تتخوف منظمات حقوقية تراقب انتهاكات حقوق الإنسان في إيران، من مخاطر تهدد حياة وسلامة النشطاء الإيرانيين البارزين الذين قُبض عليهم خلال حملة قمع الاحتجاجات التي أشعلتها وفاة مهسا أميني.
وظهرت صور مروّعة، الخميس، لاعتقال الناشط في مجال حرية التعبير حسين رونقي، الذي استُعمل معه أسلوب المسكة الخانقة عبر الضغط على عنقه قبل اقتياده بعيداً عندما عرَّف عن نفسه في مكتب النيابة.
منذ اعتقاله في 24 سبتمبر (أيلول)، احتُجز في سجن «إيفين» في طهران، بينما تقول عائلته إنه يواجه خطر الموت لإصابته بمرض كلوي، كما أن ساقيه تعرضتا للكسر.
رونقي واحد من كثير من الناشطين في مجال حقوق الإنسان والصحافيين والمحامين البارزين الذين اعتُقلوا ويخشى أنصارهم ألا يخرجوا على قيد الحياة من المنشأة سيئة السمعة، حيث يُحتجز معظم المعتقلين السياسيين.
وأودى حريق اندلع في «إيفين»، نهاية الأسبوع الماضي، بحياة ثمانية سجناء، وفقاً للرواية الرسمية. وأثار هذا الحريق المزيد من المخاوف بشأن رعاية السجناء.
* «بالكاد أمكنه الكلام»
وتقول منظمات إنسانية إن النشطاء الإيرانيين الذين قُبض عليهم خلال حملة قمع الاحتجاجات الحالية معرضون لخطر التعذيب أو حتى الموت خلف القضبان.
يقول محمود أميري مقدم، مدير منظمة حقوق الإنسان في إيران التي تتخذ من أوسلو مقرّاً، إن «المعتقلين الذين هم ممن اختفوا قسراً في كثير من الأحيان معرّضون لخطر التعذيب والموت، والتحرّك العاجل من قبل المجتمع الدولي أمر حاسم في هذه المرحلة».
وقالت منظمة حقوق الإنسان في إيران إنّ الآلاف اعتُقلوا في مختلف أنحاء البلاد خلال حملة القمع، بما في ذلك 36 صحافياً و170 طالباً و14 محامياً، وأكثر من 580 ناشطاً مدنياً، بمن في ذلك مسؤولون في نقابات العمال ونقابات المعلمين.
أكدت رؤيا بورومند، مديرة مركز عبد الرحمن بورومند الذي يتخذ من واشنطن مقرّاً له، أن الوضع تفاقم بسبب العدد الهائل من السجناء الجدد الذي يتمّ نقلهم إلى السجون، بما في ذلك سجن «إوين» وسجن «طهران الكبرى»، المعروف أيضاً باسم «فشافويه». وقالت لوكالة الصحافة الفرنسية: «نحن قلقون للغاية بشأن معاملة المعتقلين». وأضافت أن الاكتظاظ يعني أن «ما من خيار سوى الجلوس أو النوم بالتناوب»، بما في ذلك في صالات الألعاب الرياضية في السجون.
وبحسب وكالة الصحافة الفرنسية، يعتقد محللون أن الاعتقالات الجماعية هي استراتيجية رئيسية في عهد المرشد علي خامنئي، في إطار السعي لمكافحة موجة الاحتجاجات على مستوى البلاد، التي تمثّل أحد أكبر التحدّيات للنظام منذ ثورة عام 1979.
كان رونقي، وهو أحد الكتّاب في صحيفة «وول ستريت جورنال» منذ سنوات، من أكثر منتقدي النظام الإيراني شجاعة الباقين في البلاد.
قامت القوات الأمنية بمحاولة أولى لاعتقاله في 22 سبتمبر، بينما كان يجري مقابلة مباشرة مع قناة «إيران إنترناشيونال»، ولكنه تمكّن من الهرب من شقّته، على حدّ قوله في ذلك الوقت. وخرج من مخبئه بعد يومين من ذلك، ولكنه اعتقل فوراً مع محاميه.
وكتب شقيقه حسن على موقع «تويتر»، أنه بعد الحريق الذي اندلع في السجن، «أجرى (روناغي) مكالمة قصيرة مع والدتي ولكن لم يكن بإمكانه سوى نطق بضع كلمات وبالكاد أمكنه الكلام»، بسبب حالته الصحية المتردّية. وقال حسن في آخر تغريدة له، الأربعاء: «حياة حسين في خطر».
بعد حريق سجن «إيفين»، طالبت منظمة العفو الدولية بدخول مراقبين مستقلّين «لحماية السجناء من مزيد من عمليات القتل غير القانوني والتعذيب، وغيرها من المعاملات السيئة».
* «ضرب مبرح»
الناشط مجيد توكلي، الذي سُجن مراراً في إيران في السنوات الأخيرة، بما في ذلك بعد انتخابات عام 2009 المتنازع عليها، لا يزال في السجن منذ اعتقاله في 23 سبتمبر.
وتقول عائلته إنه لم تردها أية أخبار عنه منذ الحريق. وغرّدت زوجته عبر «تويتر»: «لماذا لا يمكن أن يكون الشخص حرّاً وأداته الوحيدة هي دماغه؟ هل التفكير جريمة؟».
أما آرش صادقي، الذي أُطلق سراحه في مايو (أيار) الماضي بعد قضاء عدة سنوات في السجن، فأعيد إلى سجن «إيفين» في 12 أكتوبر (تشرين الأول)، رغم معاناته من نوع نادر من سرطان العظام.
وغرّد والده ناشراً صورة لمجموعة من الأدوية التي يحتاج إليها. وكتب: «يمكنكم سجن جسده ولكن روحه دائماً مع الشعب والسجناء الذين لا يعرفهم».
في هذه الأثناء، أعربت منظمة حقوق الإنسان في إيران عن القلق من أنّ العديد من الناشطين لا يزالون معزولين وراء القضبان، بما في ذلك الصحافية والناشطة غولرخ إيرايي والمدوّن التكنولوجي المعروف أمير عماد ميرميراني المعروف باسم «جادي».
وقالت المنظمة الحقوقية إن بعض المعتقلين أدلوا «باعترافات متلفزة يدينون فيها أنفسهم تحت الإكراه والتعذيب»، كما تعرّضوا للإهانات اللفظية أثناء الاحتجاز.
وقالت برومند إن السجناء «شهدوا بأنهم تعرّضوا للضرب المبرح والتعذيب أثناء الاستجواب، كما حُرموا من الطعام ومياه الشرب النظيفة».
وأضافت: «تُرك المعتقلون وقد أصيبوا بطلقات نارية وأطراف مكسورة... دون رعاية طبية».