TODAY - December 04, 2010
اختصاصيون محليون عدوه نتيجة طبيعية للرخاء المادي وأكدوا :مستشفياتنا ليست أقل شأناً..
العراقيون يفضلون العلاج في مستشفيات الهند رغم تعرض بعضهم للاحتيال والسرقة
البصرة - أصوات العراق
ما إن أبلغوه بقدومنا حتى قام مرحبا والابتسامة تعلو وجهه "أتصدقون..ذهبت إلى الهند وتحققت أمنياتي في الوصول إلى هناك، لكن لا لأسمع الموسيقى والأغاني الهندية التي شغفت بهما، بل للعلاج فقد سافرت محمولا على نقالة لأحد مستشفيات نيودلهي".
الملحن يوسف نصار المعروف بـ "أبو سرور" من أبرز ملحني الأغاني الشعبية بالبصرة والعراق، وأشهر ألحانه الأغنية التي لما تزل رائجة منذ الثمانينيات حتى الآن، واصل حديثه والابتسامة لم تفارقه "اقتربت من النهاية، فأنت تعرف مستوى طب القلب عندنا، ولكن بعد سلسلة من الاحباطات والمرور بكثير من الأطباء دون جدوى، تدبرت أموري، واتصلت بأحد المستشفيات الهندية، بعد أن سمعت عن التطور التقني للمستشفيات الخاصة عندهم".
ظاهرة السفر للهند لغرض العلاج التي بدأت بالاتساع مؤخرا، مقارنة بالحال قبل سنوات قليلة حيث كان يندر ان تسمع بعراقي يطلب العلاج هناك، جاءت بعد انفتاح البلاد على العالم سياسيا واقتصاديا وعلميا، وهو يأتي في مواجهة العلاج في الدول العربية المجاورة وخاصة سوريا والأردن، والتي تستقطب آلاف العراقيين سنويا.
يقول مدير صحة البصرة رياض عبد الأمير "من خلال الكلام المتواتر فان الطب متقدم في الهند، لكن في المستشفيات الخاصة حصرا وليس على وجه العموم، وأعتقد أن مستشفياتنا العامة أفضل بكثير من مستشفيات الهند العامة"، مضيفا "هناك قانون في وزارة الصحة بإرسال الحالات المستعصية أو التي ليس لها علاج داخل البلد الى الخارج حسب استشارة طبية، وحسب قرار اللجنة المشكلة في بغداد".
لكن أبا سرور، يقول "لم يكن لدي وقت كاف لأنتظر اللجان، فقد بدأ قلبي يرسل إشارات الخطر، وكان يجب علي أن أسرع حسب رأي عدة أطباء، لذا ذهبت إلى بغداد بعد أن أعلن أحد مسؤولي محافظة بغداد تكفله بعلاجي وعرض ذلك على سبتايتل قناة العراقية لكنه لم يف بوعده، واعتبرت ذلك تكسبا سياسيا على حساب فنان عراقي وشيك على الموت". واضاف "أجريت اتصالات بصاحب مكتب في البصرة القديمة يعمل بالتنسيق مع المستشفيات الهندية، وأنجز اتصالاته سريعا وذهبت الى هناك بعد يومين من استخراجه الفيزا، وسارت الأمور بشكل جيد والحمد لله"، يبين ابو سرور، الذي بدا سعيدا بزيارته للهند. وقد ازداد عدد الذين يتوجهون للعلاج في الهند في السنوات الأخيرة بسبب تقدم الطب هناك والأسعار المناسبة مقارنة بما موجود في أوروبا او حتى عدد من الدول العربية.
بدوره يقول يوسف وصفي، صاحب مكتب تنسيق مع مستشفيات الهند "أعمل منذ ثلاث سنوات في هذا المجال، والأمر كله حدث بعد أن ذهبت مرافقا لوالدي للعلاج في أحد مستشفيات ابولو في مدراس، إذ أبدلوا له مفصل الركبة وبقيت فترة طويلة هناك، اتفقت بعدها مع أحد المكاتب في الهند، بأن أنسق معهم لإرسال مرضى من البصرة إلى الهند". ويضيف "أرسل كل ما يتعلق بالمريض من تقارير، لكي يعرضها المكتب على المستشفى والأطباء الاختصاص، ومن ثم يحدد المكتب كلفة العلاج أو العملية، وكل الأمور الأخرى من ترجمة ونقل من والى المطار، ومن ثم استخرج فيزا للمريض ومرافقه واستوفي أجوري من المكتب المقابل". ويشير وصفي إلى أنه "يرسل ثلاثة مرضى شهريا كمعدل للعلاج في الهند".
