العواقب السلبية للتدليل على نمو الطفل وعلاقاته
الطفل المدلل يفتقد الشعور بالأمن والأمان بعيداً عن والديه
الاعتناء بالطفل شيء جميل وضروري لاستكمال نموه الطبيعي، كما أن الاهتمام بتربيته وتوجيه سلوكه يعد من أكثر المهام متعة وصعوبة على الإطلاق، ولكن ما نلاحظه أن كثيراً من الآباء يخلطون بين الاهتمام بالطفل بشكل منضبط سوي، وبين المبالغة لدرجة الإفراط في تدليله، بالحب والاهتمام الزائد مرة، و تقديم الهدايا الكثيرة أحياناً كثيرة، والموافقة على أخطائهم، ولا مبالاة من عدم انضباطهم في مرات كثيرة.
وتربوياً، إذا زاد الاهتمام بالطفل عن الحد، أو جاء في وقت غير مناسب، شاهدنا العواقب السلبية للتدليل على الطفل، وأحسسنا بتأثيره على نموه وعلاقاته.
وفي هذا التقرير، يحفز أساتذة التربية الآباء بأن يسعوا لتوفير حياة طيبة لأطفالهم قدر استطاعتهم، لكن دون الميل إلى تجاوز الخط الرفيع بين تلبية هذه الاحتياجات وبين الانغماس في رغباتهم، حتى لا تصبح النتيجة في النهاية أطفالاً مدللين يتلوها عواقب سلبية.
اللقاء وخبيرة التربية وطب نفس الطفل الدكتورة يسرية السيد خليفة للشرح والتوضيح.
صفات وملامح الطفل المدلل
حب الطفل وتقديم السعادة له، لا تكون بالتدليل الزائد
- أن نحب أطفالنا ونريدهم أن يكونوا سعداء، لا يعني أن نحقق لهم جميع رغباتهم، فهذا النوع من الحب لا يبني شخصية سوية، بل يضعف إحساس الطفل بالأمن والطمأنينة بعيداً عن والديه.
- المدلل طفل لا يفكر إلا بنفسه، طفل اتكالي أناني، وقد يتجه إلى السرقة عندما لا تُحقق رغباته إذا كبر، بسبب ارتفاع ثمن ما يرغب فيه من أشياء، أو يكون من الصعب مادياً على الوالدين شراؤها.
- إنّ الأطفال دائماً ما يترجمون ردود فعل الوالدين إلى سلوكيّات تمكّنهم من تحقيق ما يريدون، ولذا من الخطأ الكبير أن يتعوّد الطفل على تلبية كل طلباته، والمفروض أن يسمع كلمة "لا" أحياناً.
التدليل سلوك فاسد
الخطوة الأولى في معالجة مشكلة الطفل المدلل، هو تفهم ما وراء الطفل المدلل، وإدراك أن الإفراط في تدليلهم بالممتلكات المادية، أو الاهتمام المفرط أو الاستسلام الدائم لمطالبهم، يمكن أن يؤدي إلى إفسادهم.
عندما يحصل الأطفال باستمرار على ما يريدون دون فهم لمعني الحدود، فربما يتطور لديهم شعور بالاستحقاق، كما يمكن أن يخلق لديهم عدم انضباط النفس ولا مبالاة من احترام القواعد والحدود.
وبدون هذه الدروس، يمكن أن يصبح الأطفال متطلبين ومقاومين للسلطة، إضافة لما يتعرض له الأطفال على صفحات التواصل من سيل مستمر من الصور والقصص التي تعزز المادية والاستحقاق، ولا ننسى ضغط الأقران أيضاً في تشجيع الأطفال على البحث عن الإشباع الفوري لمتطلباتهم.
عواقب التدليل السلبية النفسية والسلوكية
الطفل المدلل لا يستطيع مواجهة مصاعب الحياة عند الكبر
التدليل يفسد أكثر ممّا يصلح:
تدليل الأطفال يقضي نهائياً على فرصة تكوُّن الإرادة فيهم، حيث يتعلق بوالديه لدرجة أنّه لا يستطيع أن يتخذ أبسط القرارات الخاصة به دون الرجوع إليهما.
كما أن الطفل يصبح فاقداً الثقة بالنفس، والنشأة السليمة تتطلب مبدأ: خير الأمور أوسطها، ولا يستطيع مواجهة متاعب ومصاعب الحياة؛ لأنه يفتقر إلى المهارات اللازمة للتغلب على المشكلات اليومية.
