بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة الدائمة على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين


وَذَكِّرْ
فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ المُؤْمِنِينَ :


يحق للإنسان أن ينتابه الخوف الشديد من هذه الآية: {لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ}!..
فالإنسان يدخل في دورة تدريبية لمدة سنة، يصبح ماهرا في مجال عمله.. فكيف بالشيطان الذي تمرن على إغواء الناس، منذ آلاف السنين، منذ خلق أبينا آدم (ع)،

{ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ}،
{وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُورًا}..

الخ من المضامين المخيفة، التي تحتاج إلى استعاذة، {وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَدًا}.. فالشيطان عندما يتحكم في البعض، يجره من عنقه.


أوصى النبي (صلى الله عليه وآله) أبا ذر فقال:

(يا أبا ذر!.. حاسب نفسك قبل أن تحاسب، فإنه أهون لحسابك غداً، وزن نفسك قبل أن تُوزن، وتجهز للعرض الأكبر يوم تعرض لا تخفى على الله خافية)..



في رحاب الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) :

إن انتظار الفرج حقيقة ، يلازم الاستعداد النفسي للمشاركة في بسط العدل الشامل عند ظهور الفرج ..وإلا تحوّل الأمر إلى مجرد ( أمنية ) في نفس صاحبها - قد يؤجر عليها - ولكنه لايعد ( منتظراً ) ، كما هو الحال في انتظار الضيف الذي له متطلباته ..فالإنسان يتمنى قدوم الضيف منذ برهة ولا يسمى منتظراً له ، إلا - قبيل قدومه - عند توفير تلك المتطلبات ..هذه الحالة تعكسها الفقرة التالية من زيارته (عليه السلام): { فلو تطاولت الدهور وتمادت الأعصار ،لم أزدد فيك إلا يقينا ولك إلا حبا..فأبذل نفسي ومالي وولدي وأهلي وجميع ما خولني ربي بين يديك..فها أنا ذا عبدك المتصرف بين أمرك ونهيك }




قال (صلى الله عليه وآله):

(يا أبا ذر!.. لا يكون الرجل من المتقين، حتى يحاسب نفسه أشد من محاسبة الشريك شريكه، فيعلم من أين مطعمه، ومن أين مشربه، ومن أين ملبسه، أمِن حلال أو من حرام.. يا أبا ذر!.. من لم يُبال من أين اكتسب المال؛ لم يبال الله من أين أدخله النار).. هذه الأيام المطاعم التي تبيع السحت ولحم الخنزير، والسوائل التي تحتوي على بعض المواد الكحولية كثيرة جدا وفي سوق المسلمين، فالمؤمن دقيق جدا في كل تصرفاته، ويعلم ماذا يأكل وماذا يشرب!..



بستان العقائد :

قال النبي الأعظم صلى الله عليه وآله: (ياعليّ أنت أمير المؤمنين, لو أن عبداً عبَدَ الله ألف عام ما قبِل الله ذلك منه إلاّ بولايتك وولاية الأئمة من ولدك, وإنّ ولايتك لا تُقبل إلاّ بالبراءة من أعدائك وأعداء الأئمة من ولدك, بذلك أخبرني جبرئيل: فمن شاء فَليؤمِن ومَن شاءَ فَليَكفُر).



ولائـيـات :

انظروا إلى امتزاج الدعاء، في لحم ودم ذرية الرسول (ص)!.. الإمام في كل موقف من مواقف عاشوراء، كان له مناجاة مع ربه، وختام هذه المناجاة عندما كان في مقتله، وهو يجود بنفسه قائلا: (إلهي!.. رضا بقضائك، وتسليما لأمرك، لا معبود سواك، يا غياث المستغيثين)!.. وافتتح نهاره كما نفهم من رواية الإمام السجاد (ع)، بمناجاة ربه أيضا قائلا: (اللهم!.. أنت ثقتي في كل كرب، وأنت رجائي في كل شدة، وأنت لي في كل أمر نزل بي ثقةٌ وعدة...الخ).




فوائد ومجربات:

آلية عملية للمحاسبة: هناك محاسبة، ومشارطة، ومعاقبة:

المحاسبة تكون آخر الليل، أو بعد كل فريضة يحاسب الإنسان نفسه:
من الظهر إلى المغرب، ومن المغرب إلى الصباح.. ثم المشارطة أول الصباح، يخرج من المنزل ثم يشترط على نفسه: أن لا يغتاب، وأن لا يهذر،
وأن لا ينظر.. وإذا خالف الأوامر؛ يعاقب نفسه بتكاليف الشريعة.. مثلا:
هو ليس من أهل الليل، إذا أكل أكل مشتبها يقول:
لابد أن أقوم الليل هذه الليلة، أو يؤدب نفسه بحضور صلاة الجماعة شهرا صباحا، فيهجر لذيذ الفراش.. يا لها من معاقبة جميلة!.. هذه معاقبة حسنة، وفي طريق التكامل، وليست معاقبة توجب له انهيارا عصبيا كأن يترك الطعام مثلا.. أو يعاقب نفسه شهرا كاملا، فيؤدي كل المستحبات والنوافل اليومية.. هذه عقوبة جيدة للنفس!.. أو يقضي ما في ذمته من الصوم الواجب، أو يصوم صوما مستحبا.. فإذن، هناك مشارطة أول الصباح، ومحاسبة آخر الليل، ومعاقبة إن رأى في نفسه خللا.

____________

نسأل الله حسن العاقبة