قصة طويلة من الصراع والنهايات الغريبة
شهد تاريخ كرة القدم حالات كثيرة للاعبين رفضوا تلبية الدعوة لتمثيل منتخبات بلدانهم، وحالات أخرى للاعبين قرَّروا الاعتزال الدولي قبل الأوان، ولطالما كانت الأسباب مشتركة، وعلى رأسها وجود خلافات أو اختلافات في وجهات النظر بين اللاعب والجهاز الفني، لكن النتائج كانت مختلفة، فمنهم مَن خسر مسيرته الدولية بعدما تمسّك بموقفه، أو لعدم حصوله على دعوات لاحقة، ومنهم من عاد بعد حين.
ولا تخلو هذه الحالات من الأسماء اللامعة، وهو ما تسلّط «الرياضية» الضوء عليه في التقرير التالي، بدءًا من بيرند شوستر، النجم الألماني الذي مثَّل برشلونة وريال مدريد، وصولًا إلى تجربة نرويجية من ملاعب كرة القدم النسائية.
بيرند شوستر
مثَّل بيرند شوستر، اللاعب الألماني السابق، الأندية الـ 3 الكبرى في إسبانيا خلال مسيرته، إذ لعب لبرشلونة 8 أعوام، وانتقل إلى ريال مدريد لمدة موسميْن، قبل أن يلعب 3 أعوام في صفوف أتلتيكو مدريد.
وعلى الصعيد الدولي، خاض شوستر مباراته الدولية الأولى مع المنتخب الألماني عام 1979، وفاز مع المانشافت عام 1980 بلقب اليورو، وكان أحد أفضل اللاعبين في البطولة، لكنه دخل بعد ذلك في سلسلة من الخلافات والنزاعات، الأمر الذي دفعه إلى الاعتزال عام 1984، بعد شهريْن من إتمامه الـ 24 عامًا.
وبدأت خلافات شوستر مع المنتخب عندما غادر معسكر الفريق وتغيَّب عن مباراة أمام ألبانيا بسبب ولادة ابنه الثاني، كما تغيَّب عن احتفال نظَّمه المنتخب وحضره جميع اللاعبين عام 1981، كما كان على علاقة سيئة مع بعض اللاعبين، وعلى رأسهم بول برايتنر. وعاد شوستر إلى تمثيل المانشافت عام 1983، لكن شيئًا لم يتغير رغم تغيير المدرب ووصول فرانتس بيكنباور إلى المنصب، إذ كانت هناك خلافات تكتيكية بين الثنائي.
وبعد تسعة أعوام من اعتزاله، أعلن شوستر جاهزيته للعودة إلى المنتخب عام 1993، وصرّح قائلًا: «أنا متاح إن كان فوجتس يريدني»، لكن المدرب بيرتي فوجتس لم يلبّي النداء، فاقتصرت مسيرة شوستر الدولية على 21 مباراة فقط.
فيرناندو ريدوندو
كان ريدوندو في الـ 20 من عمره عندما رفض الانضمام إلى المنتخب الأرجنتيني قبل كأس العالم 1990، ويُحكى أن سبب الرفض كان لرغبة اللاعب في عدم التغيب عن الجامعة، لكن الحقيقة أن ريدوندو لم يكمل دراسته الجامعية، وأنّ قراره كان فنيًّا، لأنه لم يكن مقتنعًا بالأسلوب الدفاعي للمدرب كارلوس بيلاردو، ولاحقًا صرّح ريدوندو: «تم اختياري لكني كنت أعلم أنني لن ألعب وأنني سأكون مجرد اسم في القائمة، ففضلت البقاء في منزلي».
وشارك ريدوندو في كأس العالم 1994، لكنه رفض بعد ذلك اللعب للمدرب دانييل باساريللا، لأن الأخير كان يمنع الشعر الطويل، وهذا النزاع استمرَّ حتى كأس العالم 1998، وكان فيه آراء لكارلوس منعم، الرئيس الأرجنتيني الذي وقف إلى جانب باساريللا، ولدييجو مارادونا، الذي كان من أنصار ريدوندو، إذ قال مارادونا إن قصات الشعر حرمت المنتخب من قيمة وخبرة اللاعب، فيما يذكر باساريللا أن سبب غياب ريدوندو كان تكتيكيًّا لأنه كان يرفض اللعب على الجهة اليسرى. ولعب ريدوندو 10 مواسم مع ريال مدريد وميلان، وتوّج بلقب دوري أبطال أوروبا 3 مرات، إلا أنّه لعب 29 مباراة دولية فقط.
