لنفترق الآن
ما دام في مقلتينا بريق
وما دام في قعر كأسي وكأسك بعض الرحيق
فعمّا قليل يطلّ الصباح
ويخبو القمر ونلمح في الضوء
ما رسمته أكفّ الضجر
على جبهتينا
وفي شفتينا
وندرك أن الشعور الرقيق
مضى ساخراً وطواه القدر
لنفترق الآن،
ما زال في شفتينا نغم تكّبر
أن يكشف السر
فاختار صمت العدم
وما زال في قطرات الندى
شفة تتغنّى وما زال وجهك
مثل الظلام له ألف معنى
كسته الظلال جمال المحال
وقد يعتريه جمود الصّنم
إذا رفع الليل كفيّه عنّا لنفترق
الآن، أسمع صوتا
وراء النخيل رهيبا أجشّ الرنين يذكّرني بالرحيل
وأشعر كفّيك ترتعشان
كأنّك تخفي شعورك
مثلي وتحبس صرخة حزن وخوف لم الارتجاف؟
وفيم نخاف؟
ألسنا سندرك عمّا قليل
بأن الغرام غمامة صيف
لنفترق الآن،
كالغرباء،
وننسى الشّعور
وفي الغد
يشرق دهر جديد
وتمضي عصور وفيم التذكّر؟
هل كان غير رؤى عابرة؟
أطافت هنا برفيقين
في ساعة غابرة؟
وغير مساء طواه الفناء
وأبقى صداه وبعض سطور
من الشعر في شفتي شاعره؟ لنفترق الآن،
أشعر بالبرد والخوف،
دعنا نغادر هذا المكان
ونرجع من حيث جئنا غريبين نسحب عبء ادّكاراتنا الباهتة وحيدين نحمل أصداء قصتنا المائتة لبعض القبور
وراء العصور
هنالك لا يعرف الدهر عنّا
سوى لون أعيننا الصامتة