وتصور أشكالًا آدمية تجريدية في أنشطة مختلفة، وأنواعًا عدة من الحيوانات التي يستخدمها الإنسان أو يصطادها، مثل الأبقار الوحشية والوعول والغزلان والنعام والماعز الجبلي، وبعضها صور تجريدية لشخوص آدمية متجاورة، تصور احتفالات جماعية أو ممارسات دينية أو معارك حربية ومبارزات ثنائية. كما تكثر في هذه الرسوم ممارسات الصيد وصور الحيوانات الوحشية، كالأسود والنمور.
جبل جلدية في شرق منطقة حائل. (واس)
بقعاء
يوجد في محافظة بقعاء بمنطقة حائل عدد من المواقع التي تحمل فنونًا صخرية متنوعة، ومن أبرزها:
جبال الحميمية: تقع غرب مدينة بقعاء بمسافة 45 كلم على يسار الطريق المؤدي من بقعاء إلى حائل، والموقع بشكل عام تنتشر فيه الفنون الصخرية بكثرة، وتشمل أشكال الجمال والوعول والبقر الوحشي والأسد، مع أشكال بشرية بأحجام مختلفة، يستخدمون بعض أدوات الصيد والقتال.
جبل الرميمينات: يقع جنوب غرب محافظة بقعاء بمسافة 35 كلم، وهو أحد الأماكن التاريخية القديمة التي تمر بها قوافل المسافرين وسالكي طريق بقعاء حائل القديم. وقد مرت به الرحالة الإنجليزية الليدي آن بلنت، وذكرته في كتابها "رحلة إلى نجد"، وذكره المستشرق "الويس موزيل"، وكذلك الرحالة "يوليوس أويتنج"، واستنسخ منه بعض النقوش والفنون الصخرية. الموقع غني بالفنون الصخرية والنقوش الكتابية.
باب الحلة: هو مكان أو منزل القوم، ويقع بالقرب من مكان يسمى "قوايم" جنوب غرب مدينة بقعاء. ويحتوي الموقع على عدد من الفنون الصخرية المتمثلة بأشكال بشرية وحيوانية متنوعة، وبعضها نفذ بالأسلوب العودي.
جبل جلدية: يقع على مسافة 26 كلم جنوب مدينة بقعاء، وعلى صخوره عدد من النقوش الصخرية الثمودية القديمة، وفنون صخرية لأشكال مختلفة، بشرية وحيوانية، تعود لما قبل الميلاد. وذكر الجبل في أشعار العرب، وفي كتب التراث من بعض المؤرخين والجغرافيين، مثل أبوعلي الهجري، والبكري، والسمهودي. ومر بالجبل ووصفه كثير من المستشرقين، منهم داوتي، وهوبر، والليدي آن بلنت، وموسيل، ويوليوس أويتنج.
قلتة الزرقاء الفوقي: تقع جنوب غرب مدينة بقعاء بمسافة 11 كلم تقريبًا. وتوجد في الموقع فنون صخرية للوعول والجمال والبقر الوحشي، وكذلك أشكال بشرية بأحجام مختلفة تستخدم بعض أدوات القتال، وكثير من النقوش الثمودية الواضحة.
غيران سعدون: تقع جنوب مدينة بقعاء بمسافة 12 كلم، توجد فيها كتابات ثمودية عمرها التاريخي 2500 عام، وكذلك يوجد نقش إسلامي من القرن الرابع الهجري، ومجموعة كبيرة لفنون صخرية ترمز للأيدي بأحجام مختلفة، وكذلك نقش لمشهد صيد الحيوانات، ونقش لمجموعة نخيل، ونقوش لأشكال بشرية ووعول وجمال ووسوم القبائل وأشكال رمزية غير معروفة.
مدينة فيد الأثرية في جنوب منطقة حائل. (وزارة الثقافة)
مدينة فيد
تبرز في منطقة حائل آثار مدينة فيد التي تُعد من المدن الأثرية والتاريخية القديمة التي تقع شرق مدينة حائل، وتبعد عنها مسافة 120 كلم، وهي المدينة الثالثة لطريق الحج القديم "درب زبيدة" بعد الكوفة والبصرة. وهي أكبر محطة على طريق الحج العراقي (درب زبيدة).
