TODAY - December 04, 2010
حلت في الترتيب السادس عشر بين محافظات البلاد
الموصل تتراجع في السلم العلمي.. وتدريسيون يؤكدون: التجنيد الإلزامي سيدفع الطلبة الى الاجتهاد
الموصل - جرجيس توما
حمل الموسم الدراسي المنصرم، صدمة كبيرة لأولياء الأمور في نينوى، بعد أن حلت مديرية تربية المدينة، في المرتبة السادسة عشرة بين نظيراتها في العراق، لينكشف واقع جديد، يشير بوضوح وبحسب مراقبين، الى تراجع كبيرعلى مستوى التعليم في محافظة نينوى، وهي التي عرفت منذ عقود، بتفوق أبنائها، ومثابرتهم المستمرة للوصول إلى اعلى المراتب العلمية على مستوى البلاد.
الحكومة المحلية في نينوى، وبعد فترة وجيزة من تشكلها منتصف 2008، اقالت مديرة تربية نينوى السابقة، بسبب تراجع نسب النجاح في مختلف المدارس، لكن لا شيء تغير بعد موسم دراسي آخر، وصف بانه الاسوأ في تاريخ تربية نينوى.
البعض يصر على ان الوضع الامني هو السبب الرئيسي لهذا التراجع، وآخرون يرجعونه الى ضعف في الكوادر التعليمية، وعدم كفاءة ادارة التربية نفسها.
تدريسيون في نينوى ابلغوا "العالم" ان "الحل الوحيد" لمواجهة التراجع في مستوى التعليم، هو فرض قانون للتجنيد العسكري، يشمل من لا ينجح في اكمال الدراسة، وتحديد سنوات محددة للرسوب كشرط لذلك.
ويقول احدهم مفضلا عدم الكشف عن اسمه، "سيكون هناك رادع قوي، وترتفع نسب النجاح بشكل آلي"، مؤكدا ان "الحل ليس في منح الراسبين ثلاث او اربع فرص في امتحانات دور ثالث وسواها". وزاد "يشاركني كثيرون في أن انتفاء حوافز النجاح الدراسي، لابد ان يتم تعويضه بعقوبات رادعة".
لكن مدير تربية نينوى إدريس الطحان نفى خلال مقابلة مع "العالم"، ان يكون هناك تراجع في المستوى العلمي في محافظة نينوى. وقال الطحان ان "المستويات العلمية في جميع المحافظات كانت متدنية، وان أعلى نسبة في المحافظات كانت (34%) وثلاث محافظات سجلت (30 - 34%) وباقي المحافظات تراوحت النسب فيها بين (15% - 20%)، مشيرا الى ان "نسبة النجاح في محافظة نينوى كانت 24% ، ونحن لا نسمي ذلك تراجعاً، لأن انخفاض نسب النجاح شمل جميع المحافظات بشكل عام".
الطحان أكد ان مديريته وضعت خططاً استراتيجية، لتحقيق نسب نجاح اعلى خلال العام الحالي، وقد تم توزيع جميع الكتب والقرطاسية على عموم مدارس المحافظة.
تأخر تسليم الكتب المنهجية إلى طلاب المدارس، خصوصاً المنتهية بفرعيها الادبي والعلمي، هي من الأسباب التي قيل انها ادت الى تراجع نسب النجاح في الموسم الفائت، اضافة الى قلة الكوادر التدريسية، وقلة الابنية المدرسية.
نحتاج 1208 مدرسة
"لكن مشكلة الأبنية المدرسية ما زالت قائمة الى هذه اللحظة، ونحن في حالة فك الازدواجية في الدوام الثنائي والثلاثي نحتاج الى اكثر من (1208) بناية مدرسة جديدة، هذا في حال كان هناك اكتظاظ في الصفوف، لكن اذا جعلنا في كل صف عدد طبيعي من الطلاب، فمن المؤكد ان محافظة نينوى ستحتاج وقتها الى (4000) الاف مدرسة جديدة"، هذا ما يقوله الطحان، ويضيف "هناك خطط موضوعة ومدروسة لذلك، غير ان مشكلة كبيرة تواجه تحقيقها، وهي ازمة في مساحات الاراضي المطلوبة، اضافة الى المعوقات مع بلدية الموصل وعقارات الدولة والاستثمار".
