القطيف.. مسمى مستحدث لمدينة عريقة يثير حفيظة مؤرخين
مريم آل عبدالعال - سيهات 3 / 12 / 2023م - 2:50 م
أثار مسمى ”قبعة البحر“ الذي أطلقه عدد من الأهالي على مدينة سيهات بمحافظة القطيف، حفيظة المؤرخين والمختصين الاجتماعيين، الذين أكدوا أن هذا الاسم لا صحة له، وأن ”سيهات“ لها اسم عربي أصيل يعود إلى تاريخها العريق.
وقال المؤرخ والباحث عبد الرسول الغريافي: ”لا صحة لهذا الاسم المتداول، فهي تعرف بهذا الاسم قبل مجيء الأجانب للمنطقة، فسيهات مدينة ضمن مدن القطيف العريقة العديدة واللي اندثر منها الكثير“.
وأضاف الغريافي وهو متخصص في اللغة الإنجليزية واللغة التطبيقية وعلم الصوت: ”هناك تناقض كبير بين القول والواقع العملي فأهالي سيهات عند نطقهم لأي اسم رباعي يبدأ بصوت ساكن ويليه صوت متحرك فإنه في اغلب مناطق القطيف وبالأخص في سيهات يفتح أوله“ الساكن ”ويسكن ثانيه وهو“ المتحرك ”ويقال“ سَيْهات ”وهذا يوجد في سيهات نفسها وأم الحمام والجش والملاحة والعوامية وصفوى؛ وبالتالي فهم لا يكسرون أولها إنما يفتحونه وهذا تناقض مع قبعة البحر see hat!“
وأورد الغريافي أن أصل كلمة سيهات اشتق من ”سيحات“ والتي تعني بلهجة أهالي منطقة القطيف بأكملها بما فيها سيهات بأن ”السيحة“ هي المناطق الزراعية العائدة للبلد أو المدينة أو القرية فنقول مثلا ”سيحة“ أم الحمام يعني المناطق الزراعية الخاصة بأم الحمام، ثم بعد ذلك تحول حرف الحاء في سيحات إلى هاء تخفيفاً تلقائياً عفوياً للنطق فأصبحت بعدها تنطق سيهات.
بدوره، قال المؤرخ والباحث حسين آل سلهام: ”اسم سيهات ليس اسم انجليزي بل أن سيهات أقدم من زمن الاستعمار البريطاني والبرتغالي للمنطقة“.
ولفت إلى ”أن الاسم قديم قِدم المنطقة وهناك أسماء مدن قديمة مشابهه لاسم سيهات كمدينة بَنكات“ مدينة دارسة كانت ضمن منطقة القطيف ”ومدينة قَلهات في عمان“.
كما أشار سلهام إلى ذكر مسمى سيهات في وثيقة تاريخية تعود إلى القرن الهجري العاشر - حصلت ”جهات الإخبارية“ على نسخة منها -، وتذكر الوثيقة أن سيهات تابعة إلى الظهران حسب التقسيم الإداري للفترة العثمانية آن ذاك.
وقال المختص الاجتماعي جعفر العيد: ”أرى أن تغيير المسميات العريقة من تراثنا لتبدو أكثر حداثية، وليظهر أمام الآخرين بأنه شخص عصري، هو أمر سلبي له تأثيرات سلبية على هوية المجتمع، فالمسميات العريقة جزء من هوية المجتمع، فهي تعكس تاريخه وثقافته وعاداته وتقاليده. فعندما يتم تغيير هذه المسميات، فهذا يعني فقدان جزء من هوية المجتمع“.
ولفت إلى أن هنالك عدة أسباب وراء لجوء بعض الأشخاص إلى تغيير المسميات العريقة: ”الرغبة في الظهور بمظهر عصري وحديث. عدم معرفة المعنى الحقيقي للمسماة العريقة. أو الاعتقاد بأن المسميات العريقة قديمة وغير مناسبة للعصر الحالي“
ويرى العيد أنه مهما كانت الأسباب، فإن ”تغيير المسميات العريقة له تأثيرات سلبية على هوية المجتمع، منها؛ فقدان جزء من التراث الثقافي للمجتمع، تشويه صورة المجتمع أمام الآخرين، وخلق شعور بالضياع لدى أفراد المجتمع“.
وقال فيما يتعلق بظهور اسم ”قبعة البحر“ أو مرادفها الإنجليزي ”sea hat“ لمدينة سيهات العريقة: ”ذلك أمر غير مقبول، ويعكس جهل من أطلق هذا الاسم بتاريخ وثقافة المدينة“.
وقال سيهات على كل الروايات التي جاءت عن سبب تسميتها، ان كان نابع من جمع سيحه ف ”سيحات“ صحفت إلى ”سيهات“ كما يذهب إلى هذا الرأي المؤرخ حمد الجاسر، أو انها على وزن الاسماء القديمة ك ”قلهات، وبنكات“ كما يذهب إلى ذلك المؤرخ محمد سعيد المسلم، أو انها تصحيف لكلمة ”السوء هات“ بالنظر إلى شجاعة السكان.
ودعا إلى الحفاظ على المسميات العريقة لتراثنا، وعدم تغييرها إلا إذا كان هناك سبب وجيه لذلك، ونشر الوعي بأهمية الحفاظ على المسميات العريقة؛ وذلك من خلال التوعية الإعلامية والتربوية، والالتأكيد على أهمية الحفاظ على التراث الثقافي والتاريخي للمجتمع، بالإضافة إلى تشجيع الناس على استخدام المسميات العريقة؛ وذلك من خلال تقديم الحوافز المادية والمعنوية لمن يستخدم هذه الأسماء.
كما اقترح إدراج المسميات العريقة في المناهج التعليمية وذلك لتعريف الأجيال الحالية بأهمية هذه الأسماء، وتعزيز قيم الحفاظ عليها.
يُذكر أن سيهات الملقبة بدانة الخليج تقع على ساحل الخليج العربي بين مدينتي الدمام والقطيف وقد اكسبها موقعها الاستراتيجي أهمية كبيره ساعدها على النمو بشكل سريع حيث انتشر فيها العمران لتتحول من قرية صغيره إلى مدينة كبيرة وكانت تعرف قديما ب ”أفان“ كما ذكرها الفرزدق في شعره.
وعرف عن سيهات قديما امتلاكها لعدد كبير من قوارب البحث عن اللؤلؤ، حيث اشتهرت بعدة ”طواشين“، ولعب اكتشاف البترول دورا كبيرا في تحسين الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية في سيهات حيث ترك الكثير من أهالي سيهات العمل في البحر والمزارع وذلك للالتحاق بشركات التنقيب عن البترول.