وتضم مدينة فيد عددًا من المواقع الأثرية التاريخية المميزة في منطقة حائل. وتتركز الآثار الباقية لبلدة فيد القديمة شمال المدينة الحديثة بمسافة 1,5 كلم، وتزيد مساحة الموقع الأثري على 1,5 كلم طولًا، ومثله عرضًا.
وتذهب بعض المصادر التاريخية إلى أنّ مدينة فيد تبوأت مكانة خاصة في العصر العباسي، وكانت تُعد ثالث أهم مدينة بعد بغداد ومكة، حيث إنها تُعد في منتصف الطريق بين مكة وبغداد على طريق الحج القديم، أو ما يعرف بدرب زبيدة، مما أسهم في ازدهارها لمرور الحجيج بها والتزوّد منها بما يحتاجون إليه من مؤن.
مواقع بارزة أخرى للفنون الصخرية
تضم منطقة حائل عددًا من المواقع الأثرية التي تحتضن أنواعًا من الفنون الصخرية في مختلف أنحائها، ومن ذلك:
جبل أبرق غوث: يقع شمال مدينة موقق على بعد نحو 4 كلم، وهو عبارة عن جبل متوسط الارتفاع يحيط به عدد من الهضاب الصغيرة. وإلى الشمال من هذا الجبل عثر في إحدى الهضاب القريبة منه على بعض الفنون الصخرية، والتي هي في مجملها أشكال لرجال راكبين على الخيول، وإلى الجنوب من هذه الهضبة بالقرب من الوحدة الثانية عثر على نقشين ثموديين بحالة جيدة على إحدى الصخور الموجودة شمال هذه الوحدة.
جبل هطالة: يقع شمال غرب مدينة موقق على بعد نحو 5 كلم، وهو عبارة عن جبل ضخم عالي الارتفاع. ويوجد فن صخري هو الوحيد في الجبل، في جهته الشمالية، وهو يظهر رجلًا يمتطي جوادًا ويحمل بيده رمحًا طوي في وضعية الهجوم.
جبل جرقوق: يقع غرب مدينة موقق على بعد نحو 15 كلم، وهو عبارة عن جبل ضخم عالي الارتفاع، ويحتوي الموقع على ركامات حجرية بلغ عددها أحد عشر ركامًا، منتشرة على جانبي الوادي المنحدر من أعلى جهة الجبل الجنوبية.
جبل حبشي: يقع على بعد 175 كلم جنوب شرق مدينة حائل. وتشير الشواهد الأثرية المكتشفة في الموقع إلى أنه كان مستوطنًا منذ عصور ما قبل التاريخ، فقد عثر فيه على مجموعة متنوعة من الأدوات الحجرية، من بينها الفؤوس، والمكاشط، والمثاقب، ورؤوس السهام الحجرية، وجميعها تنتمي إلى تقنية الصناعات الحجرية التي انتشرت في المنطقة خلال العصر الحجري الحديث.
موقع جثا: يقع إلى الجنوب الغربي من مدينة حائل على بعد نحو 340 كلم، إلى الغرب من موقعي راطا والمنجور بنحو 15 كلم. تضم واجهات جبال جثا وواجهات الأحجار المتساقطة منها أشكالًا بشرية وحيوانية من (أبقار ذوات قرون طويلة وحمير ووعول)، بالحجم الطبيعي تقريبًا، منفذة بطريقة النقر أو بطريقة حفر أطرافها دون تفريغ أجزائها الداخلية، ومن المعتقد أنها تعود إلى العصر الحجري الحديث. وإلى جانب هذه الفنون توجد فنون لأشكال حيوانية (جمال وأبقار) وطيور النعام، تظهر أحيانًا منفردة أو مصاحبة أحيانا الكتابات البادية، أو ما يعرف لدى البعض بالنقوش الثمودية، منفذة بالحجم الطبيعي تقريبًا وبطريقة الدعك وتفريغ الأجزاء الداخلية للجسم. كما ينتشر في الموقع عدد من الركامات والدوائر الحجرية.
