بلدة مشقيتا في ريف اللاذقية.. واحدة من أهم الوجهات السياحية الشعبية



برزت بلدة مشقيتا التي تبعد 23 كم شمال مدينة اللاذقية كواحدة من أهم الوجهات السياحية الشعبية في المحافظة لغناها بالمقومات الطبيعية وإطلالتها المميزة على البحر الأبيض المتوسط من جهة وسد 16 تشرين ببحيراته السبع من جهة أخرى تتخللها مساحات واسعة من الأحراج والغابات والأراضي الزراعية.
أستاذ اللغة العربية رئيس البلدية السابق كاسر مياسة أوضح في تصريح لمراسلة سانا أن اسم البلدة روماني الأصل ويعني الأرض المروية “المسقية” وذلك لكثرة ينابيعها وعيون الماء فيها مبيناً أن هناك العديد من القبور الرومانية والقنوات الغضارية والقلاع الأثرية المنتشرة على أطراف البلدة والتي تؤكد أن هذه المنطقة كانت مأهولة بالسكان منذ قديم الزمان.
وأضاف مياسة: إن بلدة مشقيتا تتميز بطابعين أولهما جمالي كونته عناصرها الطبيعية المتكاملة من جبال وغابات وبحيرات ووديان على مد النظر كما لو أنها لوحات فنية متفردة بألوانها وتفاصيلها تستهوي روعتها منسقي جلسات التصوير والمخرجين والمجموعات السياحية من عشاق الطبيعة وهواة التخييم إلى جانب الخدمات السياحية المتنوعة التي فرضها الإقبال الكبير على مدار العام وفصلي الربيع والصيف بشكل خاص فانتشرت المطاعم والفنادق والاستراحات والتنانير الشعبية على الطرقات وضفاف البحيرات والتلال القريبة منها توفر لزوارها والمصطافين عروضاً مميزة على الوجبات ورحلات القوارب للتمتع بالمناظر البانورامية التي شكلتها الطبيعة.
وقبل أن تدخل السياحة إلى مجتمع البلدة كان الأهالي يعتمدون في معيشتهم على زراعة الزيتون والحمضيات والأشجار المثمرة وخاصة التفاحيات “خوخ ومشمش ودراق” والجوز إضافة إلى تربية المواشي ودودة القز ومناديل الحرير التي عادت إلى دائرة الضوء بعد الاهتمام الحكومي لإحياء هذه المهنة التراثية العريقة.
وفيما يتعلق بالشق الثقافي احتضنت البلدة أول مدرسة في المنطقة بناها أهلها بسواعدهم وعلى نفقتهم الشخصية ليؤمها طلاب العلم من مختلف القرى المحيطة وقد درس على مقاعدها نخبة من الأدباء والكتاب منهم هاني الراهب.
بابتسامة عفوية وكلمات ترحيبية استقبلتنا السيدة السبعينية زنوب صالح أم عبير في منزلها ببلدة مشقيتا مستذكرة بفيض من الحنين أيام الصبا مع بنات القرية وكيف كن يحملن الماء من العين إلى بيوتهن بينما يتبادلن الأحاديث وينشدن الأغاني الشعبية وينتظرن الانتهاء من أعمال المنزل والزراعة بفارغ الصبر للذهاب في نزهة إلى شاطئ البحيرة والاستمتاع بروعة الطبيعة بين أحضان غابات الصنوبر والسنديان والصفصاف.
وتقول أم عبير: إن الحياة لم تعد كسابق عهدها لقد تطورت كثيراً وتبدلت أحوال الناس حتى أن شكل البلدة تغير في ظل النهضة العمرانية التي شهدتها المنطقة مع تحولها إلى وجهة سياحية بارزة بعد إنشاء سد 16 تشرين وتصوير العديد من المسلسلات العربية والمحلية.
“أكثر ما أحبه في مشقيتا هو طيبة أهلها ومحبتهم وبساطتهم وجمال طبيعتها وجبالها وغاباتها ووديانها وخيرات أرضها بزيتونها وتينها وعنبها وتفاحها ورمانها” بهذه الكلمات عبرت السيدة الثمانينية مريم جبور أم عمار عن تعلقها بمسقط رأسها بينما كانت يداها تحيك بالصنارة على شرفة منزلها الريفي المتواضع مضيفة إنها وعلى الرغم من تنقلها بين عدة محافظات إلا أنها لم ولن تجد أجمل من بلدتها التي نشأت وكبرت بين جنباتها.
وتحدثت أم عمار عن الحرف اليدوية القديمة التي اعتادت نساء القرية على ممارستها ومنها الأشغال بالصوف والصنارة ومناديل الحرير والخياطة وحياكة البسط مشيرة إلى أنها لا تزال مستمرة بشغل الصنارة التي ورثتها عن والدتها وجدتها وتعلمتها بعمر 12 عاماً وحافظت عليها لتؤنس وحدتها ولياليها.