المسلم بين الإلهامِ بالدعاء وهمِّ الإجابة



من أحب الأعمال إلى الله سبحانه وتعالى الدعاء والتضرع وإظهار الخشية منه سبحانه والطمع في رحمته وفضله، وهو مخ العبادة ومفتاحٌ كل خير يناله العبد في الدنيا والآخرة، ورد عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه قوله: إنِّي لا أَحمِلُ همَّ الإجابة، ولكن همّ ‌الدُّعاء؛ فإذا أُلهِمتُ ‌الدُّعاءَ فإن الإجابة معه.
أما الدعاء في رمضان فقد جاء الأمر فيه بالخصوص في قوله تعالى: "وَإِذَا ‌سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ"، وقد وردت الىية بعد آيات فرض الصيام في سورة البقرة.
وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أبي هريرة: «ثلاثة لا ترد دعوتهم: الإمام العادل، والصائم حتى يفطر، ودعوة المظلوم يرفعها الله دون الغمام يوم القيامة، وتفتح لها أبواب السماء، ويقول: بعزتي لأنصرنك، ولو بعد حين».
وقد قامت الأدلة الاستقرائية على مشروعية الدعاء في أدبار العبادات، فذلك مظنة إجابة.. حيث يقول الله تعالى في محكم كتابه: "فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا"، ومن الذكر الدعاء.
كما ورد في سنة النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر معاذ بن جبل أن يقول في دبر كل صلاة مكتوبة: "اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك".
ومن القربات ختم القرآن الكريم، حيث يشرع الدعاء بعد ختم القرآن، أو قراءة الورد اليومي من القرآن.
ومن آداب الدعاء ما قاله الإمام النووي: "ينبغي (للعبد) أن يلح في الدعاء، وأن يدعو بالأمور المهمة والكلمات الجامعة، وأن يكون معظم ذلك أو كله في أمور الآخرة وأمور المسلمين، وصلاح سلطانهم وسائر ولاة أمورهم، وفي توفيقهم للطاعات، وعصمتهم من المخالفات، وتعاونهم على البر والتقوى، وقيامهم بالحق واجتماعهم عليه، وظهورهم على أعدائهم وسائر المخالفين.
ومن ذلك التوجيه الذي أسداه النبي صلى الله عليه وسلم لسعد بن أبي وقاص: "يا سعد، أطب مطعمك تكن مُستجاب الدعوة".
ومن الأوقات التي يرجى أن تكون مواضع إجابة: الثلث الأخير من الليل وعند الفطر، وفي يوم الجمعة غجبة لا ترد فيها دعوة.
ويستحب لمن أراد الدعاء أن يتوضأ ويستقبل القِبلة، ويحضر بقلبه ويستشعر الذلة لخالقه، ثم أن يبدأ بتسبيح الله سبحانه وتمجيده وحمده وذكره بأسمائه الحسنى وصفاته العُلى، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يستغفر لنفسه ولوالديه وللمسلمين، ثم يدعو بما شاء ولمن شاء، ويختم دعاءه بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، مع يقين بالإجابة، واستحضار لعظمة الله وأنه سبحانه لا تنفد خزائنه، وأنه يقول للشيء كن فيكون.
لذلك ادع أخي.. فربما بينك وبين ما تريد دعوة صادقة.