أسوان (جنوب مصر): وليد عبد الرحمن:رغم مرور 49 عاما على رحيل عملاق الأدب العربي عباس محمود العقاد، لم ينس المصريون الاحتفال بهذه المناسبة في مسقط رأسه بمحافظة أسوان (جنوب مصر)، حيث لا يزال شعره وأقوله ومأثوراته ومؤلفاته جزءا حيا في ذاكرتهم ووجدانهم.وتأتي أبرز مظاهر الاحتفال تحت عنوان «العقاد ومقاومة الاستبداد»، في مركز ثقافة العقاد بكورنيش نيل أسوان (الذي يضم حجرة نومه ومقتنياته الشخصية، وكتبه وملابسه، وبعض الشهادات التقديرية التي حصل عليها). تتضمن الاحتفالية التي تبدأ اليوم (الأحد) وتستمر حتى الثاني من أبريل (نيسان) المقبل، تكريم أسرة العقاد التي تعيش في أسوان، وحلقات بحثية عن معركة الدستور والاستبداد ضد العقاد، بالإضافة إلى جلسات بحثية بعنوان «قراءات من شعر العقاد»، والعقاد بين المرأة والسلطة، و«العقاد بين الحرية والاستبداد»، إلى جانب أمسيات شعرية يشارك فيها نخبة من الشعراء والمثقفين والأدباء والكتاب، وعروض للفنون الشعبية.
ويعد العقاد من أبرز الأدباء الذين أثروا الحياة الثقافية المصرية والعربية، قدم فيها تراثا كبيرا. وقد وُلد العقاد في 28 يونيو (حزيران) عام 1889 في أسرة ميسورة الحال، حصل على الشهادة الابتدائية ولم يحصل على أي شهادة بعدها واكتفى بهذا القسط من التعليم النظامي، واشتغل بعدها في الحكومة كموظف نظامي في محافظات قنا والزقازيق والشرقية ثم استقر في القاهرة، إلا أن طموحه الكبير للأدب حفزه لترك العمل الحكومي والتحق بالعمل في الصحافة، فعمل في عدة صحف مثل الدستور والمؤيد والأهالي والأهرام، وانضم لحزب الوفد وأصبح من أكبر المدافعين عن سياسات سعد زغلول.
وانسحب العقاد من حزب الوفد بعد خلافه مع مصطفى النحاس زعيم الحزب، وتفرغ بعدها للكتابة والتأليف، وكان غزير الإنتاج فألف عشرات الكتب في مجالات عديدة، فألف في الأدب واللغة والنقد والتاريخ والاجتماع والسياسة والتراجم، وله أربعون كتابًا في الإسلاميات على رأسها العبقريات الشهيرة التي بدأها بعبقرية سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ثم الخلفاء الراشدين، وله عدة مؤلفات في الدفاع عن الإسلام.
أسس العقاد بالاشتراك مع عبد الرحمن شكري وعبد القادر المازني مدرسة الديوان الشعرية، وهي مدرسة شديدة التأثر بالأدب الإنجليزي وطريقة الإنجليز في النقد والتحليل، وصدر عن هذه المدرسة عدة كتب بعنوان «الديوان»، ومهدت مدرسة الديوان الطريق أمام الحداثة في الشعر العربي، وللعقاد عشرة دواوين شعرية وإن كانت ملكة العقاد الشعرية ليست قوية، وقد اختير العقاد عضوًا بالمجمع اللغوي عام 1940.
وعرف عن العقاد تأثره بنمط الحياة الإنجليزي، وشدة الاقتداء بالأدباء الإنجليز، وقد خاض معارك أدبية شهيرة خاصة مع طه حسين، كما كان له صالون أدبي شهير يعقد في صباح كل يوم جمعة، ويمتد عدة ساعات، وقد مات في 12 مارس (آذار) عام 1964.
ترجمت بعض كتب العقاد إلى اللغات الأخرى، فتُرجم كتابه المعروف «الله» إلى الفارسية، ونُقلت عبقرية محمد وعبقرية الإمام علي وأبو الشهداء إلى الفارسية، والأردية، والمالاوية. كما تُرجمت بعض كتبه إلى الألمانية والفرنسية والروسية.
أما على المستوى الشخصي فكان العقاد حاد المزاج، كما أنه لم يتزوج، فعندما كان يُسأل عن الزواج يبرر أنه لا توجد امرأة تقبل أن تعيش مع شخص يقضي معظم وقته مع كتبه.
وتكريما لاسم العقاد أطلقت كلية اللغة العربية بجامعة الأزهر الشريف بالقاهرة اسم العقاد على إحدى قاعات محاضراتها، وسمي باسمه أحد أشهر شوارع القاهرة وهو شارع عباس العقاد الذي يقع في حي مدينة نصر (شرق القاهرة)، وله تمثال شهير في أسوان بجوار مقبرته بطريق السادات أمام مبنى اتحاد الإذاعة والتلفزيون، كما أن له حيا باسمه يسمي حي العقاد