قصر الفردوس في بغداد
تتميز قصور العراق بالتصاميم والنقوش المعمارية الفريدة، وتُعدّ من المعالم التي ارتبطت بالخلافة العباسيّة والتاريخ الطويل لبلاد الرافدين، وما زالت موجودة ليومنا هذا لتشهد على عظمة ذاك التاريخ، مثل قصر الفردوس الأثري الذي يقع في الجانب الشرقي من بغداد.
تاريخ قصر الفردوس
هو قصر أثري يعود تاريخه إلى الخلافة العباسيّة، وقد شيّده الخليفة العباسي المُعتضد، ويقع في الرصافة أي في الجانب الشرقي من بغداد إلى جوار القصر الحسني. يحتوي القصر على باب يُدعى باب الفردوس وفي بساتين هذا القصر بركة ماء يأتيها من فرع صغير لنهر موسى، ويستقي قصر الفردوس المياه من نهر المُعلّى الذي يدخل قصر الفردوس من باب سوق الثلاثاء ليدور فيه ثم يصبّ في دجلة.
لمع اسم هذا القصر عن مجموعة القصور التي أنشأها الخلفاء، حيث زار رسول من الروم قصور الخلافة في عهد خلافة المُقتدر بالله سنة 305 هــجري، ودخل قصر الفردوس حيث كان فيه من الفرش و الآلات ما لا يُحصى، بالإضافة إلى عشرة آلاف جوشن (نوع من الدروع الحديدية التي تتداخل ببعضها البعض ويلبسها المقاتل لحماية صدره) مُذهّبة مُعلّقة، حيث دهُش رسل ملك الروم وأعجب به إعجابًا شديدًا .
وصف قصر الفردوس
شيّد المُعتضد قصر الفردوس إلى شمال القصر الحسني، وبنى إلى الشرق قصر آخر أسماه قصر الثريا وذلك على بعد ميلين، ووصل بين قصر الفردوس والقصرين اللذين على ضفة نهر دجلة نفق طوله ميلان، حيث كان يمر فيه سيدات القصر وجواريهم لتفادي الظهور في الشوارع المكشوفة.
بلغ طول القصر 3 فراسخ، وجعل الخليفة فيه بركة ماء أنفق عليها مبلغاً كبيراً من المال، كما اتخذ حديقة حيوانات من الوحوش قرب القصر، بالإضافة إلى الحدائق المُزهرة والبساتين المُثمرة، وبعد فترة من الزمن تعرّض القصر للحرق من فرسان المُقتدر حيث نهبوا ما فيه من متاع وخزائن ونفائس، وظل هذا القصر حتى تعرض للخراب سنة 1068 حيث فاضت دجلة فيضانًا شديدًا.
ما سبب كثرة القصور في العهد العباسي؟
عادت الخلافة العباسية على يد الخليفة المُعتمد العبّاسي من سامراء إلى بغداد، حيث اتّسعت رقعتها وامتدت لتصل أغلب بقاع المعمورة، وتدفّقت الخيرات على بغداد التي كانت تُعدّ عاصمة الخلافة العباسية، وعمّ اليسر والرخاء أرجاء الدولة، كما تضاعفت الثروات الأمر الذي أدّى إلى وفرة المال في خزائن الدولة، وتم إنفاق بعض الأموال في تيسير شؤون الدولة، بينما ذهب الكثير منها إلى خزائن الخلفاء والأمراء، والتجار والصنّاع والزراع وغيرهم من صفوف الناس، الأمر الذي جلب الرخاء إلى حياة الشعب، وانصرف معظمهم إلى تشييد القصور الفخمة حيث كان الخلفاء يتنافسون في البناء وخاصّةً في الناحية الشرقيّة كونها منطقة فسيحة أمام أعمال البناء وبالغوا في تجميل قصورهم وتزيينها بمظاهر البذخ ومن أهم قصورها قصر الحسني الذي يقع على شاطئ دجلة.