الشرق الأوسط/لندن:في جولة خاصة في قبو دار «كريستيز» بلندن عرضت سارة بلمبلي، رئيسة قسم الفن الآسيوي بالدار، لـ«الشرق الأوسط» مجموعة من القطع الفريدة والمهمة التي تعرضها الدار ضمن مزادها للفن الإسلامي في 25 أبريل (نيسان) القادم.
وقبل ذلك سيتم عرض مجموعة مختارة من القطع لتعرض في دبي في الفترة ما بين 13 إلى 16 أبريل. المشي في ردهات قبو «كريستيز» يبعث الشعور برحلة البحث عن الكنز، وبالفعل تقودنا الردهات الضيقة لحجرة متوسطة الحجم تتوسطها طاولة ضخمة وضعت عليها بعض القطع التي سيضمها المزاد وامتلأت الأرفف على الجدران بمختلف القطع الخزفية التي تعود لعصور مختلفة وتحمل كل منها قصة وتاريخا شائقا.
تبدأ بلمبلي عرضها للقطع بمجموعة من المخطوطات التي تعود لمجموعة خاصة يتم بيعها لصالح مكتبة «بودليان» بأكسفورد، وتشير إلى أن هذا هو القسم الثالث من المجموعة القيمة التي بلغ ريع بيع القسمين الأول والثاني منها نحو 3 ملايين جنيه إسترليني. العوائد ستقوم جامعة أكسفورد بتخصيصها لدعم الدراسات الفارسية بالجامعة ولإنشاء كرسي للدراسات الساسانية سيكون الأول في بريطانيا. من القطع المهمة في تلك المجموعة نسخة من كتاب «مناجاة الإمام علي» تعود إلى القرن السادس عشر كتبت بخط النستعليق. تبدو تفاصيل الزخارف البديعة في بداية الفصول متعة للناظر ولكنها دقيقة بشكل كبير مما يحتم على الشخص استخدام عدسة مكبرة لإعطاء الزخارف حقها ولتأمل جمالياتها. تعلق بلمبلي قائلة: «يحار عقل الإنسان في كيفية إنجاز هذه الزخارف البديعة»، المخطوطة موقعة باسم «الحسيني» وهو خطاط شهير في تلك الفترة. يقدر للمخطوطة سعر يتناسب مع جمالها وندرتها وقيمتها التاريخية يتراوح ما بين 50 و70 ألف جنيه إسترليني.
المخطوطة الثانية في المجموعة، هي نسخة من المصحف تعود لعهد الدولة العثمانية كتبت في نهاية القرن الخامس عشر، تتميز أيضا بالزخارف الدقيقة الرصينة. وتشير بلمبلي إلى أن الخطاط الذي عمد إلى زخرفة بدايات السور وبدايات الأجزاء بزخارف لم يوقع باسمه على المخطوطة ولهذا لا يمكن الجزم بشخصيته. المصحف يعود إلى القرن الخامس عشر ويظهر فيه فن الزخرفة بأفضل صوره، فإلى جانب جمال ودقة الخط يبدو الاهتمام بالزخرفة والعناية بكل التفاصيل الصغيرة. ورغم أن الخطاط غير معروف بالاسم فإنه عمد إلى ترك وصف شامل لطريقة عمله وضعها في ملحق في نهاية المصحف، «يخبرنا بالتفصيل طريقة عمله وكيف كتب كل كلمة، ولكننا لا نعرف من هو»، تعلق بلمبلي.
مخطوطة أخرى تحمل مشهدا مختلفا فهي تصور مشهدا لصراع بين ثلاثة جمال يتميز بتصوير رشيق لأجسام الجمال الثلاثة وقيام أحدها بغرز أسنانه في رجل الآخر، الرسم أيضا ينبض بالحركة وبالألوان التي تبدو في قطع قماش السرج الملونة على ظهورها والتي تحفها الزخارف. المخطوطة كما تشرح بلمبلي تحمل توقيع الخطاط «عبد الله» من القرن السادس عشر، وتضيف أن مشهد عراك الجمال لا يعد جديدا فقد توارثه الخطاط «عبد الله» عن معلمه الأكبر «مذهب»، وأصبح المشهد من الموتيفات الرائجة في المخطوطات الفارسية والهندية.
بعدها تشير بلمبلي إلى قطعة معدنية ضخمة تعود لبدايات القرن السادس عشر وضعت في وسط الطاولة تحمل حفرا بأشكال النباتات والزهور الملتفة حول بعضها، القطعة للوهلة الأولى تبدو محيرة فهي قد تكون جزءا من بذلة محارب ولكن سرعان ما نتبين أنها غطاء لوجه الفرس يرتدى مع قطع أخرى لحمايته في المعارك. القطعة ضمن مجموعة أوروبية خاصة. ومن نفس المجموعة نرى خوذة ذهبية، لا تبدو أنها صنعت للحرب إذ إنها من النحاس ولهذا فمن المرجح أن تكون قد استخدمت للزينة و«لإظهار بذخ وقوة الجيوش العثمانية»، كما تشير بلمبلي، وتتابع: «عموما القطعة من هذا النوع تعد نادرة جدا وقليلا ما نرى مثلها في الأسواق العالمية إذ يحتفظ بها ضمن المجموعات الملكية الخاصة».
في كيس أخضر من القطيفة تقبع قطعة فريدة بالفعل تتميز بجمال أخاذ، ما إن أخرجتها بلمبلي من كيسها حتى تعالت آهات الانبهار من زملائها الحاضرين، والإعجاب هنا مستحق، فأمامنا قطعة من الكريستال الصخري بيضاوية الشكل محفورة بنقش بديع جدا نكاد نتبين فيه جملة «بسم الله الرحمن الرحيم»، تقول بلمبلي: «هذا ختم الشاه سليمان الصفوي يعود صنعه إلى عام 1668 ميلادية وهو العام الأول لحكم الشاه. تاريخيا بدأ الشاه حكمه في العام السابق ولكن بسبب بعض الكوارث الطبيعية التي أصابت البلاد في بداية حكمه ومرضه وحدوث غزو في الشمال، أشار عليه منجم البلاط إلى تغيير تاريخ اعتلائه العرش إبعادا للحظ السيئ، كما أشار عليه بتغيير اسمه إلى الشاه سليمان الصفوي». تصف بلمبلي كيف استطاعت التوصل إلى نسخة من القرآن الخاصة بالشاه استخدم فيها ختمه، وتقول: «بمحض الصدفة اكتشفنا أننا قمنا في عام 2007 ببيع نسخة القرآن الخاصة بالشاه تحمل ختمه الشخصي، لدينا صورة منها، هناك أيضا صورة أخرى لختم الشاه في خطاب مرسل منه إلى ملك إنجلترا»، وتشير إلى أنه من النادر العثور على ختم يخص أحد السلاطين، وتشرح أنه جرت العادة على تدمير الختم لدى وفاة الشاه خوفا من العبث والتزوير. القطعة يقدر لها مبلغ يتراوح ما بين 200 و300 ألف جنيه إسترليني