الضبية: عبارة عن هضبة قليلة الارتفاع، ممتدة من الشرق إلى الغرب على هيئة قوس ربع دائري، تضم واجهاتها وواجهات الأحجار المتساقطة منها الكثير من الفنون الصخرية لأشكال حيوانية من وعول وكلاب وأبقار ذات قرون طويلة، تشبه إلى حد كبير في أسلوبها أسلوب نمط جبة المبكر، ومواقع غرب الشويمس (راطا والمنجور). كما يضم الموقع أشكالًا للخيول والجمال، نفذت بالحجم الطبيعي تقريبًا وبأسلوب وحجم مماثل لما هو موجود في موقع محجة الواقع إلى الشمال الغربي من هذا الموقع، وعلى بعد نحو 100 كلم، والذي يعود إلى الفترة الثمودية.
جبل وكهف جانين الواقع شرق منطقة حائل. (سعوديبيديا)
جبل جانين: يقع على بعد 60 كلم شمال شرق مدينة حائل، ويوجد به كهف يحتوي على عدد كبير من الفنون الصخرية والنقوش الكتابية، وقد نقشت حول مدخل الكهف مجموعة من طبعات الأكف، والتي يمكن إرجاع تاريخها إلى العصر الحجري القديم. ومن الفنون الصخرية الموجودة في جانين أشكال الأبقار والوعول والإبل، بالإضافة إلى الأشكال البشرية. وتُعد مناظر الرقص من أجمل لوحات الفنون الصخرية في جانين، وتوجد فيه خمس لوحات لراقصين مقنعين.
المليحية: تُعد من مواقع الفنون الصخرية المميزة في منطقة حائل، وتحتوي على أشكال لأبقار وغزلان بقرون طويلة، ووعول، وأشكال بشرية نفذت بالطريقة العودية، وأبقار وحشية (الأوريكس)، نُفّذت بكافة التفاصيل الطبيعية. إلى جانب ذلك توجد أشكال لعدد من الحيوانات، مثل الإبل، والخيول، والكلاب، والنعام، والوعول. أما صور الأشكال البشرية فقد صورت مجموعات راقصة متشابكة الأيدي. وربما تشير هذه الفنون الصخرية إلى طقوس تعبدية. ولم تقتصر الأشكال البشرية على الرقص، بل يوجد عدد من مناظر الصيد، ويوجد في المليحية نحو تسعة وعشرين نقشًا كتابيًا بخط البادية (الثمودي)، وبالخط الصفوي.
محجة: اسم لسلسلة جبلية تبعد 184 كلم شمال غرب الشملي، وعثر فيها على خمسة مواقع تحتوي على فنون صخرية للإبل والخيل، وبعض مناظر الصيد، كما يحتوي الموقع على مئات النقوش العربية الشمالية القديمة (الثمودية)، يرد في أحدها اسم المعبود العربي القديم (ن هـ ي: ناهي).
جبال عرنان: تقع على مسافة 2 كلم غرب بلدة الشملي، وقد عثر فيها على نقوش كتبت بالخط العربي الشمالي القديم (الثمودي)، والفنون الصخرية البشرية والحيوانية التي عثر عليها بالقرب من عيون الماء تعزز أن الموقع كان مأهولًا خلال النصف الثاني من الألف الأول قبل الميلاد.
جبل ياطب: يقع جبل ياطب على مسافة 30 كلم شرق مدينة حائل، ويحتوي على مجموعة من الشواهد الأثرية، ففي سفح الجبل وقمته تنتشر مجموعة من النقوش العربية الشمالية القديمة (الثمودية)، يربو عددها على 154 نصًا، أغلبها من نوع نقوش الذكريات، ويبرز من بينها نقشان: الأول، كتب من قِبَل امرأة تدعى "نُهى بنت فصح". والثاني، يذكر فيه صاحبه "نوفل بن عميل" اشتياقه ورغبته في لقاء محبوبته التي لم يفصح عن اسمها في متن النقش. ويتميز جبل ياطب والمواقع الأثرية المحيطة به بكثرة الفنون الصخرية وتنوع موضوعاتها، فبالإضافة إلى الأشكال البشرية بأساليبها المتنوعة، تكثر في الموقع التصاوير الحيوانية من أغنام وإبل وخيول وأبقار.
جبل الأسد: عبارة عن جبل متوسط الارتفاع ينتشر على واجهات صخوره عدد لا بأس به من فنون صخرية تتمثل في الأشكال الحيوانية، مثل الجمال والوعول والأسود، والأشكال البشرية، بالإضافة إلى عدد من النقوش الثمودية. وقد عثر في هذا الموقع على ستة نقوش ثمودية، لعل من أهمها وأكبرها ذلك النقش المدون على واجهة إحدى صخور الجبل المطلة على الوادي، والذي يتكون من تسعة أسطر.