العاطفة الفيّاضة من الطفل لوالديه، تجعل الطفل عاجزاً عن الارتباط بأقرانه، حيث يشعر بتشبع شديد من عاطفة الأسرة، ما ينمي داخله الوحدة والانطواء.
الطفل المدلل طفل قلق بطبعه، يستعجل الأمور، ويحكم على المواقف بسرعة دون تفهم، وعلى مستوى شخصي وليس المستوى الموضوعي المطلوب، كما تسيطر على الطفل المدلل الأنانية وحب السيطرة على إخوته، بجانب العنف في تصرفاته معهم لإحساسه بالتميز عنهم.
نوبات الغضب وثورات الطفل المتكررة:
يُظهر الطفل المدلل الكثير من نوبات الغضب
يظهر الأطفال المدللون غالباً نوبات غضب وثورات متكررة عندما لا تلبى طلباتهم، ويمكن أن يصيح الأطفال غاضبين، ويلجأون إلى العناد وعدم التعاون أو الاستجابة.
وللسيطرة على تلك الحالات، يحتاج الآباء إلى فهم مشاعر الطفل، وتدريبه على التعبير عنها بطرق صحية، وتشجيعهم على استخدام الكلمات بدلا من الصراخ والغضب.
قلة الامتنان
كثرة الهدايا للطفل المدلل لا يقابلها أي مشاعر للامتنان
يمكن أن يأخذ الأطفال المدللون ما لديهم كأمر مسلم به، ولا يظهرون أي امتنان للجهود التي يبذلها آباؤهم أو الآخرون لإعالتهم، وأي مشاعر أو امتنان للمواد المقدمة.
كما ينصح الخبراء بضرورة التأكد من تشجيع الطفل على التعبير عن الامتنان من خلال تقليد الآباء، وأن يتم شرح أهمية تقدير ما لديهم والاعتراف بجهود الآخرين.
يمكن أيضاً محاولة تقليل تكرار الهدايا المادية وتشجيع التعبير بالحب والمودة، وأن يتعلم الطفل أن الحب والسعادة لا يعتمدان فقط على الممتلكات المادية.
تحديات في التواصل الاجتماعي
الطلاب المدللون يجدون صعوبة في التواصل
يواجه الأطفال المدللون في الكثير من الأحيان تحديات في تكوين الصداقات والحفاظ عليها ،لافتقارهم إلى الممارسة في المشاركة، ما يجعل من الصعب عليهم التواصل مع أقرانهم، بجانب الصعوبة في استيعاب مفهوم الأخذ والعطاء في العلاقات، ما يمكن أن يؤدي إلى صراعات ونقص منهم في التعاطف مع الآخرين.
الاستحقاق في جميع البيئات
يكون لدى بعض الأطفال المدللين شعور قوي بأنهم يستحقون معاملة خاصة، وقد يطلبون ذلك من الوالدين وغيرهم.
يؤكد الخبراء على أهمية تعليم الطفل أن يأخذ في الاعتبار مشاعر واحتياجات الآخرين.
يجب أيضاً أن يتم وضع حدود وتوقعات فيما يتعلق بما يحق للطفل الحصول عليه، و توضيح أن الامتيازات يتم الحصول عليها من خلال السلوك المسؤول، وليس من خلال عدم الاحترام ونوبات الغضب.
الهوس المادي بالتجارب الحقيقية
يركز الأطفال المدللون بشكل مفرط على الممتلكات المادية، ويقدرون الأشياء على التجارب أو العلاقات فمثلاً بالنسبة لهم، تعتبر ساعة غالية الثمن أكثر أهمية من رحلة عائلية أو مغامرة.
يحذر الخبراء من خطورة هذا السلوك وينصحون بضرورة التركيز على شرح أن التجارب والعلاقات أهم من الممتلكات المادية، كما يمكن تقليل التعرض لضغط الأقران من خلال وضع حدود لوقت الشاشة، خاصة وسائل التواصل الاجتماعي والإعلانات.
الافتقار إلى الاستقلالية
يواجه الأطفال المدللون صعوبة في اكتساب المهارات الحياتية الأساسية والاكتفاء الذاتي؛ لأنهم معتادون على أي كل شيء يقوم به الآباء من أجلهم.
لكن الخبراء يرون أنه لم يفت الأوان أبداً لتعيين المهام المناسبة لعمر الطفل، والتي تتطلب منه تحمل مسؤولية نفسه.
يمكن أن يشمل ذلك الأعمال المنزلية والنظافة الشخصية والواجبات المدرسية، ثم يتم منحه ببطء الحرية في اتخاذ الخيارات ضمن حدود معقولة، ما يساعده على تطوير الشعور بالاستقلال والمسؤولية.