أمّ البَنين خارج أسوار التاريخ
ـــــــــــــــــــــــــ ــ
كم يحتاج الانسان من الوقت ، من الوعي حتى يقف على حقيقة امرأة لم يكتب التاريخ عنها سوى صفحة او أقّل من ذلك، ولكنها شكلت حضوراً مذهلاً في قلوب ملايين النّاس أكثر من شخصيات كتب التاريخ عنها ملايين الصفحات!
هذه المفارقة تظهر لنا حين يتولى الله عباده الصالحين فيرفعهم الى المستوى الذي لم تتخيله عقول الناس بحساباتهم ومخططاتهم.

واعظم الدروس التي تقدمها شخصية (ام البنين) للبشرية، ان العمل لله تعالى يتحول الى شمس دائمة الاشراق لا أفول لها مهما تقادمت الايام.
نحن لا نعي المقام الذي وصل له العباس بن علي ومدى ارتباط هذا المقام بوالدته الكريمة، واخوته الذين ساروا على هذا النهج، فانها قدمت بوفاء اولادها ليتقدموا امام سيد الشهداء (عليه السلام) بعد ان حملوا قلوبهم باديهم وتجملوا بدرع الفداء.

يردد الشيعة البيت المشهور:
لا عذّب اللّه أمّي أنّها شربت * حبّ الوصي وغذتنيه باللّبن

وأمّ البنين غذت اولادها الاربعة حب السبط الشهيد(عليه السلام) فكانوا يرونه الدين والاخ والوصي والولي والامام وكل الخير، فهو امام الخير والمجد، ومن يتعلق بالحسين (عليه السلام) يصيبه الخلود.
ام البنين (عليها السلام) اصابها الخلود واضحت رفيقة سورة الفاتحة وباب الحوائج لصلتها بالحسين (عليه السلام) وكانت تلك الصلة بواسطة الشخصية المحببة الى قلب الحسين (عليه السلام) قمر العشيرة العباس بن علي(عليه السلام).
من هنا يتبين انّها امرأة اعظم من أسوار التاريخ، فالتاريخ الذي لم يدون عنها سوى صفحة واحدة، خرجت من سوره لتكتب عظمتها باولادها، فانّ العباس المعظم (عليه السلام) موسوعة معارف ومكارم لا تنتهي قصة كرم تتعلق به الا وتبدأ اخرى.. وهكذا الى يوم القيامة.
كُتبت بذكرى وفاتها: 27 / 12/ 2023م
حسن علي جوادي.