طوال الخطة: وهي سلسلة جبلية تقع على بعد 45 كلم شمال مدينة حائل، وقد عثر فيها على ثلاثة مواقع أثرية، يحتوي الأول على اثني عشر نقشا ثموديًّا، ونقشٍ إسلامي واحد كتب بالخط الكوفي. والموقع الثاني كشف فيه عن أربعة نقوش ثمودية. أما الموقع الثالث فيشتمل على ستة عشر نقشًا ثموديًّا، كما کشف في هذه المواقع على مجموعة من الفنون الصخرية تجسد أنواعًا من الحيوانات، من بينها الوعول والنعام والكلاب والأبقار الوحشية.
الدحوة: هي عبارة عن مرتفعات من الحجر الرملي تضم واجهاتها وواجهات الأحجار المتساقطة بالقرب منها الكثير من الرسومات الصخرية، والتي لم يعد الكثير منها بشكل واضح، وذلك بسبب طبيعة هذه الصخور القابلة للتآكل السريع، وهي في مجملها أقواس ونبال، إلى جانب الكثير من الأشكال الحيوانية (أبقار - حمير - وعول)، منفردة أو على شكل مجموعات، وبأسلوب يشبه إلى حد كبير أسلوب نمط جبة المبكر، خصوصًا فيما يتعلق برسوم الأبقار.
وادي الجيب: يقع إلى الشمال الغربي من قرية الضروة على بعد نحو 15 كلم، وهو عبارة عن وادٍ محاط بجبال متوسطة الارتفاع من الحجر الرملي، تضم واجهاتها وواجهات الأحجار المتساقطة بالقرب منها مجموعة كبيرة من الفنون الصخرية التي في مجملها تُظهر أشكالًا بشرية بالحجم الطبيعي تقريبًا وبرؤوس بيضاوية، أو على هيئة رؤوس الطيور، تَظهر أحيانًا منفردة أو على شكل مجموعات، وبأسلوب يشبه إلى حد كبير أسلوب نمط جبة المبكر، مع رسوم لأشكال حيوانية (أبقار وحمير ووعول) بالحجم الطبيعي تقريبًا، تظهر أحيانا على شكل قطعان.
موقع القور: يقع في قرية إبله في محافظة الحائط على بعد نحو 9 كلم، وهو عبارة عن مرتفعات من الحجر الرملي، تضم واجهاتها وواجهات الأحجار المتساقطة بالقرب منها فنونًا صخرية لأشكال بشرية وحيوانية (أبقار ووعول)، يظهر بعضها أحيانا مصاحبا لأشكال بشرية حاملة للأقواس والنبال. وتتمثل الرسوم الصخرية في مواقع ثلاثة، هي القور الغربية الواقعة إلى الشمال الغربي من قرية إبله. والقور الشمالية الواقعة في الشمال الغربي من قرية إبله. والقور الغربية في الشمال الغربي من قرية إبله في محافظة الحائط. ويحتوي الموقع الأثري على عدد قليل من النقوش العربية القديمة "الثمودية".
الغوطة: هي قمم جبلية تحيط بها الكثبان الرملية من كل جانب، وتقع على مسافة 10 كيلومترات شمال شرق جبة. وتحتوي تلك القمم على عدد لا بأس به من الفنون الصخرية، والتي تتمثل بأشكال بشرية وأخرى حيوانية، نفّذت بطرق وأساليب متعددة، ويبرز أسلوب النحت الغائر عليها، إلى جانب وجود عدد من النقوش الثمودية القصيرة.
خشم القطعاء: هي عبارة عن مرتفعات من الحجر الرملي تضم واجهاتها وواجهات الأحجار المتساقطة منها فنونًا صخرية لأشكال حيوانية (أبقار وأسود ووعول وكلاب وحمير)، منحوتة بشكل غائر، إضافة إلى عدد من الأشكال البشرية وبالحجم الطبيعي تقريبًا وبوضعية متحركة أحيانًا وبدون إظهار تفاصيل الجسم أو الزي، وهي حاملة للأقواس والنبال، تظهر منفردة أو مصاحبة لأشكال حيوانية (أبقار).
