نصائح إبليس!
ذكر القرآن الكريم - إبليس - في عدة مشاهد فهو شخصية واقعية وسيئة، إلا أن الخطوات الأولى نحو العلاقة مع إبليس نخطوها نحن بأنفسنا. نسمح له ونعطيه السلطانَ أن يتسلل إلى عقولنا ويؤثر علينا. أما إذا أغلقنا منافذ دخوله إلى نظامنا فلن يتمكن من الدخول بأي حالٍ من الأحوال!
ورد ذكر أول لقاء لإبليس مع الإنسان - آدم - عليه السلام في القرآن الكريم حين زين له الأكل من الشجرة الملعونة. ومنذ ذلك الزمان لا ينفك إبليس ينصب حبال مكائده لنا. في كثير من الحيل والمكائد أصبح له تلامذة من البشر أذكى من الأستاذ، بعض البشر أشرّ من إبليس! يفعلون الأفاعيل وعندهم من الأفكار ما لا يمكن أن يفكر فيه إبليس!
تذكر الكتب - وللقارئ الكريم أن يبحث عنها مباشرة من مصادرها - أنه لما هبط نوح عليه السلام من السفينة أتاه إبليس، فقال له: ما في الأرض رجل أعظم منّة عليّ منكَ، دعوتَ الله على هؤلاء الفساق فأرحتني منهم، ألا أعلمك خصلتين: إيّاك والحسد فهو الذي عمل بي ما عمل، وإيّاك والحرص فهو الذي عمل بآدم ما عمل.
في نصيحة أخرى لما دعا نوح عليه السلام ربه عز وجل على قومه أتاه إبليس لعنه الله فقال: يا نوح، اذكرني في ثلاثةِ مواطن، فإني أقرب ما أكون إلى العبد إذا كان في إحداهن: اذكرني إذا غضبت، واذكرني إذا حكمت بين اثنين، واذكرني إذا كنت مع امرأة خاليًا ليس معكما أحد. ومن نصائحه لموسى عليه السلام: "إذا هممت بصدقة فامضها، وإذا هم العبد بصدقة كنت صاحبه دون أصحابي حتى أحول بينه وبينها.
روي عن المسيح عليه السلام: "لو وجدتم سراجًا يتوقد بالقطران في ليلةٍ مظلمة لاستضأتم به ولم يمنعكم منه ريح نتنه، كذلك ينبغي لكم أن تأخذوا الحكمة ممن وجدتموها معه ولا يمنعكم منه سوء رغبته فيها". في التراث نصائح عديدة لإبليس - مع ذلك يبقى الشيطان شيطانًا - وإن جاء في صورة إنسان ناصح! فمتى كان الثعلب صديقًا ودودًا للدجاج والشياه؟
بَلِّغِ الثَعلَبَ عَنّي ** عَن جدودي الصالِحينا
عَن ذَوي التيجانِ مِمَّن ** دَخَلَ البَطنَ اللَعينا
أَنَّهُم قالوا وَخَيرُ القَولِ ** قَولُ العارِفينا
مُخطِئٌ مَن ظَنَّ يَومًا ** أَنَّ لِلثَعلَبِ دينا
تأمّل: كم من ناصحٍ ينصح غيره، لا يفعل ما ينصح به؟ يرتدي أثواب حَمَلٍ وديع وهو ذئب ضارٍ! حبذا لو كان لدينا تشخيص دقيق ومناعَة ذاتية لكي نعرف الغاشّ من الناصِح والنصيحة من الغش. ذاك الذي يرتدي أثواب الطهر والأمانة قد تستيقظ يومًا وتراه أستاذ إبليس وغير نقيّ!