أنا فتاة مِن الجنوب
كان يجب أن أموت مُنذ زمن
وجودي لا يحدث فرقًا في المجرة
فلما أنا هُنا؟
قلبي مُتعب مِن الطهي المُكرر
بذات الزيت وذات المقلاة!
الطحالب تنمو على الصخرة
والقمح الأصفر يغفو في الحقل
البكتيريا حرة ونشطة
الفطريات لا تؤمن بوجود الرب!
وأنا هُنا كائن صغير مُرتعب وقلق
الطبيعة كبرى ومُستبدة
تخبئ بقايا الحروب والجثث
تحت أشجار الكرز
على طاولة طعامها كُل المفقودين والقتلى!
أنا فتاة مِن الجنوب
ارغبُ بموت وديع وغير شرس
كأن أقع من أعلى الحلم
أو تدعسني نجمة مُسرعة
تخبزني شمس أغسطس
أو يجففني صقيع يناير
تستمر الأرض بمخاضها الفوضوي
وأُنسى كأني لم أكن يومًا
إحدى ولاداتها العشوائية!
أنا فتاة مِن الجنوب
أشبه أنين القصب المثقوب
وبحة حناجر الفقراء
مثل ضفاف الأهوار العطشى
والنوارس النافقة على الشاطئ!
لومُت مِن قبل؛ لما حدث كُل هذا!
لما تضخم قلبي بالحبّ
وعجز عن ضخ الخبز في عروقي
لما سَكنت المحطة وأنا لا أملك تذكرة
وسرت مع كُل نعش لا يملك هوية
يسألونني عن الطريق
وانا تائهة مِن ألف خطوة وألف سلالة
قدمي أوهن مِن حجرة عنبكوتةٍ مُسنةٍ
ويدي تلويحة لكُل المُغادرين مِن دون سبب
كان يجب أن أموت
قبل أن أغرم باللون الأبيض
وألقي التحية على كُل المارة
قبل أن تتساقط عظامي
ويتشبث الأرق بِي
قبل أن أهذي باسمك
وأنسى كُل أسمائي!
انا فتاة مِن الجنوب ياالله
هل تُدرك قبحَ العالم في نظري؟
زينبْ الأيسر