جبل القاعد: يبعد 35 كلم شمال مدينة حائل، وتنتشر على سفحه بعض الفنون الصخرية البشرية والحيوانية. كما يحتوي على ثمانية مواقع أثرية تشتمل على مجموعة من النقوش العربية الشمالية القديمة (الثمودية)، يبلغ عددها 83 نقشًا، جميعها من نقوش الذكريات، ما عدا واحدًا فقط، يتحدث عن قيام شخص يدعى "قبص" باقترافه جريمة قتل شخص دعاه في متن النقش باسم "يشرح".
ضلع الأصابع: عدة جبال متوسطة وصغيرة ذات قمم مدببة، وتقع غرب جبل جلدية بمسافة 8 كلم تقريبًا. والموقع فيه عدد كبير من النقوش الثمودية والفنون الصخرية. وزار موقع الأصابع كثير من المستشرقين، أمثال الفرنسي هوبر، والألماني يوليوس أويتنج.
شعيب البويب: البويب تصغير باب، وسمي بهذا الاسم لمضيق مجرى الشعيب بين هذه الجبال حتى يخرج من مخرج صغير كأنه باب، زاره بعض المستشرقين، أمثال الفرنسي شارل هوبير، والألماني يوليوس أويتنج قبل 137 عامًا، ونسخوا منه بعض النقوش والفنون الصخرية الموجودة على واجهات الصخور، ووصفوها ورسموها في مؤلفاتهم. وكذلك زاره العالم فان دن براندن ونسخ منه 26 نقشًا ثموديًا.
أبا الصبان: يقع على مسافة 250 كلم جنوب غرب مدينة حائل. وعلى الرغم من أن جلّ الآثار التي عثر عليها في الموقع تحمل مؤشرات الفترة الإسلامية، خصوصًا النقوش وبقايا المنشآت المعمارية، إلا أن عددًا من الفنون الصخرية البشرية والحيوانية يشير إلى أن موقع أبا الصبان كان مأهولًا خلال فترة ما قبل الإسلام.
موقع التراث العالمي
سُجلت الفنون الصخرية في منطقة حائل ضمن قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو عام 1436هـ/ 2015م، بوصفها رابع المواقع الأثرية السعودية المُدرجة، بعد الحجر والدرعية وجدة التاريخية. ويُعزى الاحتفاء العالمي بها إلى أنها موئل تاريخي لعدد كبيرٍ من النقوش الصخرية، الموزعة بين محافظة جبة وراطا والمنجور.وعكس إبداع هذه الرسوم بواسطة مطارق حجرية وطرق بدائية عبقرية العقل البشري، كما أنها شاهد مهم على كفاح الإنسان ضد الكوارث البيئية.
الفنون الصخرية على جبال منطقة حائل. (وزارة الثقافة)
المواقع المسجلة في التراث العالمي
من واقع القيمة الحضارية والتاريخية أدرجت منظمة اليونسكو في اجتماعها الـ 39 في مدينة بون بألمانيا الفنون الصخرية في منطقة حائل ضمن قائمة التراث العالمي، بعد الحجر والدرعية وجدة التاريخية، وتم تسجيل موقع جبة غرب حائل وموقع الشويمس جنوب حائل على قائمة التراث العالمي، مما يُعد اعترافًا عالميًا بأهمية مواقع الرسوم الصخرية في منطقة حائل وفي مناطق المملكة الأخرى، حيث تُعد تلك المواقع، وعلى رأسها جبة والشويمس، من أهم وأقدم الرسوم الصخرية وأغناها على مستوى العالم.
وتمثل مواقع الفنون الصخرية في حائل قيمة حضارية وتاريخية للمملكة والبشرية. وتُعد تلك المواقع إبداعًا بشريًا يشكل سجلًا حضاريًّا للجماعات البشرية على مختلف العصور المتعاقبة على المنطقة. وتتميز موضوعات الفنون الصخرية كمًا وكيفًا. وتكشف تلك الفنون الجوانب الاجتماعية والثقافية والدينية لتلك الجماعات البشرية منذ عصور ما قبل التاريخ، خاصة فترة العصر الحجري الحديث، كما في موقعي أم سنمان في جبة والمنجور في الشويمس، المسجلين في قائمة التراث العالمي، ومرورًا بالعصور التاريخية، وأبرزها فترة الكتابات العربية القديمة (الثمودية) خلال فترة الألف الأول قبل الميلاد، والفترات الإسلامية المبكرة.
