المحيبس والصينية .. العاب شعبية تستعيدها الذاكرة في رمضان من كل عام
لعل من ابرز التقاليد الرمضانية التي استمرت منذ زمن بعيد وحتى الان تلك الالعاب الشعبية التي يقبل علممرستها الصغار والكبار في شهر رمضان سواء في المقاهي الشعبية ام في الحدائق والساحات العامة القريبة من البيوت في المدن وخارجها وطقوس وتقاليد هذه اللعبة لا تختلف في تفاصيلها بين مكان واخر كون لعبة المحيبس هي الاكثر شهرة في هذا الصدد ، اذ يجتمع فريقان من الشباب (واحيانا بينهم كهول وشيوخ ) ويجلسون في صفين متقابلين و لكل فريق رئيس مهمته اخفاء (المحبس ) في يد احد اللاعبين ويمارس اخفاء هذا المحبس تحت غطاء غالبا مايكون شرشفا او عباءة او بطانية لكي لايرى افراد الفريق المقابل اليد التي تخفي الخاتم (المحبس ) ولرئيس الفريق المقابل وحده ان يسمح لاحد افراد فريقه او لاكثر من واحد بالبحث عن المحبس واللاعب الذي يكلف بايجاده التشاور مع اصحابه قبل تقرير مكانه وحمل الخاتم في يد احد اللاعبين المضمومة مهمة (شاقة ) لايتحملها كثير من اللاعبين اذ ان خطا واحدا ممن يحمل هذا المحبس قادر على كشف مكانه مما يسبب في خسارة الفريق ولهذه اللعبة رجالها المعروفون في كل محلة وتتجلى صعوبة ايجاد المحبس اذا كان عدد اللاعبين كبيرا اذ تزداد الصعوبة انذاك في التعرف على من يخفي المحبس باحدى يديه ومع ذلك يستفيد الشخص المكلف بالبحث عنه من حركة العيون وحركة الايادي ومن الكلمات التي يتلفظ بها لاعبو الفريق الخصم . ان هذه اللعبة تحتاج الكثير من ( الفراسة ) ومن الدراسة النفسية السريعة التي يقوم بها اللاعب وحين يكتشف مكان المحبس من قبل احد اللاعبين تعلو صيحات الفرح واحيانا الزغاريد فيتسلم الفريق الذي حصل على المحبس مهمة (التبييت ) وغالبا مايكون الرهان الذي يتفق عليه الفريقان صينية بقلاوة او انواع اخرى من الحلويات وفي كل الاحوال سواء خسر احد الفريقين ام فاز فان جميع اللاعبين من الفريقين يتناولون تلك الحلويات فالمهم هو اللعب الذي يحقق المتعة والتسلية للجميع وليس الفوز وحده مهما في هذا الصدد ..
وفي شهر رمضان من العام الماضي اقيمت اكبرجولة بلعبة المحيبس وعلى ارض ملعب الشعب الدولي بحضور حشد جماهيري كبير من مناطق بغداد في كرخها ورصافتها وكما يقول لاعب المحيبس غيث الطائي ان اللعبة كانت باشراف اللجنة الاولمبية وبمشاركة العديد من الفرق في هذه اللعبةفي بغداد وعدد من المحافظات الاخرى والتي من بينها كربلاء والنجف الاشرف وبابل وديالى وبمعدل لعبتين يوميا وبمشاركة ابرز اللاعبين المعرفين والمشهورين فيها ومنهم جاسم الاسود من الكاظمية وكريم الخطاط من الشعلة وجاسم العطارمن الحرية . ويستطرد الطائي في حديثه مستذكرا حادثة طريفة حصلت خلال احدى اللعبات بهبوب عاصفة ترابية شديدة مما اضطر المشاركين فيها من التفرق على وجه السرعة والبحث عن اماكن يلوذون بها من العاصفة ليحمو انفسهم منها ولكن بعد انجلائها لم يعثروا على الشخص الذي كان معه المحبس لذهابه الى بيتهم ومعه المحبس من دون ان يعلم الاخرين بذلك.. وتتخلل هذه اللعبة تقديم فعاليات فنيةباغاني المربعات وسط بهجة وفرح الحاضرين من كلا الفريقين واذا كانت لعبة المحيبس هي الشائعة في بغداد واغلب المحافظات فان لعبة اخرى تكاد تكون وجها اخر للمحيبس هي الاخرى شائعة . خاصة في المناطق الشمالية ومنها الموصل ، الاوهي لعبة (الصينية ) التي تقوم فكرتها ايضا على ايجاد المحبس المخبا تحت واحد من الفناجين النحاسية الكثيرة .ولعلنا وبسبب انتشار فيروس كورونا والحظر المفروض حفاظا على السلامة العامة والوقاية منه لم نلحظ هذه السنة في شهر رمضان .المبارك اقامة مثل هذه الطقوس واللعبات الشعبية والجماهيرية مما حرم العديد من هواة ومتابعي هذه اللعبة من مشاهدتها والاستمتاع باجوائها المسلية الجميلة..