الحياة أطول وأجمل مما نظن!
علينا الحفاظ على طاقاتنا الإيجابية، وتجديدها وشحنها بين فترة وأخرى.
يجب أن تكون ميزانية مشاعرنا الموجبة متخمة دومًا بالتفاؤل وبما يجعل الحياة جميلة في العيون والقلوب والوجدان، ونحن وإن مررنا ببعض المنغصات نحتاج أن نغض النظر عنها، وأن نكسر قيود الاستسلام للطاقات السلبية التي تحيطنا وتتلبسنا، لأننا لو قارنا بين إيجابيات الحياة وسلبياتها بمقياس الكثرة والقلة، وما يظهره الواقع لرجحت في جانبها القاتم على جانبها المشرق، لهذا لابد من الحرص على ألا يكون رصيدنا فارغًا مما يبعث على السعادة والانتشاء والفرح والحب، وألا نلتفت لما حولنا من أهوال مختلفة الأسباب.

هذه الطاقة الإيجابية هي الكفيلة بتسيير حياة الناس بيسر وسهولة وسعادة، وتساعد البشر على ابتعادهم عن الكآبة والرتابة والتشاؤم والحزن، والتي تصاحب طاقاتهم السلبية بالتلازم.

يحدثني أحد أقاربي والذي كان مع جمع من الناس قدموا لمغتسل الموتى في بلدتي لتشييع أحد الشباب، رحمة الله عليه، مع تواتر حالات الموت على اختلاف المسببات حين قال لي أثناء الحديث بأننا كنا ننظر لبعضنا في المغتسل وكأن كل واحد يحدث نفسه ويقول من سيكون التالي يا ترى؟ هذه الحالة النفسية المنغصة لا تستقيم ولا تليق بالإنسان المؤمن والمحتسب، مهما تداعت الأسباب والتي يتخيلها البعض.

نعم هناك مسببات لبعض الحالات والتي هي نتيجة للمارسات المخالفة للإرادة الإلهية والطبيعة الحياتية، ولكن لا يجب أن نستسلم لها وكأنها القضاء والقدر، ولا فكاك منها أو خلاص.

المندوب بلا شك هو ذكر الموت، فهو النهاية الحتمية لكل دواب الأرض ونحن منها، والقضاء والقدر بيد الله عز وجل، والعبد الفقير لا يستطيع أن يفصل أكثر مما يفهم في هذا، وهو متروك لأصحاب الشأن، ولعل بعضهم يقرأ هذه الكلمات المتواضعة جدًا، وبما يظن أنها إيجابية إذا سلمنا أمرنا لخالقنا تعالى شأنه، وسلبية جدًا إذا تركناها لتفكيرنا العقيم والمتشائم والمسبب للنظرة السوداوية للحياة، في كل نازلة بها، وهو ما يبعث على الطاقة السلبية وبالتالي الاستسلام لدواعي النكد والحزن والقلق والخوف ثم بلا شك المرض النفسي والجسدي، ومن ثم الانهيار، وبالتالي الاستسلام للفناء.


لا أحد يستطيع العبث بالأقدار، وهي مكتوبة ومحكومة ومقدرة بيد الخالق عز وجل، وهو العالم بها وبأسبابها ومسبباتها وظاهرها وباطنها، وما علينا سوى الاطمئنان له والتوكل عليه سبحانه، كما علينا أن نكون موقنين ومؤمنين بما يجري علينا، وأنه بيده وبتقديره وليس بسبب فعل فاعل هو من نسج مخيلاتنا الحقيرة أمام حكمة الله وقدرته وقدره وقضائه.

لذا إن فكرنا بإيجابية فسوف نسلم أمورنا له تعالى شأنه وهو ما يجب أن يكون ، وإن انتهجنا السلبية فسوف تبدو لنا الحياة قاتمة مظلمة، وما خلقت الحياة لذلك، بل هي أسمى وأرفع، فالحياة على قصرها طويلة لمن يتقن عيشها والعمل بها وكأنه يعيشها أبدًا، وهي قصيرة جدًا لمن يجهل كيفيتها، سوى النظرة السوداوية، وما لذلك خلقها الله تعالى وخلقنا فيها.

الحياة جميلة، وجمالها في إيجابياتها، وفي اليقين بأنه تعالى لم يخلقنا عبثًا، ولم يجر الأقدار علينا فيها عبثًا، ولم يمايز بيننا عبثًا، ولهذا وكما ذكرنا ما علينا سوى اليقين بأن ما يجري علينا هو بعينه، فلذا علينا الشكر له في السراء والضراء، وما يجري بها من المنغصات والمثبطات، وهو اللطيف بعباده، ونحن نسلم الأمر له في جميع الأحوال، ونوكلها إليه عز وجل، ولذا نحن نطمئن به وله ونفوض أمرنا له في جميع أحوالنا، وبذلك نستطيع أن نجعل الحياة أطول وأجمل مما نظن والسلام.