ما سر المقعد الأوسط في الصف الأخير على متن الطائرة ؟
المصدر: البيان
يهتم المسافرون باختيار مقاعدهم على الطائرة، فبعضهم يحب أن يجلس بجوار النافذة، وآخرون يفضلون قرب الحمام، لكن قليلاً من الركاب من يفضلون المقاعد الأخيرة.
وبحسب اندبندنت عربية فإنه لا بد من الإشارة قبل الخوض في حالات الطوارئ التي قد تصيب رحلات الطائرات المدنية بأن السفر الجوي هو وسيلة النقل الأكثر أماناً من بين وسائل النقل الأخرى سواء كانت بالسيارة أو الباصات أو القطارات أو السفن. على سبيل المثال، في عام 2019 نجحت 70 مليون رحلة جوية حول العالم لكنها انتهت بخسائر قدرت بـ287 حالة وفاة، وهذا العدد من المتوفين إذا ما قورن بعدد قتلى حوادث السيارات فإنه سيبدو ضئيلاً جداً. ووفقاً لتحليل مجلس السلامة الوطني الأمريكي فإن احتمالات الوفاة على متن طائرة تبلغ نحو شخص واحد من كل 200 ألف راكب، بينما ترتفع النسبة في حوادث السيارات إلى واحد في المئة. ولا تأخذ حوادث السيارات الاهتمام الذي تستحقه من جهة عدد القتلى، بينما تتحول حادثة تحطم طائرة إلى خبر رئيس في وسائل الإعلام العالمية.
وقد يكون سبب هذا الاهتمام نابعاً من الخوف المسبق من ركوب الطائرة، إذ يفترض الراكب سلفاً أن هذه الآلة التي ترتفع عشرات الأميال عن سطح الأرض وتطير بسرعة عالية في ظروف جوية قاسية قد يؤدي سقوط برغي واحد في جناحها أو في محركها إلى سقوطها، مما يجعل الموت في السماء أكثر رهبة من الموت على الأرض. وفي إحصاءات مجلس السلامة الوطني الأمريكي فإن احتمالات الوفاة عام 2020 في الولايات المتحدة بسبب الغرق هي واحد من 1024، والاختناق بالطعام واحد من 2745.
المقعد الأوسط في الصف الأخير
في حادثة تحطم طائرة "يونايتد" الرحلة 232 عام 1989 في مدينة سيوكس بولاية أيوا، نجا 184 راكباً من أصل 269 كانوا على متنها. وكان معظم الناجين يجلسون خلف الدرجة الأولى باتجاه مقدم الطائرة. إلا أن هذه الحادثة لم تجعل من هذه المقاعد الأكثر أماناً على الطائرات، فقد وجد تحقيق أجرته مجلة TIME في حوادث الطائرات التي وقعت على مدى 35 عاماً، أن المقاعد الخلفية الوسطى للطائرة سجلت أدنى معدلات وفيات بنسبة 28 في المئة، مقارنة بـ44 في المئة لمقاعد الممر الأوسط، لكن حتى هذه البيانات قد لا تصيب في حوادث طائرات أخرى، ففي المقاعد الوسطى لا يمكن الخروج من مخارج الطوارئ في حال اندلاع حريق لأن أجنحة الطائرة تخزن الوقود، لكن المقاعد الوسطى تعتبر أكثر أماناً من مقاعد النافذة أو الممر بسبب حاجز الدفاع الذي يوفره جلوس الركاب على كلا الجانبين.
يرى رئيس قسم الطيران بجامعة CQUniversity في أستراليا البروفيسور دوغ دروري أن فرص الاصطدام ترتفع أثناء الإقلاع والهبوط، لأن الطيارين يكونون أقرب إلى الأرض ولديهم وقت قصير وقد لا يكون كافياً لدرء الأخطار المفاجئة أثناء الإقلاع والهبوط. وكان أسوأ حادثة تحطم في التاريخ وقعت على مدرج المطار في إسبانيا عام 1977، حين اصطدمت طائرتان بينما كانت إحداهما تتحضر للإقلاع والطائرة الثانية تتراجع على المدرج نفسه فأدى اصطدامهما إلى مقتل 583 شخصاً.
ويشدد البروفيسور دروري على أنه لا يوجد حادثة تحطم طائرتين متماثلتين على الإطلاق. ويرى أن المقعد الأوسط في الصف الأخير من الناحية الإحصائية هو الأكثر أماناً لأنه يوجد حاجز خلف الراكب مباشرة، ويوجد ركاب على جانبيه وأمامه يخففون من شدة الصدمة على راكب هذا المقعد الذي لا يختاره أي راكب في العادة بمحض إرادته، لأن معظم الركاب يجهلون هذه المعلومة.
وحول سؤال يطرحه جميع الركاب عن مدى تأثير الهاتف والآلات الإلكترونية على أجهزة الطائرة يقول دروري إنه في البداية أظهرت الأبحاث أن الأجهزة الإلكترونية الخاصة بالركاب مثل أجهزة الكمبيوتر والهواتف المحمولة يمكن أن تسبب في بعض التداخل الكهرومغناطيسي مع أنظمة الملاحة في الطائرات، ولهذا السبب تم حظرها على الرحلات الجوية، ومع تقدم التكنولوجيا وبدء سلطات الطيران في تنفيذ لوائح جديدة وحماية الطائرات وإنشاء نطاقات ترددية مختلفة مخصصة لموظفي الطائرات لم يعد تداخل الترددات مصدر إزعاج للطيارين.
وما الذي قد يحدث للطائرة إذا تعرضت لصاعقة، يقول دروري "لقد صدمني البرق ثلاث مرات في مسيرتي المهنية، لكن قطع من الأسلاك على حافة الأجنحة تتخلص من كل الكهرباء التي يمتصها الجناح وسرعان ما تشتتها مرة أخرى في الغلاف الجوي".
وهناك أنواع أخرى من الحوادث التي قد تطاول الطائرات بشكل غير متوقع مثل اصطدامات الطيور أثناء الهبوط والإقلاع بالزجاج الأمامي أو امتصاصها داخل المحرك، وهذه الحوادث تسمى "ضربات الحياة البرية"، وقد دمرت ما يقارب 300 طائرة وقتلت أكثر من 300 شخص في الفترة من 1988 إلى 2021، في جميع أنحاء العالم، وفقاً لإدارة الطيران الفيدرالية الأميركية.
وفي واحدة من أكثر أعطال الطائرات شهرة في التاريخ، التي يطلق عليها اسم "معجزة هدسون" ووقعت في نيويورك عام 2009 تسببت الطيور في تعطل كلا محركي الطائرة فنفذ الطياران هبوطاً اضطرارياً على سطح نهر هدسون، وقد لقيت عملية الهبوط الغريبة هذه اهتمام المتابعين حول العالم وحولت الطيارين إلى بطلين ونجمين عالميين.