ثلاثة نادرًا ما اجتمعت لأحد!
ثلاثة نادرًا ما اجتمعت لأحد!
قبل أن أعرض عليك أيها القارئ الكريم والقارئة الكريمة الأشياء الثلاثة أتقدم بدعوة لك ولي أن تطول أعمارنا حتى نكون شيوخًا كبارًا، كلنا في صحة وعافية. الحياة شهية وطيبة - وقصيرة - لذلك تحتاج إلى إدارة عناصرها بحكمة!
الوقت والصحة والمال! عندما كنتُ صغيرًا كان عندي الوقت والصحة ولم يكن عندي المال؛ أضجر من طول الوقت، أنتظر متى أكبر ولا أفكر في مرض. في منتصف العمر صرتُ أعمل ليلًا ونهارًا مثل حصان حقلٍ قوي. جاء المال وبقيت الصحة وذهب الوقت. سنوات قليلة بعدما كبرت، ذهب الوقتُ والصحة! هذا الثلاثي الذهبيّ قلّما اجتمع لأحد في الدنيا!
تأملوا معي كم في الناس من هو غنيّ جدًّا - عنده مليارات - وهو في كرسي مدولب يدفعه عامل وكم من شابّ يعمل من شروق الشمس إلى غروبها ولا يجمع ما يكفي لشراء خبزٍ وماء؟ وربما اجتمعت هذه الأمور أو اختلفت في توافقٍ غريب جدًا!
أمرٌ مرعب عندما نفكّر كم يمضي العمر سريعًا! لذلك يقدم النبيّ محمد صلى الله عليه وآله حلًّا لمعادلة المجاهيل الثلاثة، العمر والمال والقوة، فيقول: "بادر بأربعٍ قبل أربع: بشبابكَ قبل هرمك، وصحتكَ قبل سقمك، وغناكَ قبل فقرك، وحياتكَ قبل مماتك". مرعب جدًّا عندما نجهل معادلة العمر فنرى فتى في العشرين يموت بينما جدّه الشيخ الكبير في صحة وعافية!
الخلاصة هي: إن استفدت من وقتك وصحتك وعمرك كما يجب - لا كما تحب - فأنت حكيم! عندما يظهر الشيب في الشعر الأسود لن يعود أبيض أبدًا! ينمو المال في المصرف والاستثمار لكن العمر والصحة مهما عملت فإن عامل الوقت سوف يجدّ في عمله وينقص منهما! اللون الأبيض جميل ورائع إلا في لون الشعر!
في بياض الشيب رسائل لا تخطئها العين أنّ العمر يمضي ولياليه لم يبق منها مثل ما مضى. هذا الشيب يضحك من أوجاعنا ويفرح بانقضاءِ آجالنا. لكل داءٍ دواء إلا الشيب هو الداءُ الوحيد الذي ليس له دواء:
هَلِ الشَبابُ الَّذي قَد فاتَ مَردودُ
أَم هَل دَواءٌ يَرُدُّ الشَيبَ مَوجودُ
لَن يَرجِعَ الشِيبُ شُبّاناً وَلَن يَجِدوا
عِدلَ الشَبابِ لَهُم ما أَورَقَ العودُ
روي عن علي عليه السلام: "كان الرجل يموت وقد بلغ الهرم، ولم يشب، فكان الرجل يأتي النادي فيه الرجل وبنوه فلا يعرف الأب من الابن، فيقول: أيكم أبوكم فلما كان زمان إبراهيم قال "اللهم اجعل لي شيئًا أُعرف به" قال: فشاب وابيض رأسه ولحيته".
الكثير يسأل: ما نفع المال في ذهاب الصحة والعمر؟ المال هو الخادم الأمين في غياب الصحة وبعد أن ينتهي حفار القبور من ردم الحفرة. المال خادم في الحياة وفي الموت {إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: علم ينتفع به، أو صدقة تجري له، أو ولد صالح يدعو له}.
رد مع اقتباس
