أكذوبة نظرية عدنان و قحطانونظرية العاربة و المستعربة ، هي أسطورة توراتية وواجب أن نرفض الإسرائيليات، العدنانية والقحطانية هي أحلاف قبلية وليست أنساب
إن نظرية "عدنان وقحطان" تقول بأن جميع العرب عرقيا هم من نسل شخصين إما "عدنان بن أدد" أو "قحطان بن عابر"، فأصبح تصنيف العرب إما عدنانيون أو قحطانيون، وكذلك ظهر مصطلح "العاربة والمستعربة" فالقحطانيون هم العرب العاربة، والعدنانيون عرب مستعربة، وأنا هنا لا أنكر وجود عدنان وأن النبي ﷺ من نسله، ولكن ما أنكره هو تصغير العرب بجعلهم جميعاً من نسل شخصين.
وهذه النظرية خاطئة، بدلالة النقاط التالية:
1- أن الرسول ﷺ عربي.
قد شرف الله العرب بأن جعل أعظم الخلق منهم، فإذا إعتمدنا نظرية "عدنان وقحطان" سيصبح النبي محمد ﷺ من أصل غير عربي، فهو بحسب هذه النظرية حفيد عدنان من المستعربة أي الدخلاء على العرب، وهذا إنتقاص للعرب، ونفي أكبر مجد لهم بأن النبي ﷺ منهم، وأنا هنا لا أنفي بأن الرسول ﷺ من نسل إسماعيل (ع) بل أنفي بأن كل العرب أتوا من نسل حفيده عدنان وكذلك من قحطان.
2- أسطورة يقظان بن عابر التوراتية
ورد في التوراة تحديدا في (التكوين 26:10-29) شخصية يقظان بن عابر، وبأن قبائل اليمن المختلفة من نسله، وهذا الأمر هو نتيجة انتشار الديانة اليهودية في اليمن، فأصبحت هذه قاعدة أساسية في الهوية اليمنية أنذاك، وانتقلت هذه النظرية للعرب ومؤرخيهم، فأصبح اليمانيون من نسل يقظان الذي تحول إسمه لقحطان، وباقي العرب من نسل غيره، وكلنا نعلم مدى زور كتاب التوراة، وتاريخياً لم يكن اليمنيون ينسبون أنفسهم إلى قحطان قبل الإسلام بل إلى سبأ، وقد ذُكر سبأ كشعب ومملكة وأرض في النصوص الآشورية والرومانية وأنهم يعيشون في الجزء الجنوبي الغربي من شبه الجزيرة العربية، فيعتبر مصطلح قحطان مصطلح حديث، فأقدم ذكر لشخصية قحطان يعود لعام 100 قبل الميلاد، ولهذا القيام بنسبة جميع اليمانيين لقحطان هو إنكار للحضارة اليمنية ولمدى عمقها الزمني في التاريخ القديم.
3- الإدعاء بأن العرب ظهروا قبل فقط 2500 عام.
عدنان كان في سنة 500 قبل الميلاد، وقحطان كان في سنة 100 قبل الميلاد، وإذا دعمنا هذه النظرية سيكون معناه أن العرب هو شعب حديث ظهر قبل حوالي 2500 عام، وهذه طعنة في التاريخ العربي القديم، ودعم لما يدعيه أنصار الشعوبية بقولهم بأن العرب ظهروا حديثا ويدعم أكاذيب أخرى لهم يقومون بترويجها في إطار عدائهم للعرب، وكذلك يناقض تفوق اللغة العربية على لغات العالم في عدد الكلمات.
4- جد العرب الأكبر هو عمليق بن لاوذ بن سام بن نوح (ع).
إن جد العرب الأكبر هو "عمليق" وليس عدنان أو قحطان، وعمليق كان له نسل منتشر سمي بأسماء كثيرة منها العماليق والعموريين والكنعانيين والفينيقيين والأموريين والهكسوس.
قال الطبري في كتاب (تاريخ الأمم والملوك): عمليق - وهو عريب، وإن عمليق أول من تكلم بالعربية.
وقال الطبري أيضا في نفس الكتاب:
عمليق أبو العماليق، كلهم أمم تفرقت في البلاد، وكان أهل المشرق وأهل عُمان وأهل الحجاز وأهل الشام وأهل مصر منهم ؛ ومنهم كانت الجبابرة بالشام الذين يقال لهم "الكنعانيون".
وهذه النقطة ليست نقطة تعتمد على علم الآثار، ولكنها رد على من يتمسك بروايات المؤرخين القدماء.
5- سبب تكوين الحلفين.
إن الحدث الرئيسي الذي أدى لظهور الحلفين سيطرة قبيلة قريش على حكم مكة في الجاهلية بعد أن أزاحت قبيلة خزاعة من حكمها، فإنقسمت قبائل العرب في الجزيرة العربية بين عدنانية مؤيدة لقريش وقحطانية مؤيدة لخزاعة، ثم توسع هذا الحلف وإنسحب لأمور أخرى.