القيمة السياحية
تضيف مواقع الفنون الصخرية في منطقة حائل أبعادًا سياحية مهمة لاستكشاف الجوانب الحضارية والتاريخية فيها، وهي بمثابة متاحف طبيعية مفتوحة تحظى بالرعاية والاهتمام من الجهات المعنية، حيث أقامت وزارة السياحة سياجًا حول مجموعة من آثار الفن الصخري والنقوش التي تعود إلى آلاف السنين عند سفح جبل أم سنمان في جُبَّة.
سياحة الفنون الصخرية
نظرًا إلى الطبيعة الخلابة في منطقة حائل ومحيط مواقع الفنون الصخرية فإنها أصبحت وجهة سياحية مميزة، وهناك عدد من المواقع التي أصبحت تجذب السياح، مثل:
جبل ياطب: من المواقع السياحية المهمة. يقع على بعد 30 كلم شرق مدينة حائل، وهو من المواقع الأثرية التي ترجع بتاريخها للألف الثالث قبل الميلاد. وتكمن أهمية الموقع سياحيًّا من كونه يضم مجموعة من الرسوم والنقوش الثمودية الصخرية.
جبل وكهف جانين: يعد من المواقع السياحية بمنطقة حائل، وذلك لكونه يضم واحداً من أقدم الكهوف الأثرية التي استوطن بها الإنسان قبل التاريخ في منطقة حائل، ويضم كذلك مجموعة من اللوحات التشكيلية الفنية لرسوم ونقوش صخرية معبرة بموضوعاتها وتكويناتها وعناصرها.
الحويط: يقع على سفح حرة خيبر الشرقي جنوب الحائط على بعد 280 كلم جنوب غرب مدينة حائل، ومن الناحية السياحية لا يقل أهمية عن الحائط. ويُعد واحدًا من أقدم المواقع الثقافية الأثرية في المنطقة. وعرف الحويط قديمًا باسم "يديع"، وهو موقع أثري يعود إلى فترتين: سابقة للإسلام، وتمثلها الرسوم والكتابات الثمودية المنتشرة على أحجار الصوان المنتشرة في الموقع. وفترة إسلامية مبكرة، وتمثلها بقايا المدينة القديمة.
الكهوف والحرات
ينتشر في منطقة حائل عدد من الكهوف والحرات التي توجد فيها نقوش ورسوم صخرية تجعلها وجهة سياحية، من أبرزها كهف جانين. وعلى حافة حرة النار يظهر كهف شعفان، ويطل بفوهته المترامية الأطراف كأحد أكبر الكهوف في المملكة، ويتجاوز طوله كيلومترين، ويرتفع حتى يصل إلى ثمانية أمتار وينخفض حتى يصل 800 م تحت الأرض، ويحتوي على طرق فرعية متعرجة لا يعرف طول نهايتها. وهنالك كهوف أخرى لا تقل عن شعفان في الحجم أو القيمة التاريخية والأثرية، وهي تنتشر حوله، ويبلغ عدد المستكشف منها حتى الآن أكثر من 10 كهوف، بالإضافة إلى احتواء المنطقة على فوهات بركانية، حيث تم اكتشاف نحو 12 فوهة.
وهناك عدد من الجبال والكهوف في منطقة الشويمس التي تنتشر فيها النقوش الأثرية، ومن أبرزها:
حرة النار: تم اكتشاف هذا الموقع الأثري عام 1422هـ/ 2001م من قبل البدو القاطنين فيه، حيث شاهدوا رسومات منحوتة على الجبال، أثبتت الدراسات اللاحقة أن تاريخها يعود لأكثر من 14 ألف عام.
كهف شعفان: من أكبر الكهوف الأثرية في المملكة، حيث يتجاوز طوله 1500م تقريبًا تحت الأرض، ويتراوح ارتفاعه وعرضه ما بين 10 إلى 12م، وينخفض الارتفاع إلى نصف متر، والعرض إلى متر ونصف تقريبًا من موقع لآخر، ويُعد هذا الكهف من أهم المعالم السياحية في الشويمس.