ويعلق مدير صحة البصرة، على التوجه للعلاج في الهند، انه "بعد تحسن الوضع المعيشي والازدهار المادي والسياسي، فكر بعض الناس بالتوجه للعلاج في الخارج، خصوصا أصحاب الأمراض التي لا تتوفر لها علاجات هنا، كعمليات فتح القلب والأورام"، مستدركا "لا بأس بسفر البعض الذي يجد حاجة حقيقية ومبنية على نصيحة طبيب اختصاص، ولكن البعض يقلد الآخرين، والكثير منهم لم يوفقوا في العلاج هناك".
وفي معرض إجابته عن طبيعة العملية، قال الملحن أبو سرور "فتحوا لي فتحة صغيرة بالصدر، وزرعوا لي شريانا بالقرب من القلب، وشفيت بعد نحو أسبوع وزالت مخاوفي، أو قل عدت للحياة، بعد يأس"، مضيفا "لم يستغرق الأمر أكثر من 12 يوما، سافرت عن طريق دبي ورجعت على ذات الطريق، وكلفتني العملية والسفر نحو 7000 دولار".
وفيما إذا تعرض لمشاكل في السفر في طريقه للعلاج في الهند قال "لم أواجه مشاكل كبيرة على الرغم من وضعي الذي تعرفه، فقد ذهب معي أخي مرافقا، واستقبلنا ممثلون عن المستشفى في المطار وودعونا في المطار، وكان معنا مترجم طوال الوقت".
إلا ان المريض ، الذي سافر إلى بومباي لإجراء عملية في العمود الفقري، خالف ابا سرور بالقول "تعرضت للكثير من المشاكل في بومباي، أولها أن المكتب الذي يقوم بترتيب بعض الأمور الإدارية تقاضى مبلغا كبيرا، أي بقدر مبلغ العملية على الرغم من أن المكتب لم يقم بتوفير الكثير من الأمور ومنها المترجم".
وأضاف "كما واجهت صعوبة بالغة في قضية الأكل، إذ طوال رقادي في المستشفى لم أتناول سوى البسكويت، بسبب سوء الأكل، أو الأصناف الغريبة التي لم نعتد على تناولها، كما تعرضت لسرقة من قبل مرافقي الهندي الذي سرق مني 200 دولار أثناء وجودي في العملية".
وحاول مسؤول شؤون الأجانب في مستشفى ماكس في العاصمة نيودلهي أيمن عبد الرحمن، نقل صورة أخرى عن الطب في الهند والرعاية التي توفر في مستشفياتها، قائلا بلهجة عربية صافية لا تشوبها أي لكنة هندية "نستقبل المرضى العراقيين منذ سنتين رغم أن مستشفانا أسس قبل 14 سنة، وعدد ما نستقبله شهريا نحو 450 مريضا من العراق وأوربا ودول الخليج". وأضاف "مستوى خدماتنا الطبية من أفضل الأنواع، ونحن نجنب زبائننا أي فرصة للاستغلال، إذ نوفر كل الخدمات الإدارية، من استقبال المريض في المطار حتى عودته إليه، كما نوفر له المترجم والسكن إذا كان في فترة نقاهة".
ولفت عبدالرحمن إلى أن "هناك تعاونا بين المستشفى وحكومة الديوانية، وان وفدا من المستشفى سيسافر إلى هناك لأن أحد المستشفيات في الديوانية بحاجة إلى كادر طبي من المخدرين والجراحين والعمود الفقري".
وكان العراقيون المصابون بمشاكل صحية تتطلب علاجا غير متوفر داخل البلاد او عمليات دقيقة قد اعتادوا السفر الى سوريا والاردن ولبنان وتركيا طلبا للعلاج في مستشفياتها التخصصية بعد تراجع اعداد الأطباء العراقيين الاختصاصيين عقب سنوات العنف بين 2004 و2008.
وقال رياض محمد العراقي الجنسية والذي يعمل في مستشفى ماكس مسؤولا لشؤون العراقيين "أنا اعمل في هذا المستشفى لترتيب شؤون المرضى العراقيين وكل ما يتعلق بسلامتهم وراحتهم". وذكر أن هناك "مشاكل صغيرة تحدث من قبل بعض الطلبة العراقيين هنا، إذ يتدخلون بشؤون المرضى بغية الابتزاز ، لان بعض المرضى يشعرون بالتوجس والريبة، ويعتقدون أن هؤلاء أقرب لهم"، مبينا "لكن مستشفانا يرفض أي تدخل أو ترجمة من خارج المستشفى". ورأى أن الطب الهندي "لا يستهان به وهو في مستوى جيد، فضلا عن الأجهزة الطبية ذات التطور التقني العالي".