الزمن في الفيزياء الإلهية.. ليلة القدر نموذج
ارتباط الزمان بالوجود ارتباط تكويني فلا يمكن أن تتم عملية ما خارج الزمان، فحتى التكوين الأول وخلق السموات والأرضين حدث في مساحة زمانية مقداراها ستة أيام إلهية أو ستة آلاف سنة بشرية لو جرت في سياق السنن الطبيعية، دون أن يعني ذلك انفلات حبل الزمان من يد القدرة الأزلية.
يحدثنا القرآن عن الزمن الإلهي بطرق ثلاث، إحداهما حسابية تعرفنا مقدار ما يساوي اليوم الإلهي من اليوم البشري.. 1 يوم إلهي = 1000 يوم بشري.: {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ} [السجدة: آية 5].
الطريقة الثانية: الزمان المرتبط بالحركة، كم تحتاج الملائكة من الزمن في طريق عروجها نحو الله. {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ} [المعارج: آية 4].
الطريقة الثالثة: الزمان المرتبط بالقيمة، وكثافة الإنجاز.
فما يمكن تحقيقه من قيمة في شهر رمضان أعلى من أيام الأشهر الأخرى.. فكما يتعذر قطع المسافة من الدمام إلى الرياض في أربع ساعات في الأيام شديدة المطر والرياح.. وكذا الصباح الباكر الذي يعد أفضل وقت للوصول السهل والمريح لمقر العمل، كذلك الحال في ما يتعلق بشهر رمضان في تحقيق معجزات البناء الذاتي والأخلاقي والسمو نحو الله. ليلة القدر تعد أبرز الأمثلة على الزمن المقترن بالقيمة، التي يمكن من خلالها صناعة تغيير جوهري في طريقة الحياة وتحسين جودتها {وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر: آية 2,3].
فهل يمكن التغافل عن ليالي القدر، وصناعة التحولات الكبرى في حياة الإنسان أو تركها لأنشطة غير مهمة والانشغال بغيرها، مما هو ضئيل القيمة والمقدار؟