تدارك خطأك بالاعتذار
إذا أخطأت في حق نفسك فتدارك خطأك. فكر وحلل ما حدث، ثم تحرك وأصلح ما فسد جراء ذلك الخطأ فأنت إنسان غير معصوم. لا مَلَك منزه عن الأخطاء، بل أنت هنا تتعلم من أخطائك وتجاربك في هذه الحياة، خطؤك في حق الآخرين إنقاص في حقك نفسك فأنت تؤذيها أولًا.

لا تكابر حينما تخطئ في حق أحدهم، فالتكبر والتعالي من صفات الشيطان وقد خسر الجنة بسببه. افعل ما يمكنك إصلاحًا للأمر وبادر بالاعتذار.

الإمام علي -عليه السلام-: ما أحق الإنسان أن تكون له ساعة لا يشغله شاغل، يحاسب فيها نفسه، فينظر فيما اكتسب لها وعليها في ليلها ونهارها.

الاعتذار هو أول خطوات الإصلاح، فلا تعتقد أن في الاعتذار ضعفًا وهدرًا للكرامة، فلن ينقص من كرامتك ومقامك وشخصيتك شئ. بل العكس أنت تكبر في أعين الناس وستشعر براحة نفسيه ورضا عن نفسك. فالاعتذار ليس دليل ضعف وفشل بل هو قوة وطيب خلق وشجاع
ة و تقدير للذات.

الاعتذار من شيم الكبار، وهو خلق حسن من أخلاق الأقوياء، وعلامة من علامات الثقة بالنفس التي لا يتصف بها إلا الذين لديهم القدرة على مواجهة الآخرين بكل قوة وشجاعة وأدب. روي عن الإمام عليّ (ع): «المَعذِرَةُ بُرهانُ العَقلِ».

في بعض المجتمعات يعد الاعتذار جزءًا من مقوماتها وثقافتها الفكرية، فتراهم يزرعون في أطفالهم ثقافة الاعتذار منذ الصغر، حتى إن الأمر عندهم وصل حدًا جعلهم يقرنون الصفح عن المخطئ، أو تخفيف العقوبة عن المجرم بالاعتذار.

وثقافة الاعتذار والاعتراف بالخطأ سلوك حضاري وفن ومهارة اجتماعية لا يتقنها إلا الأقوياء والعقلاء، فهي ليست مجرد كلمة عابرة فقط بل هي بمنزلة هدية تعبر عن تقديرنا وحبنا واحترامنا لمن أخطأنا بحقهم فتزيد من الألفة والمحبة والتقارب بين جميع أفراد المجتمع.

اعترف بخطئك وانتقِ كلماتك بعناية لكي تطيب بها جراح من أخطأت في حقه، فلا تبرر موقفك ولا تدخل في نقاشات تزيد الأمر سوءًا. تذكر أنك هنا لتصلح الأمر لا للنقاش فيما حدث. فيجب أن يكون اعتذارك تُرافقهُ نيّة صادقة على تصحيح الخطأ، وعدم تكراره. فأنت تحفظ علاقتك بالآخرين بحب ومودة وتبتعد عن المشكلات والمشاحنات.


الإسلام يربي أصحابه على الكلمة الطيبة، والقول الحسن، والاحترام، والإحسان للأخرين، فلا تسئ لأحد حتى لا تعتذر منه، فمن لا يخطئ بحق الآخرين ولا يسيء لأحد من الناس ليس بحاجة إلى الاعتذار، وإنما الاعتذار يكون بعد صدور الخطأ وارتكاب الإساءة.

عود نفسك على التسامح والتجاوز وتذكر أنك في دار تزرع فيها لتحصده في دار أخرى فازرع خيرًا لتحصد خيرًا. وكن طيب الأثر تزرع وردًا في ذاكرة الأيام تحصد على إثرها جميل الذكر.

لا تتهاون بمشاعرك ومشاعر الآخرين وتعتد على أن تخطئ في حقهم. فستجرفك هذه الأمور الصغيرة إلى مشكلات كبيرة ومتاهات لا سبيل لها من نجاة، فترى نفسك في طريق وعرة لا تعرف طريق العودة لطريق الصواب.

تدارك أخطاءك واعتذر فلن ينقص من شخصيتك ومقامك شيء.