6- لقد كانت "العدنانية والقحطانية" عبارة عن حلف قبائلي جاهلي.
قد كانت العدنانية والقحطانية حلف قبائلي جاهلي غير مبني على أصول مشتركة بدلالة وجود قبائل عربية غير معروف إذا هي عدنانية أو قحطانية مثل قبيلة انمار، وقبيلة ثقيف، وكذلك قبيلة قضاعه.
7- سلسلة النسب.
إذا كان عدنان وقحطان هما اصل العرب، فواجب علينا أن نطرح سؤال كفيل بنقض هذه النظرية، والسؤال هو أين ذهب نسل الأجداد ما بين عدنان وإسماعيل (ع).
8- مثال واضح على تغير نسب قبيلة.
كان في جنوب فلسطين قبيلة تدعي "أهل مدين"، وقد قام الرحالة الإيطالي "أنطونينوس من بياتشينزا" بتدوين نسبها، وذكر أن نسبها يعود إلى رعوئيل، وهو الشخص الذي تزوج النبي موسى (ع) من إبنته، ولكن بعد الإسلام تم تدوين نسب هذه القبيلة مع القبائل القحطانية، وهذا لنفس السبب وهو وجود الحلفين.
9- ذكر العرب من ما قبل تكون حلف عدنان وقحطان في سجلات الشعوب.
تم ذكر العرب من قبل أن يأتي حلف عدنان أو قحطان، فمثلا في سجل للملك الآشوري شلمنصر الثالث يذكر أن الملك العربي جنديبو شارك في معركة قرقور عام 853 قبل الميلاد مع جيش مؤلف من ألف رجل يركبون الجمال، وكما ذكرنا سابقا عدنان كان سنة 500 قبل الميلاد وقحطان كان سنة 100 قبل الميلاد، ولكن ذكر العرب قبلهم في معركة قرقور سنة 853 قبل الميلاد يؤكد أكذوبة هذه النظرية وأن العرب شعب قديم ومتواجد من قبل عدنان وقحطان.
10- المثال الفلسطيني.
في العهد العثماني اشتدت في فلسطين العصبية العدنانية (القيسية) والقحطانية (اليمانية) ولكن إذا نظرنا للأسر المنضمة لأحد الحلفين سنجد أن هنالك أسرة قرشية عدنانية كانت في صف الحلف القحطاني وأسرة جذامية قحطانية كانت في صف الحلف العدناني، وغيرهم الكثير، وهذا دليل أن نظرية "عدنان وقحطان" هي حلف قبائلي حزبي وليس بسبب أصل مشترك.
11- الإمبراطور الفينيقي سيبتموس سيفيروس حاكم الإمبراطورية الرومانية يضع لقب العربي بجانب إسمه.
كان الإمبراطور الكنعاني سيبتموس سيفيروس المولود في مدينة لبدة الليبية والذي ليس من نسل عدنان أو قحطان والذي حكم الإمبراطورية الرومانية من عام 193 م إلى عام 211 م يضيف لقب العربي الى اسمه كما هو موضح في قوس النصر بمدينة روما ومكتوب فيها
severo septimio arabico
12- التشابه بين لهجات الحضارات القديمة والتي تؤكد أنها عربية قديمة.
إن نظرية عدنان وقحطان تقطع الصلة بين العرب وحضاراتهم القديمة، كالحضارة الكنعانية والآرامية والآشورية والبابلية وغيرهم، وإذا نظرنا للغات هذه الحضارات القديمة سنجد أنها متشابهة وأنها لهجات عربية قديمة، وسأقدم في التعليقات جدول يوضح هذا الأمر.
13- الإختلاف في نسب قحطان يلغي نظرية عاربة ومستعربة.
اختلف القدماء حول نسب قحطان وظهرت فئة كبيرة جعلت نسبه إلى إسماعيل (ع)، وهذا يجعلها بوجهة اصحاب هذه النظرية من العرب المستعربة، ويلغي فكرة وجود عاربة من جذورها، حيث أن هذه النظرية مبينة على أساس وجود عرب حقيقيين هم العرب العاربة، وأن النبي إسماعيل (ع) القادم من فلسطين نسله إنتمى للعرب لاحقا فأصبحوا من العرب المستعربة.
**** المصادر:
1) أنساب الأشراف، البلاذري
2) تاريخ الأمم والملوك، الطبري
3) نهاية الأرب في معرفة أنساب العرب، القلقشندي
4) المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام, جواد العلي
5) بلاد العرب السعيدة وما تبقى من شعرها غير المجموع في الجاهلية والإسلام، عثمان الراوي
*****************
كتب بقلم:
المؤرخ تامر الزغاري
*****************
رد مع اقتباس
