حين لا تقرأ فإن الزمن يتوقف لديك فكريًّا، وتتجمد كل معاني الثقافة، وتتراجع مقومات التقدم الحقيقية. ذلك أن القراءة هي ما يفتح لك آفاقًا موصدة من العلم والفكر والثقافة لا يمكن فتحها بدونها.
حين لا تقرأ فإنك قد تظن أنك تستبطن داخلك معرفة ما في بطون الكتب وإن لم تصرح بذلك. درجة من الغرور المعرفي تحجب عنك نورًا معرفيًّا أنت في حاجة إليه.
حين لا تقرأ فإنك تحكم بالفناء على أكثر من 120 مليون كتاب سطرها كتّاب البشرية منذ بدء التاريخ، وإن لم تُفْنِها بالفعل، وكأنك بذلك تريد أن تشيّد سلّمًا خاصًّا بك للصعود في مراتب العلم متناسيًا السلّم الذي شيده من سبقوك؛ هم أنفسهم تسلقوا درجات أدنى من هذا السلّم شيدها من جاء قبلهم.
حين لا تقرأ ربما ستعيش حياتك دون منغصات، لكنها بالتأكيد لن تكون بنفس جودة حياة من يقرأ.
حين لا تقرأ فقد يتحكم فيك آخرون قد لا يكونون منصفين فيستهلكون عمرك في مشروعاتهم بدل أن تكون حياتك لمشروعك أو للمشروع الذي تؤمن به ويستحق ذلك.
حين لا تقرأ فقد تصبح تحت هيمنة آخرين آخذين إياك يمنة أو يسرة في مسيرة لا تنتهي.
حين لا تقرأ فسوف تحدد بالضبط الفئة والشريحة التي تصادقها وتقضي عمرك معها؛ وهي غالبًا ما ستكون بعيدة عن عالم الكتب والقراءة، في حين أنك بالقراءة تصادق أناسًا من أنحاء العالم لم تلتقهم، بل وربما الأموات منهم ممن ترك مؤلفات خلفه.
حين لا تقرأ فسوف تكون أفكارك مرتهنة للآخرين تبدأ بالتقليد السلبي ولا تنتهي بالتسليم للآخر بكل شيء؛ وهو ما يسمى الاستلاب الفكري الذي قد يصيب مجتمعات أو أممًا بأكملها.
حين لا تقرأ فإنك قد تكون عرضة لأصناف شتى من الأمراض الاجتماعية التي قد تستشري في جسدك وتصل إلى مرحلة لا ينفع معها أي ترياق مضاد، وقد يصبح دماغك كالغرفة المغلقة حين يفسد هواؤها.