العلوم التربوية والمعايير العالمية لتعليم الفن
إن التربية الفنية كأحد المعالم الأساسية في المجال التربوي ، قد يعتبرها البعض مجالا لنشاط الموهوبين فقط ، وقد يعتبرها آخرون أنها مجال لأصاحب القدرات الخاصة، ولكن صوت العلم الحديث قد أكد أن الفن التشكيلي والتربية الفنية مجالات هامة في دعم حياة الإنسان في جميع جوانب حياته ، الاجتماعية والقومية والسياسية والثقافية والدينية ... وغيرها، وهو ما أكده العالم في تسجيلاته عبر التاريخ من خلال الفن وتخطيطاته على جدران المعابد والقصور، فمن الملاحظ أن هناك علاقة بين ظهور المدارس الفنية المختلفة في العالم كالتأثيرية والواقعية والتجريدية والسريالية ، وبين مدارس العلوم الإنسانية والنفسية ، فإنه لا مدرسة تأثيرية بدون فهم نظريات الضوء، وليس هناك "جابو "و"بفزتر" بدون الهندسة والرياضيات، ولاسيريالية بدون "فرويد" و "يونج" ولا تجريدية بدون تقدم تكنولوجى ونظرية النسبية ومفهوم الحركة .
ومن هذا المنطلق يقع على عاتق التربية مسئولية إعداد النشء لمواجهة تحديات المستقبل، وذلك بالتحول من الأنماط التقليدية في البناء المعرفي والثقافي والمهاري للمقررات الدراسية.
إن مجالات التجديد في مناهج التعليم في الوطن العربي خلال العقود القادمة يجب أن تكون وجهتها نحو السعي لإزالة الحواجز بين المواد الدراسية كأمر ملُح ، فهناك حاجة إلى التغير من نمط المواد الدراسية المنفصلة إلى التكامل بين مجالات المعرفة الإنسانية وإبراز وحدتها ،حيث يمكن إرجاع ذلك إلى مايلى :
1. إن الكثير من الفنون وخاصة التشكيلية تتضمن مفاهيم علمية ورياضية وتربوية وقيماً مستمدة من طبيعة الفن 0
2. إن اكتساب القدرة على البناء الشكلى والتحويلى في التشكيل الفني من مسطح ذو بعدين إلى مجسم ذي ثلاثة أبعاد (مثلاً) والذى تتضمنه بعض الموضوعات الفنية يتضمن دراسات وقواعد وأسس رياضية ومهارات فنية يمكن أن تساهم معاً فى تنمية قدرات فنية ورياضية عند المتعلم ، ليكون قادرا على استخدامها وتوظيفها فى المواقف الحياتية الفعلية ، حيث تخضع المعاني (الأشياء المعنوية ) فى الفن ، إلى التعبير المقنن بشكلها الرياضى .
وقد أوصت كثير من الدراسات بضرورة توجيه الاهتمام بالدراسات البينية ومتعددة الفروع المعرفية ، مع وضع معايير علمية للفن وتدريسه ،ومن هنا جاءت أهمية التعرف على الكيفية التي يمكن الإفادة منها في وحدة المعرفة بين مجالات العلوم المختلفة ، فاهتمت كثير من المؤسسات والمنظمات التعليمية والتربوية بوضع أسس علمية ومعايير عالمية تساهم في تقنين العمليات التربوية في مجال تدريس التربية الفنية لتكون في مصاف العلوم التربوية الأخرى، وذلك لتطوير مناهج التعليم فى ضوء المستجدات المحلية والعلمية 0
وترتبط عمليات تطويرمناهج التربية الفنية "كمادة علمية فنية متطورة" بأحدث الأساليب والمعايير العالمية في التعليم، لذلك سوف نحدد فيما يلي بعض"معايير تعليم الفن" التي يمكن الاستفادة منها في المدرسة القطرية، وفقاً للمحددات العالمية المتخصصة في هذا المجال...
فهناك العديد من المؤسسات والمنظمات العالمية المعنية بالتربية قد وضعت العديد من المعايير التعليمية التي تحدد المبادئ التي تبنى عليها المناهج الدراسية والتي تنطبق على التربية الفنية... ومن الجمعيات العالمية (اتحاد تقييم ومساعدة المعلمين بالولايات المتحدة الأمريكية INTASC) حيث جاءت المعايير النموذجية والتى ملخصها :
1- مادة التخصص (التربية الفنية) وفلسفتها وأهدافها ، 2- تعلم المتعلمين كيف يتعلمون ، وكيفيته، 3-اختلاف المتعلمين (وعمليات التفرد)، 4-استراتجيات التعلم، 5- تنظيمات بيئة المتعلم، 6-الاتصال 7- التخطيط للتدريس، 8- التقييم، 9- التفكير والنمو المهني للمعلمين 10- التعاون والأخلاقيات والعلاقات.
ويمكن تحقيق ذلك من خلال ما يلي:
النقاط العالمية الست لتعليم الفن :
تستند بناء الوثائق والمناهج التعليمية للتربية الفنية في بنائها على المعايير العالمية ـ التالية ـ والمحددة لبناء البرامج التعليمية، حيث اتفقت العديد من المؤسسات المعنية بتصميم المعايير الأكاديمية العالمية لتعليم الفن National Art Standards ، أن هناك ست معايير هامة، وهي :
1. فهم وتطبيق العمليات والتقنيات والوسائط (الفنية)..
2. استخدام المعارف البنائية والوظيفيية..
3. اختيار وتقييم الموضوع في حدود الرموز وحركة الصور.
4. تفهم الفنون البصرية في علاقاتها بالثقافة والتاريخ.
5. انعكاسات الخواص والمواصفات الشخصية ـ للتلميذ ـ على الأعمال الفنية وأعمال الآخرين.
6. الربط بين الفنون البصرية والعلاقات البينية الأخرى.
ومن خلال هذه المعايير يصبح لمجال التربية الفنية إطاراً علمياً حديثًا يمكن الاعتماد عليه في بناء مناهجها ومقرراتها وأنشطتها وأساليب تدريسها بمستوى عالمي عالي الجودة ،هذا بالاضافة إلى ما شمل تدريس التربية الفنية في العصر الحديث من قواعد ومعايير للتقييم والتقويم للمنتجات والأعمال الفنية .