هي السيّدة نفيسة بنت الحسن بن زيد بن الإمام الحسن المجتبى بن عليّ بن أبي طالب عليهم السّلام. وُلِدَت بمكّة المكرّمة يوم الأربعاء الحادي عشر من ربيع الأوّل سنة 145 هجريّة، ونشأت في المدينة المنوّرة مدينة جدّها المصطفى رسول الله صلّى الله عليه وآله. ثمّ ذهبت إلى مصر عام 193 هجري وأقامت بها إلى أن تُوفّيت، نزلت مصر في السادس والعشرين من شهر رمضان بدار أُمّ هاني، وفي خبرٍ أنّها كانت تحاول المغادرة إلى أهلها لكنّ حاكم مصر منعها.

رُوِيَت للسيّدة نفيسة كرامات، وكان ابن حجر قد ذكر لها ما يقرب من مائة كرامة ، وحُكي عن الشعراني أنّ الشيخ أبا المواهب الشاذلي رأى النبيَّ صلّى الله عليه وآله فقال له النبي: إذا كان لك إلى الله تعالى حاجة، فانذُرْ لنفيسة الطاهرة ولو بدرهم، يقضي اللهُ تعالى حاجتك

رحيلها

لمّا تُوفّيت السيّدة نفيسة بمصر، أراد زوجها إسحاق المؤتمن ابن الإمام جعفر الصادق عليه السّلام نَقْلَها إلى المدينة ودفنها في البقيع، فسأله أهلُ مصر أن يتركها عندهم للتبرّك بها، وبذلوا له مالاً كثيراً فلم يرضَ ذلك، فرأى النبيَّ صلّى الله عليه وآله فقال له: يا إسحاق، لا تُعارِضْ أهل مصر في نفيسة؛ فإنّ الرحمة تنزل عليهم ببركتها.

وفي ( إسعاف الراغبين ) روى الصبّان أنّها رضوان الله تعالى عليها كانت قد حفرَتْ قبرها بيدها، وصارت تنزل فيه وتصلّي، وقرأتْ فيه ستّة آلاف ختمة. وقال المقريزي في ( الخطط المقريزية 341:3 ): يُقال إنّها حفَرَت قبرها هذا وقرأت فيه تسعين ومائة ختمة.

وتُوفّيت السيّدة نفيسة رحمها الله بمصر، في شهر رمضان سنة 208 هجريّة، احتُضِرَت وهي صائمة، فألزموها الفطرَ فقالت: واعَجَباً! إنّي منذ ثلاثين سنةً أسأل اللهَ تعالى أن ألقاه وأنا صائمة، أُفطر الآن ؟! هذا لا يكون. ثمّ قرأت سورة « الأنعام ».. فلمّا وصلت إلى قوله تعالى: لَهُم دارُ السلامِ عندَ ربِّهم ماتت رحمها الله (3).


مرقدها الطاهر

وصف ابن بطّوطة قبر السيّدة نفيسة رضوان الله عليها بقوله: وهذه التربة أنيقة البناء مشرفة، عليها رباط مقصود.

وفي ( مساجد مصر 138:2 ) للدكتورة سعاد ماهر ما نصُّه: يُقال إنّ أوّل مَن بنى على قبرها هو عبيدُالله بن السريّ بن الحكم أمير مصر، وفي سنة 482 هجريّة أمر الحاكم الفاطمي المستنصر بالله بتجديد الضريح، كما أمر الحاكم الحافظ لدين الله سنة 532 هجرية بتجديد القبّة. وفي سنة 1173 هجريّة جدّد الضريحَ والمسجد الأميرُ عبدالرحمان كَتْخُدا.

وجاء في ( مراقد المعارف 254:2 ) لحرز الدين ما نصُّه: مرقدها في مصر فوق القاهرة بالقرافة عند المشاهد، وكان الموضع يُعرَف قديماً بدرب السِّباع، فخُرِّب الدرب ولم يبقَ هناك سوى المشهد، وأوّل مَن بنى على قبرها قبّةً هو عبيدُالله بن السري بن الحكم أمير مصر مِن قِبل الحاكم العباسي، وقد كتبَ على رخامةٍ بباب ضريحها ما نصُّه:

بسم الله الرحمن الرحيم، نصرٌ مِن اللهِ وفتحٌ قريب، لعبدِالله وليِّه محمّدِ بن نجيم المستنصر بالله.. أمر بعمارة هذا الباب السيّد الأجلّ أميرُ الجيوش سيف الإسلام، ناصر الأنام، كافل قضاء المسلمين، وهادي دعاة المسلمين، عَضَدَ اللهُ به الدين، وأمتع اللهُ بقاء أمير المؤمنين،… في شهر ربيع الآخِر سنة اثنتين وثمانين وأربعمائة ( 482 هـ )،