الفاكهة المحرمة.. كيف تؤكل في رمضان؟!
بدأنا اليوم الأول من شهر نيسان/ أبريل وكما يقال في الأمثال: مطر نيسان يُحيي الإنسان! والإنسان يحيي الأرض ويزرعها بما تنبت من أشجار ذات ثمار طيبة شهية.

فاكهة تحضر في مجالسنا لكنها محرمة وضارة! ولأنها محرمة نُحاول أن نَتذاكى ونعطي أنفسنا شتى الأعذار؛ أننا لا نأكل منها وإنما من شيء آخر ومن فاكهة ليست محرمة! لا تستغرب حتى في نهار شهر رمضان نأكل من هذه الفاكهة!

هكذا يبدأ الاستمتاع بها: تعرف فلان؟ نعم أعرفه، رجل طيّب، أليس كذلك؟ نعم، طيّب جدًّا، لكن من ذا الذي يخلو من عيب؟! ثم تطيب الفاكهة. تعرفين فلانة؟ ومن ذا الذي لا يعرفها؟ ذات خلق وستّ الحسن والجمال لولا أنها لا تخلو من كذا وكذا!

القرآن يحاول أن يحذر من هذه الفاكهة فيقول: {أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ۚ} لكن أظن أنه لو أجريت دراسة اجتماعية لتبين أن أكثر الناس يثرثرون في أحوال غيرهم وهم متساوون -الرجال والنساء- في الخوض في أحوال غيرهم. من يدري، لو أجريت دراسات اجتماعية سوف تكون خلاصتها أن النساء والرجال ينخرطون في نفس القدر من نشاط الغيبة والنميمة. وتكون خلاصتها أن أحاديث النساء عن العلاقات الاجتماعية والمظهر أكثر من الرجال. كذلك غيبة النساء ونميمتهن أكثر إيجابية من نميمة الرجال!

تعالوا نُفكك بعض شفرات التحذير: أنا آكل لحم إنسان، وهذا الإنسان هو أخي ميت والميت لا يستطيع أن يدافع عن نفسه! أيوجد أوضح من هذا الوصف في فظاعة المشهد؟ يروى عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): من اغتابَ مسلمًا في شهر رمضان لم يُؤجر على صيامه.

لا تبدو المشكلة في قلة التحذير والتخويف من ضرر هذه الفاكهة، التحذير واضح جدًّا، وإنما في قناعتنا بأن الغيبة مرض بشع، أخطر من كل الأمراض وعلينا تناول حبات الدواء كل يوم، والدواء هو الصمت والصيام عن الكلام في الناس. لأنهم -الناس- ببساطة سوف يقولون عنا أيضًا.

عاب رجلٌ رجلًا عند بعض الأشراف فقال له: لقد استدللت على كثرة عيوبك بما تكثر فيه من عيوب الناس، لأن طالبَ العيوب إنما يطلبها بقدر ما فيه منها. ومن ذلك ما يقول الشاعر أبو العتاهية:
يا من يعيب وعيبه متشعبٌ * كم فيك من عيبٍ وأنت تعيبُ!

بعض الآثام لها عقوبة آنية في الدنيا "كما تدين تدان"! الآن لها عقوبة وفي الآخرة لها عقوبة. كما أن بعض الأعمال الخيرة لها جزاء طيب في الدنيا وآخر في الآخرة. الواحد منا لو يترك لنفسه هواها في كل الأمور يتورط، ليس فقط في الأكل والشرب وإنما أيضًا في القيل والقال وفلان راح وفلان جاء وفلانة طويلة وأختها قصيرة