الاستقلال العاطفي للمراهق
سيدتي الأم: قبل ان تشعري بالرفض والكره من جانب ابنك المراهق، عليك إدراك وتفهم أن هناك حداً فاصلاً بين الكره الذي تشعرينه والاستقلال العاطفي الذي يسعى إليه ابنك المراهق.
وتحليل ذلك أن المراهق يميل بشكل طبيعي إلى الانفصال عن والديه والسعي للاستقلال النفسي، فيما يجب على الأم؛ استيعابهم والتعامل معهم حتى لا يتحول الاستقلال العاطفي إلى كراهية.
والاستقلال العاطفي هو الانفصال النفسي والاجتماعي للمراهق عن والديه، وهو جزء من عملية إدراك الذات وتحديد متى وكيف سيكون فرداً بالغاً؟
في تلك المرحلة تلعب الهرمونات دوراً كبيراً في الحالة النفسية والمزاجية والعاطفية للمراهق، الذي يتمرد على التبعية، ويصبح الأصدقاء هم الأهم.
ويحاول أن يصبح شخصاً منفصلاً عن الأشخاص الذين سيطروا على كل جانب من جوانب حياته تقريباً حتى الآن، وتأتي الأم في المقدمة، وبالتالي، عندما يبدأ في الانفصال عنك يبدأ في انتقادك، وتحديد أي من سلوكياتك يعجبه وأي منها لا يحبه.
متغيرات المراهقة
كل شخص بالغ يمكنه إدراك أن المتغيرات التي تحدث في سنوات المراهقة واحدة، لكن تعامل كل أم هو الذي يحدد إذا كانت ستمر تلك المرحلة بطريقة أسهل وأسلم، أم ستزداد الأمور تعقيداً وتصل إلى حد كره الابن لأمه.

يمكن للمراهقين قول بعض الأشياء التي يصعب سماعها،عبارات يمكن أن تكون متطرفة، وغالباً ما تكون هناك بعض الحقيقة التي يمكن أن تجعلها أكثر إيلاماً.
في تلك المرحلة قد تميلين إلى الشعور بأنك الضحية وتنغمسين في أفكار، مثل "هل كنت حقاً بهذا السوء؟"، "ألا تستطيع أن تسامحني فقط؟"، "لماذا لا يفهم كل ما فعلته من أجله؟"، متناسية أن تلك المرحلة تتميز بالمبالغة العاطفية.
لا تلقي بالاً لما يقوله ابنك المراهق، لكن لا بد من التفكير فيه ومراجعة تصرفاتك.
يمكنك مساعدته من خلال التعاطف والاهتمام بنفسك وبه، وليس بإنكار مشاعره الطبيعية والغاضبة، وتوفير المساحة التي يحتاج إليها ليشعر بما يشعر به ويتغلب على مشاعره بقوة ومرونة.

لا تتخطي الحدود أو تفرطي في السيطرة

تمرد المراهق وردود أفعاله المبالغة تزيد من سيطرة الأم
قلق الأم على طفلها المراهق أمر طبيعي جداً بسبب طبيعة تلك المرحلة الصعبة، لكن القلق البالغ قد يجعلك تضعين مجموعة من القواعد غير واقعية، و التي تجعل طفلك يشعر بعدم الثقة أو التدخل الزائد في حياته الخاصة.
هذه القواعد تشعرك بالراحة أو الاطمئنان أكثر من جعل طفلك يشعر بأنه مستقل وحر، وغالباً ما يؤدي تمرد المراهق وردود فعله المبالغة إلى رغبتك في إحكام السيطرة خوفاً عليه.
بينما إعطاء ابنك المراهق بعض المساحة الخاصة به، وحرية التصرف لتجربة الخطأ والتعلم بنفسه، أفضل بكثير من المبالغة في محاولات السيطرة عليه، التي تأتي بنتائج عكسية تماماً.
قلق الأم على المراهق أمر طبيعي جداً، لكن القلق البالغ قد يجعلك تضعين قواعد غير واقعية.

ضعي قواعد الاحترام
في حين أنه من الطبيعي تماماً أن ينفصل ابنك المراهق عنك خلال فترة المراهقة، يجب ألا تتسامحي أبداً مع عدم الاحترام المستمر من قبله،
و يمكنك تذكيره بأنه يستطيع التعبير عن آرائه بنبرة عادية وبكلمات محترمة.
وعندما يكون كلاكما هادئاً، ذكريه بأنه إذا أراد أن يعامل كبالغ فإن عليه التواصل مثل الكبار، وأن هناك عواقب على التواصل معك بطريقة غير محترمة.

كوني موجودة عندما يحتاجك
لا يعني إعطاء مساحة لطفلك أن تبتعدي عنه وتتركي له زمام التصرف في كل شيء، لا يزال ابنك المراهق بحاجة إلى الكثير من التوجيه والدعم، ويجب أن يعلم دائماً أنك موجودة للتحدث معه ومساعدته.
في أوقات ما قد يرفض ابنك المراهق سماعك أو نصائحك بقوة، عليك موازنة الأمر والابتعاد دون غضب أو حزن، مع التأكيد عليه بطريقة هادئة أنك موجودة في أي وقت آخر يحتاجك فيه، وسيعود حتماً في المواقف الصعبة طالباً رأيك أو مساعدتك حتى لو على استحياء، بادري دائماً بهدوء إلى دعمه والوقوف بجانبه.

تأكدي من وجود دعم خارجي له

تأكدي من أن ابنك لديه شخص بالغ آخر مهتم وجدير بالثقة يمكنه اللجوء إليه، قد تتوقين إلى أن تكوني "الشخص" الذي يذهب إليه طفلك بسبب أي مشكلة وتعتبرين أن رفضه إهانة شخصية، لكن هذا لا يتعلق بك، إنها طبيعة المرحلة.
كل ما يهمك في المقام الأول مصلحته، وأن تتأكدي أن لدى ابنك شخصية داعمة أخرى في حياته، يمكنه الرجوع إليها، لأنه دائماً سيقاوم سلطة الأم والأب.
ومن الضروري أن يكون لديه شخص بالغ ذو ثقة يدعمه ويقدم له النصائح، مثل؛ العم أو الخالة أو المعلم ويطمئنك عليه.

كوني القدوة
ينعكس سلوك الوالدين على سلوك الأطفال بطريقة مباشرة وغير مباشرة أيضاً، إذا كنت قلقة من أن طفلك لن يتحمل المسؤولية أو يشغل وظيفة جيدة أو يتصرف بطريقة سليمة، فإن دورك الأساسي هو إظهار المسؤولية في أفعالك، والتصرف بطرق سليمة، وتقديم نفسك كقدوة جيدة له.
حتى في أوقات الرفض والغضب التي تسيطر عليه تجاهك، يمكنك أن تكوني لطيفة وصبورة وحاضرة دائماً، قد يجعله ذلك يراجع تصرفاته وينعكس سلوكك عليه وتتحول العلاقة إلى أكثر صحة ونضجاً بمرور الوقت.