الأسماك أصبحت في جميع أنحاء العالم أخف وزنا مع ارتفاع درجة حرارة موائلها (شترستوك)
كشفت دراسة جديدة انخفاض وزن الأسماك في غرب شمال المحيط الهادي في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين بسبب ارتفاع درجة حرارة المياه، مما أدى إلى الحد من الإمدادات الغذائية.
وحلل الباحثون في الدراسة التي نشرت يوم 28 فبراير/شباط بمجلة "فيش آند فيشريز"، الوزن الفردي والكتلة الحيوية الإجمالية لـ13 نوعا من الأسماك. وفي الثمانينيات والعقد الأول من القرن الحادي والعشرين، كانت الأسماك أخف وزنا.
وتعد الأسماك هي المجموعة الأكثر تنوعا من الفقاريات، كما أنها توفر سبل العيش الحيوية لمليارات البشر في جميع أنحاء العالم من خلال مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية، كما أنها أجزاء مهمة من النظم الإيكولوجية المائية.
تستهدف مصايد الأسماك غالبا الأسماك الكبيرة، لذلك فإن إزالة هذه الأسماك الكبيرة من الموائل يفيد في بقاء الأسماك التي تنضج بسرعة وتتكاثر في سن أصغر عندما تكون أصغر حجما (رويترز)
كيف تؤثر الحرارة في الحجم؟
في الدراسة الجديدة، يقول الباحثون إن الأسماك في جميع أنحاء العالم أصبحت أصغر حجما مع ارتفاع درجة حرارة موائلها. فعلى سبيل المثال، انخفض حجم أنواع الأسماك التجارية المهمة في بحر الشمال بنحو 16% خلال الـ40 سنة التي سبقت عام 2008، في حين ارتفعت درجة حرارة الماء بمقدار درجة إلى درجتين مئويتين.
ويتوقع الفريق البحثي أن يؤدي هذا الاتجاه الانكماشي إلى تفاقم آثار ظاهرة الاحتباس الحراري على النظم البيئية البحرية بشكل كبير.
يقول المعد الرئيسي للدراسة "شين إيتشي إيتو"، وهو أستاذ علم المناخ في معهد أبحاث الغلاف الجوي والمحيطات بجامعة طوكيو: إن تحليل بيانات وزن الأسماك والكتلة الحيوية من وكالة مصايد الأسماك اليابانية والوكالة اليابانية لأبحاث وتعليم مصايد الأسماك، كشف أنه مع ارتفاع درجات الحرارة تصبح الطبقة العليا للمحيطات أكثر طبقية، وأظهرت الأبحاث السابقة أن العوالق الأكبر تُستبدل بعوالق أصغر وأنواع هلامية أقل تغذية، مثل قنديل البحر.
ويوضح الباحث في حديث مع "الجزيرة نت" أنه يمكن لتغير المناخ أن يغير توقيت وطول ازدهار العوالق النباتية، والتي قد لا تتماشى مع الفترات الرئيسية لدورة حياة الأسماك. كما أظهرت دراسات أخرى أن هجرة الأسماك تتأثر بالتغيرات المناخية، مما يؤثر بدوره على تفاعل الأسماك وتنافسها على الموارد.
ووفقا للمعد الرئيسي للدراسة، فإن خياشيم الأسماك لا تنمو بنفس وتيرة نمو بقية أجسامها، وبمجرد أن تصل السمكة إلى حجم معين من الجسم لا تستطيع خياشيمها سوى توفير كمية كافية من الأكسجين للحفاظ على عمل الجسم، ولا يتبقى أي أكسجين للنمو. ويوضح إيتو أن "الأسماك تستخدم كمية أكبر من الأكسجين في المياه الدافئة لكن خياشيمها لا تكبر، وبذلك تصل الأسماك إلى حد نموها بحجم أصغر، مما يؤدي إلى قاعدة درجة الحرارة والحجم".
الأرصدة السمكية تجب إدارتها بشكل مختلف عما كانت عليه مع الأخذ في الاعتبار التأثير المتزايد الناجم عن المناخ
مصايد الأسماك
تستهدف مصايد الأسماك غالبا الأسماك الكبيرة، لذلك فإن إزالة هذه الأسماك الكبيرة من الموائل يفيد في بقاء الأسماك التي تنضج بسرعة وتتكاثر في سن أصغر عندما تكون أصغر حجما. كما تعد مصايد الأسماك عامل تشتيت محتمل عند دراسة تأثير المياه الدافئة على الأسماك. ويوضح الفريق أنه يمكن أن تنتقل سمة النضج المبكر هذه عبر أجيال الأسماك، كما يمكن أن يؤدي ذلك إلى ظاهرة تُعرف باسم "التطور الناجم عن مصايد الأسماك"، حيث تميل الأنواع المستغلة إلى التناقص في الحجم بمرور الوقت.
عن طريق فحص الأسماك في ظل ظروف خاضعة للرقابة من خلال التحكم في درجة حرارة الماء ودراسة تأثيرها على حجم الأسماك، أظهر الفريق أن الأسماك تصبح بالفعل أصغر حجما في جسمها عند الاحتفاظ بها في ظروف دافئة، وتشير الدراسة إلى أن السبب يرجع إلى عدم التطابق بين كمية الأكسجين التي تحتاجها الأسماك للحفاظ على عملية التمثيل الغذائي في الجسم وكمية الأكسجين التي يمكن أن تحصل عليها عن طريق الخياشيم.
ويأمل المؤلفون أن يستخدم مديرو مصايد الأسماك وصناع السياسات مثل هذه الأبحاث لفهم التغييرات التي تحدث في المحيطات بشأن الأسماك بشكل أفضل للمساعدة في اتخاذ خيارات مستنيرة للمستقبل، كما تجب إدارة الأرصدة السمكية بشكل مختلف عما كانت عليه من قبل، مع الأخذ في الاعتبار التأثير المتزايد للظروف الناجمة عن المناخ.