جويل ماتيب
بدأ جويل ماتيب بتمثيل المنتخب الكاميروني عام 2010، وشارك معه في نهائيات كأس العالم 2010 و2014، قبل اعتزاله دوليًّا في العام التالي، لكن دون خطابات رسمية، فتم استدعاؤه للمشاركة مع المنتخب في كأس الأمم الإفريقية 2017 رغم اعتزاله، إلا أنّه رفض الدعوة.
واضطر يورجن كلوب، مدرب فريق ليفربول الإنجليزي، إلى عدم إشراك ماتيب في مباراتيْن، قبل الحصول على توضيح من الاتحاد الدولي، إذ كانت هناك إمكانية أن يعد الاتحاد الدولي أن ماتيب ليس متاحًا للمشاركة مع الأندية خلال فترة التوقف الدولي، أي فترة تنظيم كأس الأمم الإفريقية.
يذكر أن سبب اعتزال ماتيب هو تجاربه السيئة مع الجهاز الفني، وعدم سعادته مع بنية المنتخب الكاميروني.
خوان رومان ريكيلمي
كان خوان رومان ريكيلمي في الـ 30 من العمر عام 2009 عندما أعلن اعتزاله الدولي، مؤكدًا غيابه عن نهائيات كأس العالم 2010، والسبب كان خلافاته مع دييجو مارادونا، مدرب المنتخب الأرجنتيني حينها، علمًا بأن ريكيلمي كان قد ورث الرقم 10 في بوكا جونيورز من مارادونا.
وشهدت هذه القضية حملة من التصريحات، إذ قال ريكيلمي: «هناك أمور غريبة تحدث في هذا المنتخب، فأنا أعرف في أي مركز يريدني المدرب أن ألعب عبر التلفاز»، وأضاف أنّه لن يلعب للأرجنتين تحت إدارة مارادونا، فيما قال مارادونا: «لا يمكننا العمل معًا».
صامويل إيتو
رفض صامويل إيتو عام 2011 المشاركة في مباراة تجريبية بين المنتخبين الكاميروني والجزائري، فأخذ الاتحاد الكاميروني قرارًا بإيقاف إيتو 15 مباراة، لدوره في دعم إضراب للاعبين بعد خلافات حول المكافآت، ثم تمَّ تخفيض العقوبة إلى 8 أشهر بعد تدخل من بول بيا، الرئيس الكاميروني، فغاب إيتو عن 4 مباريات.
وفي عام 2012، قرَّر إيتو عدم اللعب أمام منتخب الرأس الأخضر في التصفيات المؤهلة إلى كأس الأمم الإفريقية، في احتجاج على ما وصفه بالتنظيم السيئ والهاوي في المنتخب، فتدخل فيليمون يانج، رئيس الوزراء، ليلعب إيتو مباراة الإياب، لكن المنتخب الكاميروني فشل في حجز مقعده في النهائيات.
مايكل لاودروب
كان مايكل لاودروب، لاعب برشلونة، في أوج عطائه عام 1990، عندما قرَّر التوقف عن تمثيل المنتخب الدنماركي، رفقة أخيه برايان، والدنماركي الآخر يان مولبي، لاعب ليفربول، بسبب خلافات مع المدرب ريتشارد نيلسن.
وفشل المنتخب الدنماركي في مهمة التأهل إلى يورو 1992، لكنه حصل على بطاقة دعوة بعد منع يوغوسلافيا من المشاركة في النهائيات، فرأى مايكل أن حظوظ منتخب بلاده قليلة، وقرَّر عدم العودة، لكن المنتخب الدنماركي فجّر مفاجأة من العيار الثقيل، وتُوّج باللقب بعد الفوز على المنتخب الهولندي حامل اللقب في نصف النهائي، وعلى المنتخب الألماني المرشح الأول في النهائي.
وعاد مايكل إلى تمثيل المنتخب عام 1993، واعتزل عام 1998 وبحوزته 104 مباريات دولية، لكن عائلة لاودروب لن تحضر كاملة على منصة يورو 1992، إذ قرَّر برايان العودة إلى النشاط الدولي قبل النهائيات، واحتفل باللقب، على عكس مايكل.
آدا هيجيربيرج
حصلت النرويجية آدا هيجيربيرج على جائزة أفضل لاعبة في أوروبا عام 2016، وهي لا تزال حاملة الرقم القياسي لعدد الأهداف في دوري أبطال أوروبا للسيدات، لكنها قرَّرت عام 2017 التوقف عن تمثيل منتخب بلادها، احتجاجًا على طريقة تعامل الاتحاد النرويجي مع كرة القدم النسائية، واصفة تجاربها بالمحبطة.
وضاعف الاتحاد النرويجي المكافآت المخصصة للسيدات بعد ذلك، لكن آدا استمرت في تغيبها، وقرَّرت عدم المشاركة في مونديال 2019 قبل أن تعود إلى اللعب الدولي عام 2022، بعد 5 أعوام من التوقف.