القطيف.. ما حقيقة وصفها بـ ”النجف الصغرى“
تتكرر بين فترة وأخرى مقولة ”النجف الصغرى“ كإحدى التسميات التي أطلقت على القطيف، منذ أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين وفقا لتقديرات.
يرى البعض أن هذه التسمية كانت تعبيرًا عن الإعجاب بالحركة العلمية الدينية في القطيف، وتقديرًا لدور رجال الدين في المجتمع.
ويعتقد آخرون أن التسمية كانت محاولة لتجسير الهوة بين القطيف والنجف الكبرى، عاصمة العلوم الدينية في الوسط الإمامي الإثني عشري.
وقال الكاتب سلمان العيد في مقالة بعنوان ”القطيف وتسميتها بالنجف الصغرى“ مدى دقة الوصف بأن تسمية القطيف بالنجف الصغرى تعتمد على المعايير التي نستخدمها لقياس الأهمية العلمية للمدينة.
وأضاف القول إذا اعتبرنا أن الأهمية العلمية تقاس بحجم الحركة العلمية والبحثية، فإن التسمية دقيقة إلى حد ما. فقد شهدت القطيف في القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين حركة علمية دينية نشطة، وكان بها عدد كبير من العلماء وطلاب العلم.
واستدرك قائلًا، إذا اعتبرنا أن الأهمية العلمية تقاس بالتأثير على العالم الخارجي، فإن التسمية أقل دقة.
وعلل بقوله إن الحركة العلمية في القطيف كانت في تلك الفترة محصورة في المجال الديني، ولم يكن لها تأثير كبير على العالم الإسلامي أو العالمي.
وبحسب الكاتب تفاوتت وجهات النظر حول تقييم وصف المنطقة بالنجف الصغرى سلبا وإيجابًا.
ورأى بأن تسمية القطيف بالنجف الصغرى وفقا للبعض يعتبر دلالة فخر واعتزاز، ويرون أن هذه التسمية تعكس تقديرًا للحركة العلمية الدينية في القطيف.
وأضاف بأن هذه التسمية وفقا للاعتقاد السابق تدفع المجتمع إلى النهوض وإعادة تلك الأمجاد، من خلال دعم الحركة العلمية الدينية، من خلال بعث طلاب العلم إلى الحوزة العلمية، وإنشاء المزيد من المدارس المتخصصة في هذا المجال.
ورأى في مقابل ذلك بأن البعض الآخر يعتبر تسمية القطيف بالنجف الصغرى هي تسمية غير دقيقة وغير سليمة، ويرون أن هذه التسمية تحمل في طياتها إساءة للقطيف ولأهل القطيف، ولعلمائها ورجال الدين القدماء قبل الحاليين.
وعلّل هذا الاعتقاد لدى هذا الفريق بأن هذه التسمية توحي بأن القطيف كانت مدينة متخلفة، وأنها لم تخرج عن دائرة التقليد الديني.
كما يرون أن هذه التسمية تحط من قيمة الحركة العلمية في القطيف، والتي كانت ثرية ومؤثرة في المنطقة.
وأشار الكاتب العيد إلى رأي الفريق الثالث الذي يعتبر أن تسمية القطيف بالنجف الصغرى هي تسمية خاطئة، ولم تكن لها وجود إلا من خيالات البعض، ويرون أن القطيف لم تكن نجفا صغرى، ولم يكن لها حركة علمية دينية بالمعنى والصورة التي نشهدها الآن.
ويعتقد هؤلاء وفقا للكاتب أن هذه التسمية كانت محاولة لتجسير الهوة بين القطيف والنجف الكبرى، بيد أنها في النهاية أدت إلى تجريد القطيف من إنجازاتها العلمية والفكرية، وجعلتها مجرد امتداد للنجف الكبرى.
وخلص الكاتب إلى أن تسمية القطيف بالنجف الصغرى هي تسمية ذات دلالة رمزية أكثر منها حقيقة تاريخية. فهي تعكس تقديرًا للحركة العلمية الدينية في القطيف، ولكنها لا تعكس بالضرورة الأهمية العلمية للمدينة على المستوى العالمي.