قلبه طَيَّبَ، وسلوكه سَيِّئ، لماذا؟!
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
{أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} [الحج: آية 46].
نحن نواجه معضلة الأسلوب «الأحسن»، يقول الباري جل وعلا:
{ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: آية 125].
الآية المباركة تتحدث عن كيفية الدعوة إلى الله تبارك وتعالى بطريقة في قمة الجمال والروعة وبكل وضوح وسلاسة...
أكبر تحد نواجهه في كل العلاقات والتعاملات مع كافة البشر: هو إنسان قلبه طيب لكن سلوكه سيئ؟!
مثل هذا الشخص يحتاج إلى تغيير نفسه وفسح المجال للتعاون بين «قلبه» و«سلوكه» سوف تنتقل هذه الطيبة من قلبه إلى عقله وتنساب على لسانه وتظهر في وجهه وجوارحه وأفكاره.
المشكلة أن الكثير لا يريد أن يفتح طريق التواصل بين «القلب» و«السلوك» إما أنه لا يرى المشكلة أصلاً، أو لأنه لا يريد التغيير وقد رضي بنفسه على عِلاتها.
هذه الجملة «قلبه طيب» للمتدين الحقيقي أكثر من كونها كلمة اجتماعية، لأن «القلب الطيب الحقيقي» تسيل طيبته على كافة سلوكياته وتعاملاته بشكل انسيابي تلقائي وتجد تطابقاً واضحاً بين «قلبه النقي» و«سلوكه التقي».
إنّ التناقض بين طيبة القلب والسلوك السيئ ظاهرة شائعة، وأسبابها متعددة:
1. نقص الوعي: قد لا يدرك صاحب القلب الطيب أنّ سلوكه يؤذي الآخرين، أو قد لا يفهم تأثيره على مشاعرهم.
2. الخوف أو انعدام الأمن: قد يلجأ الشخص إلى السلوك السيئ كآلية دفاعية لحماية نفسه من الشعور بالضعف أو الخوف.
3. الغضب أو الإحباط: قد يكون السلوك السيئ تعبيرًا عن مشاعر الغضب أو الإحباط التي يشعر بها الشخص.
4. عدم وجود مهارات التواصل: قد لا يملك الشخص المهارات اللازمة للتعبير عن مشاعره واحتياجاته بطريقة صحية، فيلجأ إلى السلوك السيئ كوسيلة للتواصل.
5. التأثيرات الخارجية: قد يتأثر سلوك الشخص بشكل سلبي بالبيئة المحيطة به أو الأشخاص الذين يتعامل معهم.
6. صراعات داخلية: قد يعاني الشخص من صراعات داخلية تؤثر على سلوكه، مثل الشعور بالذنب أو عدم الثقة بالنفس.
7. اضطرابات نفسية: في بعض الأحيان، قد يكون السلوك السيئ علامة على وجود اضطراب نفسي يتطلب علاجًا متخصصًا.
8. قلة الخبرة في العلاقات: قد لا يملك الشخص الخبرة الكافية في التعامل مع الآخرين، مما قد يؤدي إلى سلوكيات غير مناسبة.
9. قلة النضج: قد يكون السلوك السيئ ناتجًا عن قلة النضج وعدم القدرة على التحكم في المشاعر.
10. التأثيرات الثقافية: قد تختلف معايير السلوك الجيد والسيئ من ثقافة إلى أخرى.
كيف يمكن التعامل مع هذا التناقض؟
1. التوعية: من المهم أن يدرك الشخص أنّ سلوكه يؤذي الآخرين، وأن يفهم تأثيره على مشاعرهم.
2. التعبير عن المشاعر: يجب أن يتعلم الشخص التعبير عن مشاعره واحتياجاته بطريقة صحية.
3. تطوير مهارات التواصل: من المهم أن يطور الشخص مهارات التواصل الفعال، ليتمكن من التفاعل مع الآخرين بشكل أفضل.
4. طلب المساعدة: إذا كان الشخص يعاني من صراعات داخلية أو اضطرابات نفسية، يجب عليه طلب المساعدة من مختصّ.
5. الصبر: من المهم أن نتحلى بالصبر مع الشخص الذي يعاني من تناقض بين طيبة القلب والسلوك السيئ، وأن نساعده على التغيير.
6. الدعم: من المهم أن ندعم الشخص ونقدم له المساعدة اللازمة للتغلب على صعوباته.
7. التوجيه: يمكننا توجيه الشخص وتقديم النصائح له لمساعدته على تحسين سلوكه.
8. التقدير: من المهم أن نعزز السلوكيات الإيجابية التي يبديها الشخص، ونشجعه على الاستمرار في التغيير.
9. التواصل: يجب أن نتواصل مع الشخص بشكل مفتوح وصادق، ونناقش معه سلوكه وتأثيره على الآخرين.
10. التسامح: من المهم أن نتسامح مع الشخص ونمنحه فرصة ثانية.
ختامًا، إنّ التناقض بين طيبة القلب والسلوك السيئ ظاهرة معقدة تتطلب فهمًا عميقًا لأسبابها. من خلال التوعية والتعبير عن المشاعر وتطوير مهارات التواصل وطلب المساعدة من أهل الخبرة والاختصاص.
كن جميل الروح تهواك القلوب
وانطق جميلاً أو تجمل بالسكوت.