أثناء بناء قدماء المصريين الأهرامات راعوا مواضع النجوم في السماء (ويكيبيديا)
في الأزمنة القديمة، استخدم البشر النجوم دلائل مقدسة في سماء الليل، خاصة أنها كانت تعرفهم الاتجاهات أثناء السفر، وكانت للنجم القطبي مكانة خاصة عند كل سكان نصف الكرة الشمالي، والسبب في ذلك واضح لأن هذا النجم لا يتحرك من موضعه تقريبا طوال العام، في حين تدور كافة نجوم السماء حوله.
نجم الشمال
لفهم الفكرة، تصور أن السماء كرة ضخمة مطرزة بالنجوم، والأرض كرة صغيرة تقع في منتصفها، ويقع النجم القطبي أعلى القطب الشمالي للأرض.
لكن النجم القطبي الذي نعرفه الآن لم يكن يعلو القطب الشمالي طوال الوقت قبل أكثر من ثلاثة آلاف عام قبل الميلاد، وكان هناك نجم آخر هو نجم الثعبان (Thuban) الموجود في مجموعة نجوم التنين هو النجم القطبي في ذلك الزمان، وهو نجم خافت يصعب على العين المجردة رصده في المدينة، لكنه كان واضحا في السماء القديمة الحالكة.
وسبب ذلك يرجع إلى ظاهرة "المبادرة المحورية" (Axial Precession). ولفهم تلك الظاهرة التي تصنع دورة كاملة كل نحو 26 ألف سنة تقريبا، تخيل أن الأرض هي نحلة خشبية صغيرة تدور حول محورها، وأثناء ذلك تتأرجح النحلة الخشبية قليلا مع دورانها.
بالنسبة للأرض، فإن تلك الحركة هي المبادرة المحورية، التي تجعل النجم القطبي يتأرجح بين مجموعة من النجوم القريبة من بعضها البعض.
وقد راعى القدماء المصريون أثناء بنائهم الأهرامات مواضع النجوم في السماء، ويعتقد أن ذلك كان واضحا في تصاميم الهرم الأكبر -على سبيل المثال- وكان واضحا في محاذاة الأهرامات الثلاثة بعضها البعض. وإذا قررنا محاكاة السماء في وقت الفراعنة عند بناء الأهرامات لوجدنا ذلك واضحا في الهرم الأكبر خاصة.
كوكبة الجبار (ناسا)
وارتبطت حجرة دفن الملك بعدة فتحات صغيرة ممتدة من تلك الحجرة إلى خارج الهرم، وكان يعتقد أنها مبنية فقط لتهوية غرفة الدفن، لكن اتضح الآن أن تلك الفتحات ذات علاقة بنجوم السماء.
نجم ثنائي
فإحدى تلك الفتحات الخارجة من غرفة الدفن تنطلق من موضع الملك في خط مباشر إلى موضع نجم الثعبان القديم، وكان قدماء المصريين يتصورون أن النجم القطبي هو نهاية رحلة الفرعون الذي مات، حيث يصعد ليتحد معه.
أما مجموعة "نجوم الجبار" فتمثل في الحضارة المصرية القديمة المعبود "ساه"، الذي يعتقد أنه كان إحدى صور الفرعون في الحياة الأخرى، وفي غرفة دفن الملك في الهرم الأكبر وجدت أيضا فوهة أخرى في الجهة المقابلة من حجرة الدفن تشير إلى موضع تلك المجموعة من النجوم في السماء، فكأنها أيضا مرتبطة بموت الفرعون.
والآن نعرف أن نجم الثعبان هذا ليس نجما واحدا؛ ففي كشف جديد أعلن عنه في المؤتمر 235 للجمعية الفلكية الأميركية الذي عقد في السادس من يناير/كانون الثاني الجاري؛ قدم الباحثون من المهمة الواعدة "تيس" (TESS) الخاصة بوكالة الفضاء والطيران الأميركية دلائل على أن الثعبان هو نجم ثنائي.
والنجم الثنائي -كما هو معروف- يتكون من نجمين يدوران حول بعضهما البعض. وحسب النتائج الجديدة، فإن رفيق الثعبان يدور حوله مرة كل 51 يوما تقريبا.