جغرافية حائل
تتميز منطقة حائل بموقعها الجغرافي في الجزء الشمالي الأوسط من السعودية، وتبلغ مساحتها 118,22 كلم2، بينما تقع مدينة حائل في وسط المنطقة، وتبعد نحو 600 كلم عن الرياض، و450 كلم عن المدينة المنورة، و650 كلم عن تبوك، وترتفع فوق مستوى سطح البحر بما يقرب من 915م، وبالتالي تتميز بمناخ معتدل، وتحدها سلسلتان من الجبال السائدة في المنطقة، وهما جبال أجا في اتجاه الغرب، وجبال سلمى إلى الجنوب الشرقي.
تقع مدينة حائل بين جبال أجا غرب وادي حائل، وتحدها من الشمال الحدود الشمالية والجوف، ومن الجنوب والشرق منطقة القصيم، ومن الغرب منطقتا تبوك والمدينة المنورة. ولقرون مضت كانت حائل من أهم مدن الصحراء، لأنها كانت نقطة العبور الرئيسة للحجاج المتوجهين إلى المدينتين المقدستين،مكة المكرمة والمدينة المنورة، وللتجار الذين يسافرون شمالًا أو جنوبًا في شبه الجزيرة العربية.
أتاح ذلك الموقع الجغرافي للمدينة والمنطقة إمكانية اتصال بخارج المملكة عبر عدد من الأساليب، مثل التجار، والكتاب، والشعراء، والحجاج، مما أدّى إلى خلق نسيج نابض بالحياة التاريخية والعمرانية. وقد ترك بعض السكان الأوائل آثار وجودهم، والتي تمثلت في بعض الأدوات والفن الصخري القديم الذي يبلغ عمره ما يقرب من عشرة آلاف عام.
وتتمتع منطقة حائل بتنوع طبيعي كبير، حيث تتميز بتضاريسها الغنية، مثل الكهوف والجبال والسهول والبراكين، وذلك ما جعلها إحدى المناطق السياحية المهمة في المملكة، ووجهة لعدد من الفعاليات السياحية والرياضية.
تاريخ حائل
ترجع تسمية حائل في الأصل للوادي الذي تقع عليه المدينة، وكانت تُعرف قديمًا باسم القرية، أو قرية حائل، وبمرور الزمن أغفل الناس اسم القرية وعرفت باسم واديها حائل. وقيل في سبب التسمية إن هذا الوادي الذي يُعرف الآن باسم الأديرع كان إذا سال قديمًا حال بين أهل أجا وسلمى. ومن أكثر ما ارتبطت به حائل هو الأسطورة الشهيرة "حاتم الطائي" المعروف بكرمه الفياض.
ونظرًا لموقعها الجغرافي وتوفر الموارد الطبيعية في محيطها كانت منطقة حائل مستقرًا لكثير من الجماعات السكانية عبر التاريخ. ويعود استيطان المنطقة إلى العصور الحجرية، وقد ساعدت بيئتها المناسبة، إلى حد كبير، على جذب الإنسان إليها وتفضيلها على غيرها.
يمتد ذلك التاريخ إلى عصور وحقب متأخرة، حيث كانت منطقة حائل، منذ الألفية الأولى قبل الميلاد، مفترق طرق للقوافل القادمة من الطريق الممتد بين الشرق والغرب عبر شبه الجزيرة، والطريق بين الشمال والجنوب عبر بلاد ما بين النهرين واليمن. وفي القرن الثاني عشر أصبح مسارًا مهما للحجاج من العراق وسوريا إلى المدينة المنورة ومكة المكرمة.
وقد اشتهرت المنطقة منذ عصور ما قبل التاريخ بأنها من أحصن المواضع في جزيرة العرب، وقد حماها ذلك من غزو ملوك الحيرة في العراق، وكذلك ملوك الغساسنة في الشام، حتى ضمها الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن في عام 1340هـ /1922م إلى المملكة العربية السعودية التي وحّدها في عام 1351هـ/1932م. ومنذ ذلك التاريخ والمنطقة تعيش في أمن واستقرار.
وتُعد حائل واحة زراعية تزدهر فيها زراعة الحبوب والتمور والفاكهة، وتمثّل حقولها المرويّة مصدر القمح الأساسي في المملكة، وهي تضم كثيرًا من المعالم التاريخية والثقافية، وفيها قلعة أعيرف التي يعود تاريخ بنائها إلى أكثر من 200 عام، إضافة إلى عدة مواقع مسجّلة في قائمة اليونسكو للتراث العالمي.