الكلمة الخبيثة وأثرها
الكلمة بأي لسان نُطقت وأحرف كُتبت أو حركة فُهمت أداة ”لغة“ التخاطب والتواصل بين البشر ”وحتى بقية المخلوقات فيما بينهم مع الفوارق“ تمثل عنوانًا واقعيًا لسلوك وثقافة قائلها ”كل إناء بما فيه ينضح“ إما يصدرها عسلًا مصفىً ”طيبة الرائحة“ تجمع شتاتين تصلح بين حيين تنهي خصومة زوجين مدحها القرآن الكريم بقوله ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ﴾ سورة إبراهيم «24»، وأما سُماً قاتلًا ”خبيثة نتنة“ وإن صِيغت مبهرة مزينة بورود ملونة، لكنها مزيفة باطنها يخالف ظاهرها تشعل حرباً بسوساً لسنوات ”الحرب مبداه الكلام“ تزهق أرواحا ترمل نساءً تيتم أطفالا نزل وحي السماء بذمها ﴿وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ﴾ سورة إبراهيم «26».
نتعرض هنا لتأثيرات ما عنونا به:
أولا: تقلل مكانة المتعامل بها تفقده إنسانيته يُحقّر متى حلا مجلسًا يُتوارى عنه صداقته تلحق العار، ولن تدوم يُوصف بالنرجسي الأحمق منبوذ اجتماعيًا يسبب للآخرين إحراجًا وإساءة وإهانة يكشف للعامة ما كان مستورًا عنهم أو زيادة ما كانت في الذي عناه والرد عليه بأقبح مما تلفظ إذا لم يحبس مَن تُعرض له لسانه، ويحكّم عقله وقتها ينال منه يظهر ما خفي من عيوبه، ويضيف عليها من عنده ”المعاملة بالمثل كما تدين تُدان والبادئ أظلم“ أما العقلاء إذا خُوطبوا بها قالوا ”سلامًا“ ليس مِن خُلق الشريف ذي المروءة ولا شيم الكرام قول ما ينكر ويرى باطلًا، أو يؤثم فاعله النبلاء يترفعون عن مجاراة السفهاء.
ثانيًا: هي كالسيف، لكنها أوقع حدة وفتكًا جرح هذا يندمل بمرور الأيام وما تحدثه تلك يبقى طول الزمان أغلبنا تعرض لمواقف من خبثاء، ولا زال يعانيها وأكثر إيلامًا إذا كانت من الأقربين سمعنا ”فلان نال مِن زيد وقال في عمرو وكتب فشهّر وحرّك طرفًا منه ليسخر“ متعددة العناوين متنوعة الأهداف منها الغيبة النميمة التخبيب شهادة الزور التعرض للأعراض بالسوء إفشاء الأسرار اتهام الأبرياء بالفواحش الكذب وأسوأه قول الولد لأمه أمام جمع أنا من يطعمك ويكسيك ويلبي طلباتك، وكل ما في بيتك من مالي ”والله تعالى يشهد ما صدق في شيء مما قال“ ونشوة الشامتين الأشرار على الطيبين الأخيار كلها خبائث والقائمة تطول.
ثالثًا: تفرق الجماعات تباعد الإخوان يتعادى الجيران والأرحام تزرع البغضاء تملأ القلوب أحقادًا يتوارثها الأحفاد عن الآباء والأجداد ”ضرب اللسان أشد من طعن السنان“ هو واقعها إذا أُخرجت دون حساب.

علينا جميعًا تجنب مسببات الفتن بأنواعها ما ظهر منها وما بطن لو طهرّنا قلوبنا من الحسد والكراهية، وصفينا نياتنا صلحت أمورنا نصون ألسنتنا عندما ننطق نتخير الأحسن متى نكتب نحفظ حركاتنا لا نلمز ولا ننبز قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ [الحجرات: 11].