في الصباحاتِ الباردةِ ،
يفيضُ تنورُ جدتي المتخم ،
بسعفِ نخلتنا دفئاً ،
يُغطي أطرافَ القرية .
فمنائرُ الدخانِ إيذاناً بموعدِ الخبز
وصوتُ السعفِ جرس لإيقاظِ الشهيةِ
أجنحةُ الريح كساعي بريدٍ يطرقُ الرئاتِ
تحملُ رائحةَ كفيها اللتان تُشبعُ السلفَ
وتنورها السومري محطةً للجياعِ
وصعاليكِ الارياف
حينما تَدورُ( برحتها ) يَتمَوسق الكون
ويعزفُ أناشيدَ القمح ِ
فوشوم يديها تعويذة لطردِ الجوع .
جدتي كحمائمِ نخلتنا ،
إلا في لونِ ( چرغدها ) .
الذي ورثتهُ من نعاوي العجائز .
فنعاويها الجنوبية تزيل الصدأ عن القلبِ .
جدتي وريثة الهة الطينِ
وسلالة الوجع السومري .
فعروق كفيها نبوءة بالتعبِ المتخمِ .
وتجاعيدُ وجهها حكايات عتيقة
وسكائرها اللف الملصقة باطراف اصابعها
كأنها حنة عرس ريفي .
تخبئُ تحتَ ( چلابِ) چرغدها القمر ،
الذي لم تبتلعهُ الحوتة ابداً .
وما أجملها حين تضحك ...
فدموع ضحاكتها ،
ماهي إلا حزنٌ مكبل .
وجدَ الضحك مفتاحٌ لقيدهِ فتحرر .
وما أجملها حينَ تحزن ،
فصوتها الرخامي ، أنينهُ يوقظ النايات .
فكلُ .....
ضحكاتها
احزانها
ابتساماتها
حكاياتها
امتدادٌ لعروقِ الطين
............................................
سلام الكريزي
العراق _ ميسان
١٤/اذار/٢٠٢٤