«المسحر» عادة رمضانية على أبواب الانقراض.. العوامية نموذجًا
عن أبي سعيد الخدري، عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قال: (السحور كله بركة، فلا تدعوه ولو أن يجرع أحدكم جرعة من ماء، فإن الله عز وجل وملائكته يصلون على المتسحرين).
وقد أكد على هذا الحديث الإمام جعفر الصادق عليه السلام، عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم :
(إن الله وملائكته يصلون على المتسحرين).
من هذا النقل يتبين لنا أن السحور سنة وبركة تعين الصائم على القيام بواجبه العبادي خلال الشهر الفضيل.
وقد صاحب هذه السنة عادات جميلة ومنها مهنة (المسحر)، حيث تشير المصادر التاريخية أن الصحابي الجليل بلال بن رباح "مؤذن الرسول"، وابن أم مكتوم كانا يقومان بإيقاظ الناس للسحور فالأول يؤذن والثاني يمتنع فيتبعه الباقين.
وهذه المهنة موسمية تكون بإيقاظ النائمين قبل صلاة الفجر خلال شهر رمضان المبارك.
ونظراً لاختلاف العادات والتقاليد بين الأقطار العربية اختلفت مسمياة هذه المهنة من بلد إلى آخر ومن الجميل التعرف عليها خلال هذا السرد.
ففي الإمارات العربية المتحدة يسمى "أبو طبيلة"، وفي جمهورية مصر العربية "المسحراتي"، وفي المملكة المغربية "النفال"، وفي جمهورية العراق "المسحرجي"، أما تونس والجزائر "بو طبيلة"، وليبيا "النوبادجي"، كما يسمى في اليمن ب"المفلح"، ولبنان "الطبال"، وفي البحرين وشرق المملكة العربية السعودية "المسحر".
وسوف نسلط الضّوء على نموذج المسحر في بلدة العوامية التي تتنوعت بالأحياء والمسحرين، وإليكم بعض الأحياء لإثراء الموضوع:
* حي الديرة: الذي يعرف بين أهلها (داخل الديرة).
* الأحياء المجاورة للديرة:
( فريق الشملي، والفريق الغربي، والمنيرة).
كما رافق المسحر الأحياء الجديدة باختلاف أقدميتها:
* (الجميمة، العوينة، حي الريف، حي الصايغ، شمال "شمال العوامية"، الحميسية، المدهون، النصيريات، الزارة، الطفيف، شكر الله).
وخلال المسير يذكر المسحر بعض الأدعية والأهازيج الشعبية، وذكر أسماء الأهالي، كما يتجمع حوله الأطفال وبعض الشباب متفاعلين معه بترديد هذه الأهازيج وسط فرح وابتهاج.
يستخدم المسحر في البداية صندوق معدني مجوف يعرف ب "الدرام"، وفي السنوات الأخيرة استخدم الطبل ومفرده "طبلة"، ومن هذه الأدعية والأهازيج المصاحبة:
1 - (لا إله إلا الله، محمد يا رسول الله، أصلي وأسلم عليك، يا نور خلق الله).
2 - (اصحى يا نايم، وحد الدايم).
3 - (يا فلان أبو فلان ... ويعدد أولاده اقعد تسحر).
وتختلف الأهازيج بين بداية شهر رمضان ونهايته، حيث يكون بدايته بالترحيب والتهليل وفي النهاية بالوداع "ودعوه يا كرام شهر الصيام ...".
ومن الإحسان بين الناس يهدي الأهالي نهاية الشهر الفضيل للمسحر كسوة، أو مبلغ من المال - غير مشروط - كُلٍّ وكرمه.
وأشهر من مارس دور المسحر في بلدة العوامية الطيبة:
١- المرحوم محمد عبدالله الحايك.
(الجميمة)
٢- المرحوم عبدالله محمد الحايك.
(الجميمة، العوينة)
٣- المرحوم شبيب آل الشيخ أحمد.
(شمال، الديرة)
٤- المرحوم حسن علي الربيع.
(كربلاء، الديرة، الزارة، فريق الشملي، عمار بدو والربيانة "خلف الدفاع المدني")
٥- المرحوم حسن مكي عبادي.
رافق حسن الربيع في: (كربلاء، الديرة، الزارة، فريق الشملي، عمار بدو والربيانة "خلف الدفاع المدني").
٦- الحاج جاسم عبدالله القصير.
(الجميمة، النصيريات)
٧- الحاج مهدي محمد عواني.
(شمال، حي الريف، البديعة، القوع)
٨- الحاج محمد أحمد الفرج.
(الديرة)
٩- الحاج عبدالله علي أبو عبدالله.
(الجميمة، شكر الله)
مع الأسف الشديد توشك هذه العادة على الاندثار في وقتنا الحاضر لأسباب عدة منها:
التطور التكنولوجي، وتنوع وسائل التواصل الاجتماعي، ولم يبقى إلا القليل ممن يحي هذه المناسبة في بعض الأحياء كموروث وليس كحاجة.
وفي الختام ...
اجتهدنا بالبحث ونقل الموضوع وقد ينقص أو سقط منه سهواً ما تملكوا من معلومة فنلتمس منكم العذر والسموحة.