ويوضح "أما بالنسبة للمدارس التي هي قيد الانجاز حالياً، وبسبب وجود تلكؤ من قبل المقاولين في التنفيذ خلال المدد المحددة، فقد تم وضع ضوابط جديدة من قبل محافظة نينوى، والمدارس التي وصلت نسبة البناء فيها الى 65% تصرف لمقاوليها مبالغها من اجل الاسراع في الانجاز"
الطحان، تحدث عن مشكلة أخرى تواجه تربية نينوى، وهي عدم وجود تعيينات جديدة. وقال "هذا يؤثر علينا، حيث توجد شواغر في مدارس مختلف مناطق نينوى، وخصوصا في اقضية سنجار والبعاج والحضر وتوابعها، وبعض مدارسها تعاني من شواغر مستعصية، لعدم وجود معلمين او مدرسين من اهالي تلك المناطق، ويصعب سد النقص من مناطق أخرى بسبب الظروف المعروفة". واضاف "نأمل من خلال الدرجات التعويضية التي حددتها وزارة التربية محل المتقاعدين والمتوفين والمستقيلين، ومن المؤكد اننا سنتوجه نحو منح الأفضلية في التعيين لأبناء الاقضية الثلاثة المذكورة، وهو الحل الوحيد لسد النقص في كوادر مدارسها". وتابع "في حال لم يكن عدد المتقدمين كافياً سيفتح باب التقديم حسب الاختصاصات المطلوبة، ومن يحصل على الوظيفة، سيتوجب عليه التعهد خطياً في الشعبة القانونية لتربية نينوى، على البقاء في المنطقة لمدة خمس سنوات، قبل ان يتمكن الى الانتقال الى مكان آخر".
عزل الاناث عن الذكور
مدير التربية اشار الى تعليمات وردت من وزارة التربية لعزل الذكور عن الاناث، في مراحل الابتدائية والمتوسطة والإعدادية، وقد تم التوجيه بان تكون هناك ادارتان في كل مدرسة منشطرة، واحدة للبنين واخرى للبنات، في حال كان عدد الطلاب كبيراً، وذلك من اجل السيطرة ومسك زمام الامور في المدارس، وامتصاص الفيض الحاصل في مناطق معينة.
واضاف "تم اخذ المدارس الكبيرة ذات الاعداد الهائلة في الطلاب، وبالأصل هي منشطرة، فأتينا ببنات لقسم البنات، ومدراء لقسم البنين". واوضح "كانت هناك ادارة واحدة، اصبحت الان ادارتين، والاستثناء ان الصف الاول فقط يبقى مختلطاً على حاله، والمدارس ذات الاعداد القليلة والتي تحتوي على 500 طالب فقط، بقت على حالها مختلطة بسبب وجود عجز في الابنية، كمدرسة (أبي تمام)، والاستثناء الاخر هو في حال وجد ان طالباً ما يعاني من عوق كامل او عجز صحي، فمن باب العطف نبقيه في الاختلاط".
وأقر مدير التربية أن اعتراضات واجهت هذا الاجراء. وقال "فعلنا هذا للمصلحة العامة، حيث لا يمكن ان نفضل مصلحة بضعة إناس على الغالبية المقدرة بالالاف، وهو اولاً واخيرا قرار وزاري، ونحن واجبنا ان نقوم بتنفيذه".
وفي نينوى كما الحال في معظم المحافظات الاخرى، انتشرت ظاهرة التعليم الاهلي، وفي مختلف المراحل الدراسية، هناك من يقول ان ذلك جاء نتيجة ضعف التربية، وعجزها عن تقديم واجباتها على النحو المرجو. مدير تربية نينوى وصف ذلك بـ "الظاهرة الحضارية"، مشيرا الى ان "المدارس الاهلية موجودة في كل مدن العالم، وهي خطوة جبارة لدفع العملية التربوية الى الامام، وتربية نينوى متعاونة مع هذه المدارس لأن مرجعها هو تربية نينوى، لكن لا نستطيع ان نزودهم بالكوادر التعليمية، من معلمين او مدرسين بسبب تعارض في الدوام، ما فعلناه اننا وجهناهم بضرورة الاستعانة بالمتقاعدين لانهم اكفاء جدا وخبراء في هذا المجال، وكذلك الاستعانة بالمعلمين الذين لم يتعينوا حتى الان".
العالم