موقع إخباري: قلعة أربيل واجهة حضارية احتلت موقعها في لائحة التراث العالمي
عالمة الآثار، أليساندرا بيروزيتو، المختصة بالمعالم الآثارية والحضارية لمنطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، تصف قلعة أربيل بأنها تحمل أهمية آثارية ومعمارية في الوقت نفسه، مشيرة الى ان الحصن محاط بجدار يعود للعهد العثماني ويقع في مركز المدينة على قمة تل ازدادت سعته عبر الحضارات التي مرت عليها.
وكانت قلعة أربيل قد حظيت بمكانتها التراثية والحضارية العالمية في العام 2014 عندما أدرجتها منظمة اليونسكو للثقافة والعلوم ضمن لائحة التراث العالمي. كرد وعرب وتركمان مسلمون ومسيحيون يصفون القلعة بانها بيتهم، ويعتقد انها تعتبر من بين أكثر المواقع التي شهدت أطول حركة سكانية على نحو مستمر في العالم مع جذور تمتد لأكثر من 6000 آلاف سنة مضت. كانت القلعة مع بداية عهد الكتابة بالحروف تعتبر بلدة أربيلا الآشورية وشغلت دورها كخلفية ساندة خلال المعركة التي دارت بين الإسكندر الكبير والملك الفارسي داريوس الثالث.
الموقع خضع لعملية ترميم وصيانة كبرى وذلك بعد عقود من الإهمال وعدم الاستقرار والعقوبات الاقتصادية التي مرت على العراق وهذا يعني بان كثيرا من المباني ومرافق القلعة كانت تفتقر الى الخدمات وقنوات تصريف المياه النموذجية ومنظومات التصريف الصحي.
وبينما كان الموقع المركزي للقلعة يعتبر مكانا يقضي فيه العامة أوقات ممتعة فانه تعرض أيضا للإهمال والضرر والتلوث. ففي حقبة الستينيات ذهبت السلطات المحلية بعيدا حتى انها قامت بإزالة بيوت تراثية حولها لمد شارع للسيارات يمر عبر القلعة مباشرة.
كجزء من شروط إدراج الموقع في لائحة التراث العالمي لليونسكو، فان اللجنة وضعت منطقة عزل وشروط البناء في محيط القلعة لغرض الحفاظ على طبيعة الموقع.
لحسن الحظ ان القلعة لم تطلها ايدي داعش الإرهابي الذي قام بالعبث بمواقع تراثية وحضارية في الموصل والتي تخللتها تدمير جامع النوري ومنطقة الحضر في الموصل التي تعتبر أيضا ضمن لائحة التراث لليونسكو.
وقالت ايرينا بوكوفا، مديرة مكتب اليونسكو السابقة في العراق "شن تنظيم داعش حملة طمس ونهب ثقافي وتراثي، لقد كان تدمير المواقع الدينية والتاريخية جزءا لا يتجزأ من نهج تنظيم داعش".
وكان التنظيم قد بث في حينها شريط فيديو يظهر فيه مسلحون يحطمون قطع اثرية وتماثيل تاريخية في متحف الموصل باستخدام معاول حديدية. وشجبت منظمة اليونسكو التدمير المتعمد للقطع الاثرية العراقية من قبل مسلحي داعش على انها جريمة حرب.
الدمار الذي خلفه داعش في مواقع أخرى من العراق ولد حافزا جديدا لصيانة وتطوير مبنى القلعة. موقع القلعة الآن يستخدم لتدريب كوادر ثقافية أخرى في العراق على تقنيات حفظ وصيانة المعالم التاريخية وحسن إدارتها.
البروفيسور، عبد الله خورشيد قادر، مدير المعهد العراقي للحفاظ على الآثار والتراث، قال لموقع يورو نيوز euronews الاخباري "ليس هناك من شك في ان تنظيم داعش يمثل احد اظلم لحظات التاريخ التي تعرضت لها معالم العراق التاريخية والحضارية. كان اكثر من 4,000 موقع أثري وتاريخي تحت سيطرة داعش في كل من محافظات نينوى وصلاح الدين والانبار وكركوك".
وبخصوص قلعة أربيل قال البروفيسور قادر "نحن نعتقد بان قلعة أربيل هي بمثابة أساس بناء السياحة في إقليم كردستان. لقد تم تحويل الموقع من موقع أثري شبه مهمل الى موقع سياحي شبيه بموقع قلعة انقرة السياحي في تركيا".
لقد تمت مؤخرا استعادة بناء وترميم البوابة الجنوبية لواجهة القلعة من قبل الهيئة العليا لإحياء قلعة أربيل. لقد بنيت في ستينيات القرن التاسع عشر وتم تدميرها واعيد بناؤها مرة أخرى في العام 1979.
تشتمل قلعة أربيل الآن على متحف للاعمال النسيجية الكردية الذي تعرض فيه تصاميم نسيج السجاد الفولكلوري لمنطقة كردستان، وكذلك دار شهاب الجلبي الذي تم ترميمه وتجديده والذي يضم فرع المعهد الفرنسي في العراق لمنطقة الشرق الأوسط.
وبعد التجول في مرافق القلعة بإمكان الزوار التجول حول الساحة الامامية التي تضم العديد من المطاعم وأماكن للجلوس. وفي أوقات المساء تكون هناك أجواء كرنفال بينما يتجمع الأهالي حول القلعة لمشاهدة منظر الغروب.
ومن مناطق مختلفة حول القلعة بإمكان الزواء العثور على أماكن تحميهم من أشعة الشمس ويلتقطون قطعا تذكارية عند البازار الكبير في القلعة. بتاريخه الذي يعود للقرن الثالث عشر فان السوق المغلق الجميل مليء بالأزقة الملتوية والأقواس التي تعرض كل شيء وأي شيء يمكن للمتسوق ان يفكر به. الضيافة الكردية ستكون حاضرة على اكملها حيث يقدم أصحاب الاكشاك قدح الشاي التراثي والقهوة لأي شخص يتطلع لبضاعتهم.