جامع النوري الكبير في الموصل
يُطلق على جامع النوري الكبير في الموصل عدة أسماء، وهي: جامع الموصل الكبير، أو الجامع الكبير ، أو الجامع النوري، وهي جميعها مُسميات تطلق على مسجد تاريخي غرب الموصل قرب الضفة الغربية لنهر دجلة، وتُسمّى المنطقة المحيطة به محلة الجامع الكبير.
بناء جامع النوري الكبير
بُنيّ جامع النوري الكبير في القرن السادس الهجري على يد نور الدين زنكي، ويبلغ عمره 9 قرون (900 سنة)، وهو ثاني جامع بُني بعد الجامع الأموي، ولا بُدّ من الإشارة إلى أنّه تم إعادة إعمار هذا الجامع عدّة مرات، وأحدث مرة كانت عام 1944.
يمتاز جامع النوري الكبير بمنارته المُحدبة باتجاه الشرق؛ وهي الجزء المتبقي من العمارة الأصلية، وهذه المنارة الحدباء من أبرز الآثار التاريخية في مدينة الموصل والتي ارتبطت باسم مدينة الموصل، إلّا أنّه للأسف هذه المئذنة مهددة بالانهيار رغم عدّة محاولات لترميمها من قبل وزارة السياحة والآثار العراقية.
تاريخ جامع النوري الكبير
يعود تاريخ بناء جامع النوري الكبير إلى زمن حكم الخليفة العباسي مؤسس الدولة الزنكية في الموصل نور الدين محمود زنكي، وكان سبب إنشاء هذا الجامع هو وجود جامع واحد في المدينة التي زاد عدد سكانها، ولم يعد يكفي لهم جامع واحد، حيث إنّه بات مزدحمًا، الأمر الذي جعل الخليفة العباسي يفكر مليًا في إنشاء جامع آخر.
أشار الشيخ الزاهد “معين الدين الملا” على الخليفة ببناء الجامع في مكان معين في وسط الموصل يُدعى باسم “الخرابة”، وكان يدور حولها عدد من الشائعات والحكايات حول خطورة البناء فيها.
قرر الخليفة نور الدين زنكي شراء الخرابة وبناء الجامع في مكان الخرابة، وتم إنفاق أموالًا طائلة لبناء الجامع النوري، واستمرت عملية البناء 3 سنوات ابتداءً من عام 566، واستمرت حتى عام 568 هجري الموافق 1173.
الجامع النوري الكبير وآراء الرحالة فيه
زار الجامع النوري عددًا من الرحالة؛ ومنهم ياقوت الحموي الذي ذكرها في معجمه، إذّ كتب عن مدينة الموصل “سورها يشتمل على جامعين، تقام فيهما الجمعة أحدهما بناه نور الدين محمود وهو في وسط السوق، وهو طريق للذهاب والجائي، مليح كبير”.
كما زار الجامع النوري ابن بطوطة وقال عن مدينة الموصل: “وبداخل المدينة جامعان أحدهما قديم والآخر حديث، وفي صحن الحديث منهما قبة في داخلها خصة رخام مثمنة مرتفعة على سارية رخام، يخرج منها الماء بقوة وانزعاج، فيرتفع مقدار القامة، ثم ينعكس فيكون له مرأى حسن”.
تدمير جامع النوري الكبير على يد المغول
تعرّض جامع النوري إلى التخريب والدمار بسبب احتلال المغول لمدينة الموصل عام 1258م، الأمر الذي أدّى إلى تدميره، وعندما تم تحرير المدينة عام 1150 هجري قام والي الموصل حسين باشا الجليلي بصيانة وتنظيف الجامع.
قام كذلك محمد بن الملا جرجيس القادري النوري بترميم الجامع، ثم تم تدمير الجامع مجددًا بسبب تعرضه لفترات طويلة من الإهمال، ثم تم هدم المسجد تمامًا مع المحافظة على المحراب، والمنارة، وبعض الزخارف الجبسية، وأعيد بناؤه عام 1942م، ثم في عام 1944 قامت وزارة الأوقاف ببناء 4 مآذن جديدة وتوسيع مساحة الجامع.
آخر الاكتشافات تحت جامع النوري الكبير
بدأت أعمال تنقيب تدعمها منظمة اليونسكو بتمويل من الإمارات العربية المتحدة، وذلك بعدما دُمّر في شهر حزيران عام 2017، الأمر الذي أفضى إلى اكتشاف أرضيات مُصلى قديم يعود إلى القرن 12 الميلادي.
ساعدت هذه الاكتشافات في معرفة امتدادات المُصلى القديم، إلى جانب معرفة مكان الوضوء في هذا الموقع التاريخي، الأمر الذي سيزيد من قيمته التاريخية، ولا بُدّ من الإشارة إلى أنّ الأرضيات القديمة أوسع من أرضيات المُصلى الذي تم ترميمه في أربعينيات القرن العشرين.
تم اكتشاف 4 غرف تقع أسفل الجامع، وكانت هذه الغرف تُستخدم للوضوء، وقد كانت مشيّدة بمادتيّ الجص والحجر، وهي متصلة ببعضها البعض.
يبلغ عرض الغرفة الواحدة 3.5 متر، في حين أنّ ارتفاعها يبلغ 3 أمتار، وتحتوي على أحواش يبلغ عمق الواحد منها 60سم، ويجدر الذكر أنّ هذه الغرف تقع أسفل سطح الأرض بما يقارب 6 أمتار.
سيتم استخدام القطع الأصلية الموجودة في الجامع لترميمه، كما سيتم إنشاء مباني جديدة تم تصميمها على أيدي مهندسين مصريين، وقد تم عرضها على منظمة اليونسكو والموافقة عليها.
متى تأسس جامع النوري؟
تأسس جامع النوري في القرن السادس الهجري وتحديدًا عام 1170م.
كم يبلغ طول منارة الحدباء؟
يبلغ ارتفاع منارة الحدباء 65 مترًا، وعرضها يبلغ 17 مترًا، ولا بُدّ من الإشارة إلى أنّها واحدة من أكثر 17 برجًا مائلًا في العالم.
لماذا سميت الحدباء؟
سميت الموصل “بالحدباء” نسبةً إلى مئذنة الجامع النوري الكبير المحدّبة، وكذلك لتحدّب مسار نهر دجلة الذي يمر من خلالها.
ماذا كانت تُسمّى منارة الحدباء في السابق؟
كانت منارة الحدباء في السابق تُسمّى باسم “المنارة الطويلة”، والتي تقع في شمال غرب حرم الجامع النوري، ومن الجدير بالذكر أنّ هذه المنارة مطبوعة على الدينار العراقي من فئة 10000 دينار.