ولد وليم كاكستون، أول العاملين فى الطباعة من الإنجليز، عام 1422 فى " كنت "، ولا يعرف شئ عن طفولته، ولكننا نعرف أن عام 1438 تتلمذ " روبرت برادجز " الرجل الذى صار عمدة لمدينة لندن فى العام التالى، و أنه فى عام 1441، بعد وفاة أستاذه، أنتقل إلى " بروج "، وهى عاصمة تجارة الصوف المزدهرة، والتى تضم عدداً كبيراً من التجار الإنجليز.
وهناك حصل كاكستون على رضى الجميع و حبهم، لدرجة إنه فى عام 1463 أنتخب رئيساً لجمعية " التجار المغامرين فى الأرض الواطئة " فى " بروج ".
تنقل كاكستون فى بلدان أوروبا، وشاهد كثيراً من أوائل الكتب التى كان يطبع منها آلاف النسخ فى كل من ألمانيا و إيطاليا. وكانت تلك الكتب الجديدة أقل ثمناً من الكتب المنسوخة الغالية الثمن. وقد أخذت تحل مكانها تدريجياً، مع العلم أن التثقيف عن طريق الكتب لم يكن واسع الأنتشار.
فى عام 1471 ألتحق كاكستون بخدمة " مرغريت " شقيقة إدوارد الرابع. وقد وجد فى وظيفته الجديدة الوقت الكافى لترجمة الأعمال الأدبية الأجنبية إلى اللغة الإنجليزية. وفى ذلك العام أتم ترجمة " تاريخ طروادة " و أهداها إلى راعيته.
بين عامى 1471 و 1472 كان كاكستون يعيش فى كولونيا. وهناك نشأت صدلقة بينه و بين أحد رجال الطباعة الألمان، وتعلم منه فى الطباعة. وعند عودته إلى
" بروج " أنشأ شركة مع " كولارد مانسيون " مع مطبعة خاصة بهما. وفى عام 1475 نشر كاكستون أول كتاب مطبوع باللغة الإنجليزية، وهو الترجمة التى قام بها لتاريخ طروادة. وقد طبع كاكستون أربع كتب أخرى فى " بروج "، من بينهما كتاب " ألعاب الشطرنج ".
فى إنجلترا أنشأ كاكستون أول مطبعة له فى حوش دير " ويستمنستر " بالقرب من " تشابتر هاوس "، وصدر عنها أول كتاب فى إنجلترا عام 1477 بعنوان " أقوال الفلاسفة ".
فى ذلك الوقت أهتم رجال الطباعة بالمؤلفات الكلاسيكية و اللهوتية اللاتينية الأصل. وقد أتت كاكستون فكرة طبع كتب شعبية بالإنجليزية بغية الحصول على جمهور أوسع من القراء. وفيما بين عام 1477 وعام 1491، أى حتى وفاته، أصدرت مطبعة كاكستون ما يقرب من مئة كتاب، وكان الكثير منها قد نقل إلى الإنجليزية عن الأصل الفرنسى. أما أشهر الكتب التى طبعها فهو كتاب " قصص كنتربرى " الذى ألفه " تشوسر "، وقد صدر كاكستون أول كتاب مصور فى إنجلترا وهو " مرآة العالم " الذى أشتمل على عدد من الصور الحفرية.
لم تكن الكتب التى يصدرها كاكستون تضم صفحة العنوان كباقى الطباعيين المعاصرين له، و إنما نجد بياناً بالطبع يكتب على شكل فقره فى نهاية الكتاب، وكانت تسمى
" كولوفان ". و الفقرة التى ذيل بها أول كتاب طبع فى إنجلترا كان هذا نصها : " وهكذا ينتهى هذا الكتاب من أقوال و حك الفلاسفة التى تم طبعها كما ترى فى هذا الكتاب. وقد طبع فى الثامن و العشرين من شهر تشرين الثانى، من العام السابع لحكم الملك إدوارد السابع.
كان عدد رجال الطباعة فى إنجلترا أيام كاكستون لا يتجاوز حفنة قليلة. فكان " تيودوريك " يطبع فى أكسفورد، وثمة رجل أخر كان معروفاً بأسم " الأستاذ الطباع " و لا نعرف حقيقة أسمه، أصدر عدداً من الكتب فى " سانت ألبنز ". وفى لندن أنشأ كل من جون ليتو ووليم ماكلينا و ريتشارد بينسون مطبعة خاصة به.
توفى كاكستون عام 1491، فأنتقلت مهنته إلى طباع آخر شهور من رجال القرن الخامس عشر هو وينكين دى وورد. غير أن عدد الكتب التى طبعت فى إنجلترا قبل عام 1500 لم يكن يتجاوز نسبة ضئيلة من إجمالى ما كان يطبع فى باقى الأقطار الأوروبية.
وتجدر الإشارة إلى أن التسجيلات الخاصة بجنازة كاكستون محفوظة بين وثائق دير ويستنستر.
أما الكتب التى طبعها كاكستون فهى نادرة الوجود اليوم، و إذا عرض أحدها للبيع فإنه يساوى بضعة آلاف من الجنهيات. أما إذا أردنا أن نشاهد أحد كتبه المعروضة للجمهور. فيمكننا أن نقصد مكتبة " جون رايلاندز " فى مانشستر، أو إلى المتحف البريطانى فى لندن حيث تعرض عادة بضع نسخ من كتب كاكستون.